ربما استحق بايرن ميونيخ وأرسنال ألا يخسرا في ذهاب دور الثمانية من سباق أبطال أوروبا، لكن مدربا مانشستر يونايتد وبرشلونة أهدرا فوزا ثمينا على فريقيهما. فتغييرات أليكس فيرجسون المدير الفني لمانشستر أفقدت لاعبيه السيطرة على اللقاء، فبات الفريق الإنجليزي ردا لفعل بايرن ميونيخ، عكس الشوط الأول. بالمثل، لجأ جوسيب جوارديولا مدرب برشلونة لخدعة خططية أهدت فريقه هدفين، لكنه لم يفطن إلى أنها كذلك تسببت في هدفين أعادا لأرسنال حظوظه في التأهل. هفوات فيرجسون وجوارديولا رفعت فرص بايرن ميونيخ وأرسنال في التأهل إلى 50%، وهو مالم يتوقعه من شاهد الشوط الأول في المباراتين. وقبل الخوض في التحليل، يجدر الإشارة لأن خطأ كلا المدربين لم يكن كارثيا، لكن تلك المرحلة من البطولة تبنى على تفاصيل بسيطة، ويحدد نتيجتها هفوات ليس أكثر. بايرن ميونيخ 2-1 مانشستر يونايتد ما سبب اعتبار مانشستر يونايتد مرشحا قويا لنيل دوري أبطال أوروبا رغم أن قائمته أفقر كثيرا من باقي المنافسين على اللقب؟ سر نجاح مانشستر يونايتد رغم رحيل كريستيانو رونالدو أن فيرجسون أعد الفريق بحيث لا يقل مستوى كل لاعب فيه عن 6/10. ف في كل فرق العالم، يكون بين ال11 الأساسيين لاعبا مستواه 8/10، وآخرا أقل بقليل، وثالث ليس في يومه، ومردوده لا يزيد عن 3/10. وقتها يكون متوسط نتاج الفريق 6/10 أحيانا، لكن حين يكون أقل معدل للاعب 6/10، فهذا يفسر تقديم رجال فيرجسون عروضا أقوى من مقدرتهم الحقيقية كأفراد. ولهذا السبب يتألق مانشستر خارج الديار، وسيطر على بايرن في ميونيخ طوال 45 دقيقة، خاصة أن طريقة فيرجسون تناسبت مع مدرب الفريق البافاري لويس فان جال. ف فان جال كأي مدرب هولندي لا يهاجم من العمق، بل يركز على الجناحين، إذ وضع الظهير بادشتوبر وأمامه فرانك ريبري يسارا، وفيليب لام مع حميت ألتنتوب يمينا. ولم يشكل هذا خطرا على مانشستر، لأن فيرجسون دفع بثلاثة ارتكازات في الوسط، مايكل كاريك لخلق عمق دفاعي، وبول سكولز ودارين فليتشر لحماية الظهيرين. بمعنى أن ثنائي الجبهة اليسرى في بايرن ريبري وبادشتوبر واجه ثلاثة من مانشستر هم فليتشر ولويس ناني وجاري نيفيل، وذات الأمر تكرر يسارا، فسيطر الإنجليز. ثم جاءت هفوة فيرجسون التي قلبت المباراة، حين دفع بالبلغاري دميتار برباتوف على حساب كاريك، والسبب أن مانشستر بات يعتمد على ثنائي ارتكاز فقط. محاولة فيرجسون بحسب ما أتصور كان هدفها تقديم دفاع مانشستر للأمام في محاولة لإجبار بايرن على التراجع للخلف. لكن المشكلة أن خروج كاريك جعل فليتشر وسكولز مسؤولان عن العمق الدفاعي لمانشستر وليس تغطية الطرفين كما كانا يفعلان في الشوط الأول. وقتها بات ريبري وبادشتوبر يسارا في مواجهة نيفيل وأنطونيو فالنسيا، بمعنى 2 أمام 2، وبالتالي باتت هجمات بايرن من الجناحين أخطر. ومع تحول القاطرة إفيكا أوليتش يسارا مع تمركز ماريو جوميز في العمق وريبري يمينا، استنزف مانشستر طاقته، وبات لاعبوه يفقدون الكرة بسهولة في الوسط. لكن هفوة فيرجسون لا تقلل من مجهود بايرن، والعرض المتكامل الذي قدمه الفريق البافاري في الشوط الثاني من موقعته مع مانشستر على ملعب آليانتس آرينا. فقد تحسنت خلال الشوط الثاني كل مشاكل بايرن التي منحت الشياطين الصدارة في النصف الأول من اللقاء، خاصة