في أخطر قرار لتقنين السرقة والتغول على أموال المجتمع بما يُهدد جميع الاستثمارات في مصر، سواء الأجنبية أو المحلية، وافق مجلس الوزراء، اليوم، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 8 لسنة 2015 بشأن تنظيم ما يُعرف بقانون “قوائم الكيانات الإرهابية”، بصورة موسعة تلتهم جميع ما يمت بصلة لمن يصنّفه قضاء السيسي الأعوج بأنّه إرهابي، وهو التعريف المهذَّب للمُعَارض. وينص التعديل على وضع تعريف أشمل ل”الأموال” الواردة في المادة الأولى من القرار المشار إليه، بحيث تشمل جميع الأصول المالية والموارد الاقتصادية، ومنها: النفط، والموارد الطبيعية الأخرى، والمُمتلكات أيا كان نوعها، سواء كانت مادية أو معنوية، منقولة أو ثابتة، أيا كانت وسيلة الحصول عليها، والوثائق والأدوات القانونية، والعملات الوطنية أو الأجنبية، والأوراق المالية أو التجارية، والصُكوك والمُحررات المُثبتة لكل ما تقدم أيًّا كان شكلها، بما في ذلك الشكل الرقمي والإلكتروني، وجميع الحقوق المُتعلقة بأي منها، بما في ذلك الائتمان المصرفي والشيكات السياحية، والشيكات المصرفية والاعتمادات المُستندية، وأية فوائد أو أرباح أو مصادر دخل أخرى مترتبة على أو متولدة من هذه الأموال أو الأصول، أو أية أصول أخرى يحتمل استخدامها للحصول على تمويل أو منتجات أو خدمات. كما ينص التعديل على الآثار التي تترتب بقوة القانون على نشر قرار الإدراج طوال مدته، منها حظر الكيان المتهم بالإرهاب ووقف أنشطته، وغلق الأمكنة المخصصة له، وحظر اجتماعاته، وحظر تمويل أو جمع الأموال أو الأشياء للكيان سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وحظر الانضمام للكيان أو الدعوة إلى ذلك، أو الترويج له، أو رفع شعاراته. وفيما يتعلق بالإفراد فيتم إدراجهم على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول، أو منع الأجنبي من دخول البلاد، وسحب جواز السفر أو إلغاؤه أو منع إصدار جواز سفر جديد، وفقدان شرط حسن السمعة والسيرة اللازم لتولي الوظائف والمناصب العامة أو النيابية. كما نص التعديل على أن يتم تجميد الأموال أو الأصول الأخرى المملوكة للكيان، وأعضائه سواء بالكامل أو في صورة حصة في ملكية مشتركة، والعائدات المتولدة منها، أو التي يتحكم فيها بشكل مباشر أو غير مباشر، والأموال أو الأصول الخاصة بالأشخاص والكيانات التي تعمل من خلاله، وحظر تمويل أو جمع الأموال أو الأشياء للإرهابي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. وتأتي الخطوة الحكومية في إطار إرهاب المجتمع المصري قبل ذكرى ثورة يناير التي يخشاها نظام السيسي، وسط دعوات مصرية عدة للنزول للميادين والشارع المصري رفضًا لاستمرار الانقلاب العسكري الذي يدمر مصر بالغلاء، والقرارات العشوائية التي تورط مصر في مغامرات عسكرية غير محسوبة. سلسلة مصادرات ومؤخرًا، أصدرت “لجنة التحفظ على أموال جماعة الإخوان المسلمين والكيانات المدرجة على قائمة الإرهاب قرارات سرّية عدة، خلال ديسمبر الماضي، تقضي بالمصادرة النهائية لأموال أكثر من 120 شخصا من المتهمين في قضايا تمويل الجماعة وإعادة إحياء نشاطها الاقتصادي. وتأتي القرارات إثر صدور أحكامٍ نهائية من محكمة مستأنف الأمور المستعجلة، برفض التظلّمات المرفوعة من المتهمين بتمويل “الإخوان” والإرهاب، ضد قرار اللجنة، بنقل جميع الأموال والأملاك التابعة لهؤلاء المتهمين إلى الخزانة العامة للدولة. وكانت الشخصيات التي صدرت قرارات تنفيذية بمصادرة أموالها، معظمهم من قيادات الصفين الثاني والثالث من الجماعة، وليس من بينهم العديد من رجال الأعمال الكبار، لكنهم يضمون بعض أصحاب المدارس والمستشفيات المتحفظ عليها منذ عام 2014. وذلك على الرغم من صدور نحو 274 حكما قضائيا من محاكم القضاء الإداري بدرجاتها المختلفة، وعدم اختصاص محكمة الأمور المستعجلة بنظر قرارات التحفظ بالأساس. وهو الأمر الذي يحمل الكثير من التبعات الاقتصادية الخطيرة على بيئة الاستثمار من عدمه، في ظلّ سيطرة حالةٍ من القلق بين الشركاء السابقين والحاليين من المستثمرين لبعض كبار رجال الأعمال المتهمين في تلك القضايا، في ظل هروب نحو 7.7 مليار دولار من مصر خلال شهر أكتوبر الماضي، إثر سياسات العسكرة التي تبتلع الاقتصاد المصري بصورة كبيرة في الفترة الأخيرة. ويُعد توسيع سلطات القانون المعيب الذي أُقر، اليوم، استجابةً لتعليمات مباشرة من دائرة عبد الفتاح السيسي، التي لم تكن راضية عن الطريقة التي أدارت بها الشركات القابضة والمؤسسات الحكومية عددًا من أكبر المؤسسات الاقتصادية، التي جرى التحفظ عليها منذ ست سنوات. وكانت معظم هذه المؤسسات قد تعرضت لخسائر فادحة، ما اضطر الإدارات الحكومية الجديدة لها إلى إغلاق بعضها وتخفيض العمالة فيها، وتقليص حجم العمل للبعض الآخر، بما في ذلك المؤسسات الاستهلاكية الناشطة في مجال تجارة التجزئة والأجهزة الكهربائية والإلكترونيات والسلع والأثاث. وهو الأمر الذي يعني حسم الخلاف بين الأجهزة الاستخبارية ودائرة السيسي الأمنية نحو مزيد من المصادرة، والتي كانت تشهد خلافات بين جهاز الاستخبارات، وهو العنصر الأبرز في دائرة السيسي، وحكومة مصطفى مدبولي التي تقترح تصفية بعض المصالح الاقتصادية المتحفظ عليها، والتصرف في أصولها بعد تنفيذ قرار المصادرة. وبحسب مراقبين، فإن هذه الخطوات التصعيدية تأتي في إطار تنشيط الصندوق السيادي الذي يراهن عليه السيسي لنهب مزيد من الأموال بعيدًا عن رقابة الأجهزة الرقابية، والتصرف في ممتلكات المصريين كما يشاء.