بقدر سعادتي الكبيرة بتألق المحترفين المصريين في الخارج في بداية الموسم الجديد وخاصة الثنائي ميدو وعمرو زكي، بقدر ما رأيت أمرا أغضبني وأزعجني بشدة بشأن هذا التألق. فللأسف الشديد وجدت ردود أفعال الجماهير المصرية تجاه تألق لاعبينا في الخارج تحتوي على تعصب زائد غير مبرر ولا داعي له مطلقا وقد لاحظت ذلك من خلال تعليقات الجماهير على أخبار المحترفين من خلال موقع FilGoal وأيضا من خلال شريط الرسائل الذي يمر على شاشات القنوات الفضائية الرياضية. وبدلا من أن يفتخر الجمهور المصري كله بتألق لاعبينا المصريين في الخارج ويشيد بادائهم ويدعمهم ويساندهم من أجل مزيد من التطور والتألق، وجدت معظم الجماهير "تعاير" بعضها ووجدت نغمة غريبة سائدة بينهم بأن هذا اللاعب ابن الزمالك وذاك ابن الأهلي. وقد نتقبل بعض التعصب والمعايرة لجماهير القطبين بعضهما لبعض عند فوز أحدهما على الآخر، أو حتى عند هزيمة أي منهما من فريق ثالث، ولكن أن تصل حدة التعصب إلى أبنائنا المحترفين في الخارج فهو أمر لا يمكن تقبله مطلقا ولا يمكن أن يمر مرور الكرام. فمن غير المنطقي أن تصف الجماهير البيضاء عمرو زكي بأنه ابن الزمالك فزكي بدأ حياته في المنصورة وهو في النهاية ابن مصر وأي تألق له أو لأي لاعب غيره في الخارج سيكون لاسم مصر وسيقال إن لاعب مصري تألق ولن يتحدث أحد عن أسماء الأندية. ومن غير المنطقي أيضا أن نقلل من شأن احتراف عماد متعب في اتحاد جدة أو حسني عبد ربه في أهلي دبي، فكلاهما لاعبين مميزين والناديين من أكبر الأندية العربية والأسيوية، ويجب أن نساندهما ونتمنى لهما التوفيق وأن يكون احترافهما في الخليج مجرد خطوة في البداية قبل الانتقال لأندية أوروبية أكبر في المستقبل خاصة وأن العديد من اللاعبين وخاصة الأفارقة خرجوا من الدوري السعودي أو الإماراتي إلى أندية أوروبية كبيرة مثل السيراليوني محمد كالون والإيفواري عبد القادر كيتا. كما يجب ألا تقلل جماهير الزمالك من شأن متعب تحديدا وتتهمه بأنه أقل من ميدو وعمرو زكي خاصة وأن متعب طالما ما تألق بشدة أمام ناديهم وسجل في مرماهم العديد من الأهداف ولكنه يمر بمرحلة صعبة تراجع فيها مستواه ويجب أن نقف جميعا بجواره ونسانده في هذه المرحلة حتى يعود كما كان. وعلينا أيضا أن نساند بعض اللاعبين المحترفين المتعثرين في مشوارهم الاحترافي في الوقت الحالي بدلا من أن نهاجمهم أو نسخر منهم "لأنهم مش ناقصين" أمثال حسام غالي وشريف إكرامي وأحمد أبو مسلم وذلك حتى يستعيدوا مستواهم ويكونوا إفادة لمنتخب مصر. كما يجب أيضا أن نساند اللاعبين المحترفين الذين أثاروا بعض المشاكل في الفترة الأخيرة مثل عصام الحضري مع الأهلي ومحمد زيدان مع منتخب مصر لأنهم في النهاية مصريين وتألقهم سيكون لصالح منتخب مصر واسم مصر بشكل عام. وعلى الجميع أن يعلم أن اللاعب المصري المحترف يعيش في الغربة ويتحمل الصعاب ويكون دائما في انتظار كلمات التشجيع والمساندة من أبناء بلده والتي تساهم في رفع روحه المعنوية وليس كلمات الهجوم والانتقاد التي تحبط اللاعب وتؤثر عليه بالسلب خاصة وأن معظم اللاعبين المحترفين يتابعون أخبارهم وردود فعل الجماهير عليها عبر مواقع الانترنت. وقد تحدث معي في هذا الموضوع مؤخرا الثنائي أحمد حسام "ميدو" وعماد متعب، كما تحدث معي بشأنه من قبل أحمد حسن عندما كان محترفا وأخبروني أنهم دائما ما يتابعون ردود الأعضاء على الأخبار الخاصة بهم وتؤثر فيهم هذه الكلمات بشدة سواء بالسلب أو الايجاب. ولذلك يجب علينا أن ننسى ألوان الأندية التي خرج منها هؤلاء اللاعبين ونتذكر فقط أنهم منتمين لمصر قبل أن نهاجمهم ونقول أنهم لا يلعبون بروح وحماس مع منتخب مصر مثلما يلعبون مع أنديتهم في أوروبا لأننا نحن من نأخذ منهم هذا الانتماء ونذكرهم دائما بانتمائاتهم للأندية. وفي النهاية لا أريد ارتداء ثوب الواعظ الديني ولكني أناشد كافة الجماهير ونحن مقبلين على شهر رمضان الكريم بعد أيام أن يبتعدوا عن التعصب وإثارة الفتنة في هذه الأيام الكريمة، وأن يرسلوا بتعليقات محترمة وحتى ان كان بها نقد يكون نقدم محترم وبناء وليس لمجرد السخرية والاستهزاء. نقطة أخيرة بعيدا عن الموضوع: أحمد شوبير نائب رئيس اتحاد الكرة ونائب رئيس لجنة الشباب والرياضة في مجلس الشعب وأفضل إعلامي في مصر خرج علينا في برنامجه الأسبوعي وأكد مرارا وتكرارا أن منتخب مصر ضمن بالفعل رسميا الوصول للمرحلة الثانية في تصفيات كأس العالم بغض النظر عن مباراته المقبلة أمام الكونغو الديمقراطية حتى لو خسرها. ولذلك أردت توضيح هذه النقطة للجماهير وللكابتن شوبير نفسه لأن منتخب مصر في مأزق وقد يواجه خطر الخروج من الدور الأول في حال هزيمته من الكونغو حتى لو فاز على جيبوتي. ففي هذه الحالة سيصل رصيد مصر إلى 12 نقطة وفي حال فوز مالاوي على الكونغو وفوزها المؤكد على جيبوتي ستصل مالاوي أيضا إلى 12 نقطة مثل مصر والكونغو وستكون الأهداف هي الحاسمة في تحديد الترتيب النهائي للمجموعة وقد تتراجع مصر إلى المركز الثالث لا قدر الله وتخرج من التصفيات. في النهاية اذا كان الكابتن شوبير لا يعلم ذلك فتلك ستكون مشكلة كبيرة من الرجل الثاني المسؤول عن كرة القدم في مصر لأن ذلك يعني أن الجهاز الفني واللاعبين أيضا لا يعلموا ذلك وقد يخوضوا لقاء الكونغو باستهتار وتهاون لأنهم "كده كده ضامنين التأهل"، أما إذا كان يعلم ذلك ويقصد فقط طمأنة الجماهير والرأي العام فإن المشكلة ستصبح أكبر لأن الأيام المقبلة قد تثبت عكس ذلك لا قدر الله وتنكشف الحقيقة المرة ووقتها قد يحدث ما لا يحمد عقباه.