ساعات متواصلة من الحصار لقسم شرطة القاهرةالجديدة ثانٍ من قوات الشرطة العسكرية، على خلفية مشاجرة بين ضابط بالجيش مع ضباط بكمين التجمع الأول منذ أربعة أيام، انتهت باجتماع بين اللواء أسامة الصغير، مدير أمن القاهرة، واللواء أركان حرب توحيد توفيق، قائد المنطقة المركزية العسكرية وعدد من قيادات الأمن والقوات المسلحة، انتهى باتفاق الطرفين على ضرورة تهدئة الموقف وانتظار تحقيقات النيابة العسكرية فى الواقعة وما تبعها من أحداث. «الوطن» انتقلت إلى مقر قسم شرطة القاهرةالجديدة ثان، بالتجمع الأول، وعايشت الأحداث لحظة بلحظة، حيث وجد المئات من أفراد الشرطة العسكرية وضباط الجيش، الذين حاصروا مبنى القسم من جميع الجوانب وأغلقوا أبوابه، فيما تمركزت سيارات «الجيب» الخاصة بالشرطة العسكرية فى جميع الشوارع المحيطة به، وعلى الجانب الآخر كانت الأوضاع فى قسم الشرطة يشوبها الغموض، خاصة بعد انتهاء الاشتباكات التى وقعت بين الجانبين التى استخدمت فيها الأسلحة النارية، وأسفرت فى نهايتها عن إصابة ضابط بالقوات المسلحة برصاصة فى الفخذ الأيمن، خلفت فتحة دخول وخروج وتم نقله على إثرها إلى أحد المستشفيات العسكرية. قال «حمادة. أ»، عامل بأحد المبانى المطلة على قسم شرطة القاهرةالجديدة ثان الذى شاهد الواقعة منذ بدايتها، وأكد أن الأحداث بدأت منذ الثالثة والنصف عصر أمس الأول، حيث حضرت 3 سيارات شرطة عسكرية وتوقفت أمام القسم وطلب مستقلوها من الموجودين بالمنطقة الابتعاد عن القسم وعدم المرور من الشارع أمامه، وأغلقوا الشارع من الجانبين، وقال أحدهم للمارة: «ماحدش يعدى من هنا.. كله يبعد عشان فيه قوات جيش جاية دلوقتى لإن فيه ظابط زميلنا ضربوه ظباط الشرطة إمبارح». وأضاف شاهد العيان أنه بعدها بأقل من نصف ساعة حضرت 3 أتوبيسات تابعة للقوات المسلحة ممتلئة بالضباط والأفراد، «حوالى 200»، وأعقبهم عدد آخر بسيارات الشرطة العسكرية، حتى وصل عددهم لأكثر من 700، وتجمعوا أمام القسم وحاصروه وحاولوا الدخول إلا أن قوات الشرطة تصدت لهم، وقام الضباط والأفراد على الفور بإغلاق الأبواب أمامهم والتحصن بالمبنى، إلا أن بعض الضباط من الجيش لاحظوا قيام أحد الأشخاص بالتصوير من أعلى مبنى القسم بكاميرا يحملها فى يده، فقاموا بالصياح، وأخرج أحدهم سلاحا ناريا وأطلق رصاصة فى الهواء، وهو ما قابله أفراد وضباط القسم بإطلاق الرصاص، حتى أصيب أحد ضباط الجيش وقام زملاؤه بنقله بسيارة شرطة عسكرية إلى المستشفى. وأضاف الشاهد أن إصابة ضابط الجيش أثارت حفيظة زملائه الذين كرروا محاولتهم لاقتحام القسم، وقام بعضهم برشقه بالحجارة، حتى اختفى من اعتلوا سطح القسم من عليه، وهدأت الأوضاع قليلا حتى شاهد ضباط الجيش ضابطا يحاول التسلل من القسم فأمسكوا به إلا أنه تمكن من الفرار منهم لكن سرقت الطبنجة الخاصة به، فقامت الشرطة بإطلاق قنبلة غاز، قام ضباط الجيش بردها داخل القسم مرة أخرى. أحد ضباط الشرطة الموجودين بالقسم وقت الأحداث -رفض ذكر اسمه- قال ل«الوطن»، إن من كان يصور الأحداث ينتمى لجهة سيادية، وأن ما حدث لم يكن متوقعاً ولم يكن له سبب كافٍ، مشيراً إلى أن ضباط الجيش تجمعوا أمام القسم ليرهبوا أفراد الشرطة، وذلك بعد أن تم صدور قرار من الشرطة العسكرية بحبس زميلهم الذى