شقيق أيمن: ما حدث في القرية لم يكن إلا «ساعة شيطان» أكد يوسف توفيق، أن بيته مفتوح للجميع وللمسلم قبل المسيحى، مشيراً إلى أنه استُقبل بالأحضان من أبناء القرية والمشايخ، وأن جيرانهم المسلمين كانوا يروون الأرض فى غيابهم، متابعاً: «لما كنا غايبين عن البلد كان اللى بيسقى لينا الأرض إخواتنا المسلمين، ويعزقوها، والبهايم كانت عند عمى». جاء ذلك فى الوقت الذى كانت تتوافد فيه الزيارات على منزل «توفيق» فى حراسة أمنية مشددة، وتولى نجله الأكبر «عماد» يتولى إعداد وتقديم «الشاى» للزائرين من أهل القرية. يتوقف عماد قليلاً قبل أن يقول: "لا نعرف التفرقة بين مسلم ومسيحى فى القرية، فالجميع هنا «إيد واحدة»، يتشاركون فى الأحزان والأفراح، وما حدث لا يمت لأهل قريتنا المسلمين بصلة، فنحن نعرفهم جيداً، ونعلم محبتهم واحترامهم لنا، كما أن غالبيتهم حزنوا عند رحيلنا من القرية، وما حدث لم يكن إلا «ساعة شيطان» أو«زوبعة فى فنجان»، لأننا نعيش هنا طول عمرنا فى محبة وسلام. وسنعيش فى محبة وسلام أيضاً بقية عمرنا. وأضاف «عماد»: «شقيقى أيمن أكد لنا أن تليفونه اتسرق منه، وأنه ليس هو من نشر هذه الرسوم على فيس بوك، لأنه حتى لا يعرف القراءة والكتابة». ووجه عماد رسالة لشقيقه أيمن قائلاً: «الله يسامحك على اللى عملته فينا وفى البلد، وسواء كنت أنت اللى نشرت كده، أو اللى سرق منك التليفون، لكن مش هنقدر نقول غير الحمد لله إن الأمور عدت بسلام». بداخل حوش المنزل البسيط المحصّن بقوات الشرطة خارجه، تجلس النسوة بينما فى الغرفة المجاورة للحوش تستقبل الأسرة المسيحية (العائدة بتوصيات وجهود المسئولين) رجال القرية.. وعلى الأريكة البسيطة يجاور حسن معتق فريج (60 عاماً) أحد فلاحى القرية المسلمين صديق عمره ورب الأسرة المسيحية «توفيق»، يتبادلان الحديث عن الماضى بما اشتمله من مشاركة فى الأفراح والأحزان والمناسبات، تتعالى أصوات ضحكاتهم الممزوجة ب«طرقعة» الكف على الكف، قطع «معتق» كيلومترين لزيارة صديق عمره «توفيق»، بعدما سمع أنباء عودته إلى القرية بصحبة قوات الأمن: «أنا لما سمعت إنهم رجعوا جيت رَمح، وأنا أصلاً من العرب فى طرف القرية بعيد لكن الأخوّة أكبر من المسافات ده إحنا جيران فى الغيط». ويروى سمير سيد حسن، موظف بالأوقاف وخطيب مسجد الإيمان، ما دار فى اجتماعات كبار العائلات فى القرية، قائلاً إن أهالى القرية اجتمعوا بعد نشر صورة مسيئة للرسول وانتشار الغضب بين شباب القرية، واختاروا الوحدة الصحية بالقرية مكاناً للاجتماع الذى ضم عدداً من كبار العائلات ورب الأسرة المسيحية المتورط ابنها فى نشر صورة مسيئة للرسول، وكذلك حضر عمدة القرية والقس هاتور راعى الكنيسة، مشيراً إلى أن راعى الكنيسة اعتذر للجميع عما بدر من «أيمن» وأنه طالب بأن يحصل كل شخص على حقه وأن يعاقب المتسبب فى الأزمة، وأن يحرر محضراً ضد شخص «أيمن» فى القسم وليس أن يصب الغضب على كامل أسرته، وأن يتولى الأمن وجهات التحقيق تنفيذ العقوبة الرادعة على من يريد إشعال الفتنة ومعاقبته. وتابع خطيب المسجد: «والد أيمن رجل طيب وعينى ذرفت الدموع على الراجل وهو بيعتذر للصغير قبل الكبير، وقال لهم لو جالى أنا اللى هاسلّمه بنفسى ليكم»، مشيراً إلى أنه قدم الاعتذار لكل من حضروا الاجتماع الكبير قبل الصغير، لكن الأحداث تجددت لعدم مسح الصورة فحضر الأمن الأربعاء الماضى وسيطر على الموقف، وبعدها غادرت الأسرة من القرية حفاظاً على سلامتها.