اليوم يستكمل العدو الصهيوني ما بدأه في 3 يوليو 2013، عندما دعّم المنقلب عبد الفتاح السيسي ليستفيد عدة استفادات، أولًا في تخليص الكيان من الأزمة الديموجرافية بتواجد المصريين وأهل سيناء في الشريط المحازي لغزة والممتد من رفح والشيخ زويد حتى العريش، ثم بتوفير المياه من خلال سحارات سرابيوم، واليوم تتم الاستفادة الثالثة من دعم الانقلاب وحكم العسكر في مصر بفرض هيمنة الكيان على مصادر الغاز والحدود البحرية المصرية، بعدما التقى بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء تل أبيب، قادة اليونان وقبرص اليونانية لتوقيع اتفاق شراكة استراتيجية من شأنها تمرير خط أنابيب للغاز يصل بالغاز الفلسطيني المسروق إلى أوروبا من خلال الحدود البحرية للدولتين الأخريين، مهمشًا حضور الجانب المصري بعدما ضمن بيع حقها. وفي ديسمبر الماضي، أمّنت اليونان خط الغاز “إيست ميد” لصالح الاتفاق الذي يهمش مصر، فتنازل رئيس الانقلاب عن مساحة كبيرة من المنطقة الاقتصادية الكبيرة الخاصة بها شرق البحر المتوسط لليونان وقبرص، بزعم أن هدفهم مضايقة تركيا التي تختلف مع مصر سياسيًّا. يقول الدكتور محمد حافظ، خبير المياه المصري، معلقا على الاجتماع والاتفاق الثلاثي الذي همشوا فيه مصر: “اجتماع ثلاثي بين إسرائيل وقبرص واليونان ورمي منديل التواليت في الزبالة”. وأضاف- في تصريحات صحفية- أن تنازل السيسي عن مصالح الدولة المصرية لم تبدأ مع إعادة ترسيم الحدود مع اليونان وقبرص، ولكنها قديمة حين كان رئيسًا لجهاز المخابرات، حيث تنازل عن حقول غاز كبرى لمصلحة دولة الاحتلال الإسرائيلي إبان حكم الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك. وعن المنطقة البحرية التي ستحصل عليها اليونان بعد ترسيم الحدود وموافقة السيسي عليها، يؤكد حافظ أنها غنية جدا بالغاز الطبيعي، وسيتم اكتشافه من قبل أثينا بمجرد السيطرة عليها بشكل قانوني. ولم يستبعد الخبير المائي أن تكون اليونان قد حولت ملايين الدولارات إلى السيسي ومسئولين آخرين في الدولة المصرية، مقابل التنازل عن مساحات كبيرة من المياه الاقتصادية شرق المتوسط. تنازل للعدو التنازل الذي قدمه السيسي لليونان عن جزء كبير من الحدود البحرية يهدف إلى إجراء تحالف معها ضد تركيا، بسبب الخلاف السياسي بينهما، ولكن هذا الخلاف ستدفع الدولة المصرية ثمنه من حدودها البحرية، فالكيان الصهيوني أشاد بالسيسي وقال “هكذا يكون الصديق”. ونشرت صفحة “إسرائيل تتكلم بالعربية” منشورًا بعنوان "2019 بالصور"، قالت فيه: "الصديق وقت الضيق: في شهر مايو أرسلت مصر- وفي موقف إنساني- مروحيّتين للمساعدة في إطفاء حرائق شبت في اسرائيل بسبب موجة الحر الشديدة. وقال آنذاك رئيس الوزراء نتنياهو: "أشكر صديقي السيسي”. منتدى المتوسط ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ماذا عن منتدى غاز المتوسط الذي دشنه السيسي بوجود الصهاينة ووزير الطاقة الصهيوني القادم من تل أبيب؟ فقبل نحو عام وفي يناير الماضي، تحت ستار تحالفات الغاز الذي يشعل منطقة الشرق الأوسط شارك الوزير الصهيوني في تدشين منتدى دولي يحقق مزيدا من التشابك مع تل أبيب، وفي تصعيد واضح للعلاقة بين الحكومتين رغم استمرار الرفض الشعبي لها. ومع تأسيس ما يسمى ب”منتدى غاز شرق المتوسط” اختاروا القاهرة مقرا له وواجهة لتصدير الغاز إلى أوروبا، فانفرد به الصهاينة وقصروا التعاون فيه على اليونان وقبرص اليونانية، رغم أن بيان المنتدى التأسيسي أشار إلى فوائد كبرى تصب في مصلحة الدول المؤسسة، خاصة في مفاوضات بيع غاز دول المنطقة في الأسواق العالمية، وتأمين احتياجات الدول الأعضاء من الطاقة لصالح رفاهية شعوبهم، لكن أول ما يثيره تدشين هذا الكيان هو تكوين المنتدى الذي تشترك فيه مصر مع الاحتلال الصهيوني إلى جانب قبرص واليونان وإيطاليا والأردن وفلسطين التي لا يوجد بها مشروعات للتنقيب عن الغاز، بعدما سطت دولة الاحتلال على ثرواتها في البحر المتوسط كما سطت على الأرض. مصلحة الكيان رئيس وزراء الكيان نتنياهو وفي مطار بن غوريون الدولي وفي طريقه إلى المشاركة في قمة ثلاثية في اليونان، قال متجاهلا “منتدى غاز شرق المتوسط”: “نغادر البلاد للمشاركة في قمة هامة جدا تعقد مع الرئيس القبرصي ورئيس الوزراء اليوناني الجديد. قد شكلنا تحالفا في شرق المتوسط له أهمية كبرى بالنسبة لمستقبل دولة إسرائيل الطاقي وتحويلها إلى دولة عظمى في هذا المجال وأيضا بالنسبة لاستقرار المنطقة”. وأضاف أن “أنبوب الغاز الذي سنعمل على مده الآن والذي عمل وزير الطاقة شتاينيتز على إقامته منذ سنوات عديدة, يحدث ثورة في صورة الطاقة لدينا”. وأوضح أنه “لا نخفف أسعار الغاز ولاحقا أسعار الكهرباء فحسب, بل سندخل مئات المليارات إلى خزينة الدولة من أجل توفير الرفاهية للمواطن الإسرائيلي للمسنين وللأطفال وللصحة وللرفاهية. هذا هو أمر رائع ونحن نعمل على تحقيقه. ندفع قدما ملف الغاز وندفع قدما الإنجازات الكبيرة الأخرى التي حققناها وسنواصل تحقيقها لصالح دولة إسرائيل خلال السنوات القريبة المقبلة”. مطاردو تركيا المحلل السياسي ياسر الزعاترة كتب على حسابه على التواصل: “نتنياهو في أثينا اليوم كي يوقّع مع زعيمي اليونان وقبرص على اتفاق لمد أنبوب بحري، يتيح تصدير الغاز إلى أوروبا”. وأضاف أن “الكيان يمد أذرعه في كل اتجاه، ويبشّر بتطبيع واسع مع العرب؛ تمهيدا ل”حل إقليمي” يصفّي القضية، ويجعله سيد المنطقة. مستغربا أن كل ذلك يتم؛ فيما جماعة الثورة المضادة مشغولون بمطاردة تركيا!”.