اعتدى على ضباط الكمين بالاستعانة بزملائه وحطموا سيارة «البوكس» واستولوا على دفاتر الكمين، لمدة 15 يوما على ذمة التحقيقات، وأن الرصاصة التى أطلقها ضابط الجيش فى الهواء تسببت فى تأجج الموقف، مشيراً إلى أن الشرطة تحترم الجيش لأنهما يعملان فى «مركب واحد». ويقول المهندس صبرى إبراهيم، مهندس بترول، ويمتلك مركز صيانة سيارات فى المنطقة المجاورة للقسم، إن ما حدث اليوم سببه الضباط الصغار، مشيراً إلى أنها ليست المرة الأولى التى يتسببوا فيها فى وقوع أزمات، حيث أنهم فى شهر رمضان الماضى حضر أحدهم إلى مركز الصيانة الخاص به وطلب استلام سيارة عميل دون أى إثبات أنها تخصه، واستعان بعدد من الضباط والأمناء فى ترويع العاملين، ونحن نطالب الداخلية بالسيطرة على صغار الضباط خاصة أبناء القيادات منهم. وقال طارق صقر أحد شهود العيان فى المنطقة وقت الحادث، إنه بعد تجمع ضباط الجيش أمام القسم، وقف ضباط ومجندو الشرطة يلوحون بإشارات بذيئة إلى ضباط الجيش، وبدأوا فى إطلاق النار عليهم والغازات المسيلة للدموع وبدأت قوات الجيش فى قذف الحجارة، ولكن ضباط الجيش كانوا واقفين بهدوء منذ البداية، ولكن بعد أن استفزهم ضباط الشرطة عاد ضباط الجيش مرة أخرى وحاصروا القسم. واحتشد العشرات من المواطنين أمام قسم الشرطة معلنين تضامنهم مع ضباط الجيش ومطالبين بتطهير الشرطة من الضباط الفاسدين، وهتفوا «الجيش والشعب إيد واحدة»، وحاولوا الوصول إلى أبواب القسم إلا أن قوات الشرطة العسكرية أحاطتهم وقام بعض القيادات بتهدئتهم، مؤكدين لهم أنه لا يوجد من يستطيع المساس بالجيش المصرى، فى الوقت الذى قام فيه أحد الجنود بملابس الجيش «الميرى» بالتسلل بين المواطنين المتجمعين وأخذ يصور الأحداث بكاميرا فيديو، وعندما سألناه: «انت بتصور الناس دى ليه؟»، فرد ساخرا: «عشان نقبض عليهم بعد كدة»، وأوضح أنه يتبع الشئون المعنوية بالقوات المسلحة. وبعد أن ساد الهدوء أرجاء المكان، لأكثر من نصف ساعة، عادت الحركة من جديد لسيارات الشرطة العسكرية «الجيب»، وكانت تتجمع للتأهب للانصراف، وقال أحد قادة الجيش الموجودين أمام القسم: «صدرت أوامر من القيادة المركزية بالانصراف»، ليخرج بعدها مدير أمن القاهرة، وعدد من قيادات الأمن، ويغادر المكان بعد عودة الهدوء التام وانصراف جميع الموجودين أمام القسم. وقال اللواء أسامة الصغير، مدير أمن القاهرة، ل«الوطن»: «فى ضوء التهدئة بين الطرفين قامت أجهزة الأمن ببذل كافة جهودها لاحتواء الموقف»، مؤكدا أن الجيش والشرطة «يؤديان رسالة واحدة، والجميع يجب أن يعمل لمصلحة الوطن»، موضحاً أن ما حدث «زوبعة فنجان» بعد مشكلة «بين صغار الضباط تعود ل4 أيام ماضية بسبب سيارة أحد ضباط القوات المسلحة»، مشيراً إلى أن الأمر «لم ولن يصل إلى ما يستحق وصفه بالأزمة بين الجيش والشرطة»، وعن الإجراءات التى تمت لاحتواء الموقف قال الصغير «تم التفاهم مع قائد بالقوات المسلحة على إحالة المحاضر التى حُررت بشأن الواقعة الأصلية وما بعدها إلى النيابة العسكرية، واتفق الجميع على انتظار نتيجة التحقيقات وما ستسفر عنه»، مضيفا: «هناك تلفيات وقعت فى مبنى القسم عبارة عن تحطيم بعض الزجاج فى النوافذ والأبواب، نتيجة رشق القسم بالحجارة، وأن العمل عاد لطبيعته داخل مبنى القسم».