في قرية كفر السنابسة بمحافظة المنوفية، كانت هدير عبد الباسط خليل، 21 سنة، توازن بين حلم استكمال دراستها في معهد التمريض وبين مسؤولياتها تجاه أسرتها. كل يوم كانت تخرج فجرًا للعمل في قطف العنب بمزارع السادات، بيومية 130 جنيهًا فقط، لتدبير مصروفات الدراسة وتخفيف العبء عن أهلها. رحلت وبقي الحزن صباح الحادث، طلبت منها والدتها أن ترتاح في يوم الجمعة، لكنها ردّت بثقة وهدوء: «لا يا ماما.. علشان أحوش قرش ينفعني لما الدراسة تبدأ»، كلمات بسيطة تلخّص روح بنت مجتهدة ومطيعة، عُرفت في قريتها بأدبها وطيبتها. لكن القدر لم يمهلها؛ اصطدم ميكروباص يقلها مع زميلاتها بسيارة نقل ثقيل على الطريق الإقليمي، لتتوقف رحلة هدير فجأة، وتترك وراءها حزنًا كبيرًا وحلمًا لم يكتمل لفتاة لم تفكر سوى في مستقبلها وأسرتها.