وجهان لعملة واحدة، واثنان لا ينفصلان.. المال والسلطة. مقولة تؤكدها الحملات الدعائية لمرشحى الرئاسة التى تشهد دعما قويا للمرشحين من رجال الأعمال بما يجدد المخاوف من تكرار سيناريو تزاوج المال والسلطة وإدارة رجال الأعمال لشئون البلاد من خلف الستار. خبراء الاقتصاد والعلوم السياسية يؤكدون أن ضعف الرقابة على مصادر تمويل الحملات الانتخابية مؤشر خطير لعلاقة الرئيس القادم برجال الأعمال الذين يدعمونه أو الجهات والمؤسسات التى تسانده فى الانتخابات. على سبيل المثال لا الحصر، يدير رجل الأعمال محمد مؤمن صاحب مجموعة «مؤمن» للصناعات الغذائية حملة المرشح الرئاسى الدكتور سليم العوا وينفق عليها من ماله الخاص، ويحظى المرشح الرئاسى حمدين صباحى بتأييد من بعض رجال الأعمال مثل طارق توفيق عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية والعضو المنتدب لشركة القاهرة للدواجن، الذى أكد أنه قد يدعم الحملة فى أى وقت اقتناعا منه ببرنامج المرشح الرئاسى، كما يدعم رجال الأعمال الإخوان مثل حسن مالك والمهندس خيرت الشاطر مرشحهم للرئاسة الدكتور محمد مرسى. وعن حملة أبوالفتوح، قال الدكتور محمد الشهاوى مدير الحملة إنه تم فتح حساب فى البنك الأهلى المصرى لتلقى التبرعات للحملة من المصريين فى الداخل والخارج، إضافة إلى تلقيها تبرعات من بعض صغار رجال الأعمال من أنصار أبوالفتوح. وأكد الشهاوى أن الحملة تلقت عروضا من شركات كبرى مملوكة لرجال أعمال أعضاء فى الحزب الوطنى المنحل وقوبلت هذه العروض بالرفض، مشيراً إلى اعتماد الحملة حتى الآن على الجهود الذاتية وتبرعات الأشخاص التى سيتم تخصيص جزء منها للدعاية التليفزيونية والجزء الآخر للإنفاق على المؤتمرات الجماهيرية والجولات التى يقوم بها أبوالفتوح. وأعرب مدير حملة أبوالفتوح عن قلقه من حجم التمويل الذى تحصل عليه حملتا المرشحين أحمد شفيق وعمرو موسى من بعض الشركات الكبيرة، التى تفضل أن يكون الرئيس القادم من «قماشة» النظام السابق نفسها - على حد قوله - هذا بخلاف مساندة بعض رجال الأعمال المعروفين للمرشحين الآخرين ومنهم الدكتور العوا، حيث يتلقى دعماً من رجل الأعمال المعروف محمد مؤمن صاحب محلات مؤمن الشهيرة الذى يتولى أيضاً إدارة حملته الانتخابية. ونفت يسرية رجب مديرة حملة الفريق أحمد شفيق تلقى الحملة أى تبرعات من رجال الأعمال مشيرة إلى أن هناك جهات رقابية تتابع مصادر تمويل الحملات الرئاسية وقالت «إذا كانت حملة أبوالفتوح تقول إننا نتلقى تمويلاً من رجال الأعمال فعليها أن تثبت ذلك». وحول تمويل حملة العوا قال محمد مؤمن صاحب مجموعة «مؤمن» للصناعات الغذائية ومدير حملة العوا إنه يدعم الحملة ماليا من نفقته الخاصة بعيداً عن شركته، مشيراً إلى أن مصادر الحملة لاتزال ضعيفة وهذا يظهر فى ضعف الدعاية الخاصة بالحملة وهو ما ينفى حصول الحملة على تبرعات من الشركات. وأضاف مؤمن أن الثقافة السياسية فى مصر تحول دون قيام الشركات بدعم حملات الدعاية الانتخابية، موضحاً أن عدداً كبيراً من رجال الأعمال يتجه إلى العمل الاجتماعى مثل بناء