جسد نحيل، يحمل فوق ظهره "حقيبة" تزن نصف حجمه، مملوءة بالأدوية التي يتجرعها لمواجهة المرض اللعين، تحتضن بين جنباتها مذكراتها المدونة في "كشكول"، تعتبرها رفيقة محنتها بعد جلسات "الكيماوي"، وبابتسامة أرهقها المرض، أمسكت القلم وأضافت سطرًا جديدًا للمذكرات، وكتبت: "اعندي.. اصبري.. ابتسمي بسخرية.. والمرض هيستسلم لإرادتك القوية". 4 أعوام مرت، وما يزال المرض يأبي ترك جسدها الضئيل، تقول "سمر يوسف" (25 عامًا)، الطالبة بالفرقة الثانية في كلية التجارة بجامعة المنصورة: "كنت باكل (طبق كشري) مع اصحابي سنة 2011، حسيت بتعب شديد ولقيت دم خارج من بوقي، نقلوني على مستشفى الجامعة، والفحوصات والتحاليل شخصت حالتي على إنها (سرطان قولون)". تضيف "سمر"، التي يناديها محبوها ب"مورا"، أن والدتها توفيت وهيّ صغيرة، وتزوج والدها من أخرى وسافر إلى الخارج، فلم تجد غير جدها لوالدتها إلى جانبها، تقول: "ديمًا يقولي مورا انا جنبك، وانتي هتخفي وتبقي أقوى، يلا قولي الحمد لله". تروي "مورا"، ل"الوطن": "بعد أيام قليلة من اكتشاف إصابتي بالسرطان، زارتني 3 من صديقاتي، ليس لمؤازرتي، لكن لإنهاء علاقتهن بي، وقالوا لي: (إحنا مش هنقدر نعرفك تاني، انتي كلها أيام وتموتي)، موافقتش على كلامهم وبكيت قدامهم، قلتلهم متسيبونيش لوحدي، انا مليش أهل وانتوا أهلي، وبعدها جالي انهيار". "شلت المرايّة من الأوضة بتاعتي، عشان مشوفش وشي من غير شعر، بعد ما وقع من جلسات الكيماوي".. قالتها "مورا"، موضحة أنها لم تتقبل في البداية مظهرها الجديد الذي فرضه عليها السرطان، متابعة: "لقيت خالي بيطبطب عليّا، وبيقولي حبي نفسك، انتي روحك أجمل، شوفي نعم ربنا عليكي واحمديه يا مورا، كان هو الصديق، وكان ديمًا ياخدني يخرجني ونتفسح سوا، وساعدني كتير لحد ما اتحسنت نفسيًا". لم تسلم "سمر" من ضربات القدر، تقول: "خفيت 7 شهور من المرض وبعدها رجعلي تاني، أهو على الأقل المرض أحسن من الصحاب مسابنيش، بعدها استقبلت رحلة علاج تانية من حياتي لكن لوحدي، بعد ما مات جدي في نوفمبر 2014، وبعدها بشهر مات خالي". تتابع "مورا": "قررت اشتغل أخصائية للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، عشان استمد منهم قوتي، ورجعت انتظمت تاني في الكلية بعد ما انقطعت سنتين، وقابلتني واحدة من زميلاتي اللي قاطعوني بعد ما عرفت بالمرض، وقالتلي انتي لسّه مموتيش، لكن ربنا أراد اني افضل عايشة واعافر".