تسلَّمت المحكمة الدستورية العليا، أمس الأحد، أول طعن بعدم دستورية مادة التدابير التحفظية المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب، والتي تسمح لجهات التحقيق بتجميد أموال المتهمين في قضايا الإرهاب ومنعهم من التصرف فيها أو إدارتها، إلى جانب منعهم من السفر، بحسب المحامي خالد علي، مقدم الطعن. وأوضح علي أن محكمة جنايات جنوبالجيزة- خلال نظرها طلب النيابة العامة بالتحفظ على أموال الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في الخامس من يناير الجاري- استجابت لدفعه بعدم دستورية المادة 47 من قانون مكافحة الإرهاب التي تستند إليها النيابة العامة في طلبها، وصرحت له بإقامة دعوى بعدم دستورية تلك المادة أمام المحكمة الدستورية خلال 15 يومًا، وهو ما أدى إلى قيام الدعوى التي قيدتها الدستورية برقم 6 لسنة 42 قضائية. وقال “علي”: إن محكمة الجنايات أجلت البت في طلب التحفظ على أموال نافعة إلى جلسة 22 مارس المقبل، مشيرًا إلى أنه سيتقدم خلال تلك الجلسة بشهادة من المحكمة الدستورية تفيد بقيدها للدعوى، بما قد يترتب عليه تعليق المحكمة لأمر التحفظ على أموال المتهمين في قضايا إرهاب إلى حين فصل المحكمة الدستورية العليا في الأمر. توسع المصادرات لسرقة المعارضين ومؤخرًا وافق مجلس الوزراء، في 8 يناير، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 8 لسنة 2015 بشأن تنظيم ما يُعرف بقانون "قوائم الكيانات الإرهابية"، بصورة موسعة تلتهم جميع ما يمت بصلة لمن يصنّفه قضاء السيسي الأعوج بأنّه إرهابي، وهو التعريف المهذَّب للمُعَارض. وينص التعديل على وضع تعريف أشمل ل"الأموال" الواردة في المادة الأولى من القرار المشار إليه، بحيث تشمل جميع الأصول المالية والموارد الاقتصادية، ومنها: النفط، والموارد الطبيعية الأخرى، والمُمتلكات أيا كان نوعها، سواء كانت مادية أو معنوية، منقولة أو ثابتة، أيا كانت وسيلة الحصول عليها، والوثائق والأدوات القانونية، والعملات الوطنية أو الأجنبية، والأوراق المالية أو التجارية، والصُكوك والمُحررات المُثبتة لكل ما تقدم أيًّا كان شكلها، بما في ذلك الشكل الرقمي والإلكتروني، وجميع الحقوق المُتعلقة بأي منها، بما في ذلك الائتمان المصرفي والشيكات السياحية، والشيكات المصرفية والاعتمادات المُستندية، وأية فوائد أو أرباح أو مصادر دخل أخرى مترتبة على أو متولدة من هذه الأموال أو الأصول، أو أية أصول أخرى يحتمل استخدامها للحصول على تمويل أو منتجات أو خدمات. كما ينص التعديل على الآثار التي تترتب بقوة القانون على نشر قرار الإدراج طوال مدته، منها حظر الكيان المتهم بالإرهاب ووقف أنشطته، وغلق الأمكنة المخصصة له، وحظر اجتماعاته، وحظر تمويل أو جمع الأموال أو الأشياء للكيان سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وحظر الانضمام للكيان أو الدعوة إلى ذلك، أو الترويج له، أو رفع شعاراته. وفيما يتعلق بالإفراد فيتم إدراجهم على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول، أو منع الأجنبي من دخول البلاد، وسحب جواز السفر أو إلغاؤه أو منع إصدار جواز سفر جديد، وفقدان شرط حسن السمعة والسيرة اللازم لتولي الوظائف والمناصب العامة أو النيابية. كما نص التعديل على أن يتم تجميد الأموال أو الأصول الأخرى المملوكة للكيان، وأعضائه سواء بالكامل أو في صورة حصة في ملكية مشتركة، والعائدات المتولدة منها، أو التي يتحكم فيها بشكل مباشر أو غير مباشر، والأموال أو الأصول الخاصة بالأشخاص والكيانات التي تعمل من خلاله، وحظر تمويل أو جمع الأموال أو الأشياء للإرهابي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. سلسلة مصادرات وخلال ديسمبر الماضي، أصدرت "لجنة نهب أموال جماعة الإخوان المسلمين والكيانات المدرجة على قائمة الإرهاب” عدة قرارات سرّية بالمصادرة النهائية لأموال أكثر من 120 شخصًا من المتهمين في قضايا تمويل الجماعة وإعادة إحياء نشاطها الاقتصادي. وتأتي القرارات إثر صدور أحكامٍ نهائية من محكمة مستأنف الأمور المستعجلة، برفض التظلّمات المرفوعة من المتهمين بتمويل "الإخوان" والإرهاب، ضد قرار اللجنة، بنقل جميع الأموال والأملاك التابعة لهؤلاء المتهمين إلى الخزانة العامة للدولة، رغم صدور نحو 274 حكمًا قضائيًّا من محاكم القضاء الإداري بدرجاتها المختلفة، وعدم اختصاص محكمة الأمور المستعجلة بنظر قرارات التحفظ بالأساس. ويُعتبر توسيع سلطات القانون المعيب الذي أُقر، استجابةً لتعليمات مباشرة من دائرة عبد الفتاح السيسي، التي لم تكن راضية عن الطريقة التي أدارت بها الشركات القابضة والمؤسسات الحكومية عددًا من أكبر المؤسسات الاقتصادية، التي جرى التحفظ عليها منذ ست سنوات. وكانت معظم هذه المؤسسات قد تعرضت لخسائر فادحة، ما اضطر الإدارات الحكومية الجديدة لها إلى إغلاق بعضها وتخفيض العمالة فيها، وتقليص حجم العمل للبعض الآخر، بما في ذلك المؤسسات الاستهلاكية الناشطة في مجال تجارة التجزئة والأجهزة الكهربائية والإلكترونيات والسلع والأثاث. ومن المقرر في حال حكم المحكمة الدستورية ببطلان مادة التحفظ على أموال المتهمين بالإرهاب أن تعود ملكية الأموال والشركات لأصحابها، وهو ما قد يواجهه السيسي بتعديلات تشريعية عبر برلمانه الملاكي للتلاعب بالأحكام والقوانين.