مستوى حميت ألتنتوب، وطريقة رقابة واين روني. فمع بداية المباراة، اعتمد فان جال على طريقة دفاع المنطقة في رقابة روني، بمعنى الأقرب من فتى إنجلترا الذهبي عليه رقابته، ما فشل تماما. سرعة واين روني كانت تكفل له الوصول للكرة قبل أي من رقيبيه مارتن ديميكلز ودانيل فان بويتن، وكل لمسة لهداف مانشستر تشكل خطرا على مرمى بايرن. لكن حين حول فان جال طريقة دفاعه لرجل لرجل مع روني تحسن الوضع، لأن فان بويتن يملك القوة لمصارعة فتى إنجلترا، لا السرعة للركض خلفه .. وطبعا مع مزج هذا بدفاع المنطقة من وسط الملعب لو تحرك المهاجم الدولي خارج منطقة الجزاء. أخيرا، سيصبح موقف مانشستر صعبا دون روني في العودة، فهو الوحيد القادر على تقديم مستوى أعلى من 6/10، ولو غاب لتحول الشياطين إلى ملائكة في أولد ترافورد. أرسنال 2-2 برشلونة حتى لو لم يكن جوسيب جوارديولا قد لجأ إلى خدعة خططية، لتفوق رجاله. لأن أرسنال تأثر نفسيا بمهارات ليونيل ميسي وبات مستعدا للخسارة من بداية المباراة. اكتساح أرسنال سببه الرئيسي إيمان برشلونة بقوته، أما الفريق اللندني كان شبيها برجل يواجه عشرة، يحاول بيده منع ما يستطيع من لكمات، لكنه لا يقوى على الرد. بداية، دعونا نوضح خدعة جوارديولا، الذي قام بتحريك نجمه ليو ميسي من موقعه المفضل في الجانب الأيمن إلى العمق تحت زلاتان إبراهيموفيتش مباشرة. استهدف بيب أن يأخذ الساحر الأرجنتيني انتباه رقيبه ومعه جايل كليتشي ظهير أرسنال للعمق، فتصبح الناحية اليمنى خاوية على عروشها، جاهزة ليغزوها برشلونة. فطوال الشوط الأول، كان ألفيش يمرح في الجانب الأيمن دون مواجهة من أرسنال، وقد صنع البرازيلي الدولي عددا من العرضيات لا يمكن حصره. هذه الفكرة من جوارديولا ربما قتلت بعضا من خطورة ميسي، لكنها أهدت برشلونة الكثير من الفرص السهلة للتسجيل بفضل انطلاقات ألفيش وبينيات شابي هرنانديز. وحين فطن أرسين فينجر المدير الفني لأرسنال إلى ما يحدث، أعطى تعليمات لسمير نصري ومواطنه أبو ديابي بالتواجد على الطرف لسد بعض المساحات أمام ألفيش. ورد جوارديولا بأن حول بيدرو من الجناح الأيسر للأيمن، فاستعاد برشلونة كثافته العددية في الهجمات، لكن باتت المباراة كلها تلعب في ناحية واحدة من الملعب. وهنا جاءت هفوة جوارديولا، فنفس الخدعة التي منحت برشلونة تفوقا كاسحا على أرسنال في الشوط الأول، أهدت المدفعجية ثغرة صنع منها تيو والكوت هدفين لفريقه. فمع انتقال بيدرو إلى اليمين، بات ماكسويل وحيدا في الجبهة اليسرى لبرشلونة، عليها شغلها دفاعا وهجوما وحده، ما أهدى أرسين فينجر فرصة للعودة إلى المباراة مجددا. مشاركة تيو والكوت في الجناح الأيمن لأرسنال فتحت للمدفعجية أبواب الأمل في التأهل إلى قبل النهائي، بعدما سجل هدفا وبدأ الفرصة التي انتهت لركلة جزاء. والآن بات من حق أرسنال الحلم بعبور البلوجرانا، خاصة أن برشلونة سيخوض العودة بخط دفاع يقوده جابي ميليتو ورافايل ماركيز، وهو ثنائي يسهل اختراقه. طبعا لازال لبرشلونة الأفضلية في التأهل، خاصة أن أرسنال خسر جهود ملهمه فرانسيسك فابريجاس وقائد دفاعه ويليام جالاس. لكن على الأقل بات للمدفعجية أملا بعدما كانوا مجرد مشاهدين لألعاب الحواة التي قدمها نجوم برشلونة إبرا وميسي وشابي، مع الاعتذار لصديقي أحمد سعيد.