مساجد أو مستشفيات، لكن الشركات ما زالت تفتقد ثقافة العمل السياسى، بمعنى دعم مرشحين يعبرون عن مصالحهم. وقال مؤمن إن حملة العوا لم تتلق أى مبالغ مالية، سواء من الداخل أو الخارج، موضحاً أنه لا يمانع من توفير الدعم المادى لأى مرشح رئاسى بشرط توافر رقابة صارمة على تلك الأموال، وتوافر الشفافية التى تتيح إعلان مصادر تلك الأموال. وكشف مؤمن عن تلقى الحملة عرضاًً من إحدى الدول - رفض تحديدها - بقيمة 50 مليون دولار لدعم الحملة، إلا أن العرض قوبل بالرفض النهائى. وعلى الرغم من تأييد المهندس طارق توفيق، عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية والعضو المنتدب لشركة القاهرة للدواجن، لحمدين صباحى أحد أبرز المرشحين للرئاسة فإنه يؤكد أنه لا يساند الحملة مالياً، لكنه قد يفعل ذلك فى وقت لاحق. وأكد توفيق أنه لا يمانع من قيام الشركات بدعم مرشح رئاسى أو آخر مادام الأمر يتم فى إطار قانونى. وبدأت رسمياً أول من أمس الإثنين الحملات الدعائية للمرشحين الذين سيخوضون انتخابات الرئاسة، المقرر إجراؤها فى 23 و24 مايو المقبل وسط تحذير لجنة الانتخابات للمرشحين من «تجاوز الحد الأقصى للإنفاق». ويتسابق 13 مرشحاً فى انتخابات الرئاسة من أبرزهم الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، والدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، ورئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق، ومرشح الإخوان المسلمين الدكتور محمد مرسى والمرشح الإسلامى محمد سليم العوا. وستستمر فترة الدعاية الانتخابية حتى الإثنين 21 مايو المقبل، تعقبها فترة «صمت دعائى» تستمر 48 ساعة قبيل بدء الاقتراع الأول، على أن تبدأ الدعاية فى اليوم التالى لإعلان نتيجة الاقتراع الأول فى حالة الإعادة، وحتى 15 يونيو. ويحدد قانون الانتخابات الرئاسية مبلغ 10 ملايين جنيه كحد أقصى لما ينفقه كل مرشح فى حملته الانتخابية فى الجولة الأولى، على أن يكون الحد الأقصى فى جولة الإعادة مليونى جنيه. وحول تمويل رجال الأعمال لمرشحى الرئاسة قال الدكتور إيهاب الدسوقى أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات إنه من الجانب العملى لا يمكن منع رجال الأعمال من الوقوف وراء مرشح معين، لأن رجل الأعمال عادة ما تكون له مصالح يحرص على تحقيقها ويسعى لتأييد مرشح بعينه، حتى يفوز بغنائم اقتصادية وسياسية فى المستقبل إذا ما فاز هذا المرشح. وأضاف الدسوقى أن المرشح المحتمل الذى يتلقى تمويلاً من الشركات سيقوم غالبا بمنح امتيازات خاصة لهذه الشركات فى حال فوزه بالرئاسة ونتحول ولتحليل المشهد من وجهة النظر السياسية، قال الدكتور جمال سلامة رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، إن الأشخاص الذين يدعمون المرشحين الرئاسيين ينتظرون تأدية خدمات لهم فى المقابل ويكونون على علاقة وطيدة بالرئيس المحتمل من وجهة نظرهم، وهنا يأتى دور الرقابة على الحملات الرئاسية ومصادر تمويلها، غير أن غياب القانون هو الذى يؤدى إلى هذه الخروقات فى تمويل المرشحين لانتخابات الرئاسة.