قبل 10 أيام كانت قرية كفر درويش، التابعة لمركز الفشن جنوب بنى سويف، هادئة يعيش مسلموها ومسيحيوها جنباً إلى جنب فى الشوارع وفى «الغيطان».. لم يظهر بها سوء معاملة أحد للآخر، وكما يرددون دائماً بلهجتهم الريفية «المسلم والمسيحى نفر واحد»، لكن سرعان ما تعكر صفوها بحجر ليس من خارج القرية فقط، إنما من خارج مصر. «صورة مسيئة للرسول» نشرها أحد أبناء القرية على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، لتثير غضب مسلميها وتتداعى فيها الأحداث إلى أن تصل لتهجير أسرة الشاب من القرية لعدة أيام، وتتحول القرية الهادئة بأطرافها الخضراء إلى ثكنة عسكرية، ينتشر فيها الجنود المدججون بالسلاح وعرباتهم المصفحة لضبط الأمن داخل القرية التى أوشكت على الاشتعال بنار الفتنة. منزل بسيط مكون من طابقين، مفتوحة أبوابه على مصاريعها لاستقبال الجيران الذين توافدوا من بداية النهار إلى حلول الليل لتهنئتهم بالعودة إلى القرية فى حراسة أمنية مشددة من مئات الجنود والأفراد الذين انتشروا فى كل أرجاء القرية و«غيطانها»، بينما يقف يوسف توفيق 75 عاماً يستقبل جيرانه ومهنئيه على عودته إلى القرية وانتهاء الأزمة التى أشعلها نجله «أيمن» الذى يعيش فى الأردن: «جدّى وجدّ جدّى من القرية وعايشين مع بعض من زمان الزمن إخوات ومفيش حاجة، بس هو الشيطان». بهذه الكلمات استهل والد «أيمن» حديثه عن الأزمة التى بدأها نجله منذ أيام قليلة بصورة مسيئة للإسلام أشعلت نار الفتنة فى القرية، مشيراً إلى أن نجله لم يعرف القراءة والكتابة ولا يجيد استخدام «الفيس بوك»، مؤكداً أن هاتفه فُقد منذ 6 مايو الماضى بينما نشرت الصورة المسيئة للإسلام يوم 15 مايو، أى بعد 9 أيام من فقدانه الهاتف، مرجحاً أن يكون شخص غريب هو من استغل الهاتف فى نشر تلك الصورة. ويضيف «توفيق» أن أبناءه جميعاً لم يحصلوا على حظهم من التعليم وأن علاقاتهم بالإنترنت ضعيفة، وأن نجله «أيمن» يعمل مزارعاً بإحدى المزارع فى الأردن ولا يفقه فى صفحات التواصل الاجتماعى شيئاً، متابعاً: «يعنى لو كان هو اللى عملها يبقى عملها من غير قصد إنما تليفونه المحمول ضاع قبلها بأيام»، مشدداً على أن «أيمن» لم يحصل على أى شهادة تعليمية وأنه «يدوب بيفك الخط»، موجهاً شكره لمحافظ بنى سويف وعمدة القرية والعقلاء فى القرية الذين تدخلوا وأعادوه إلى بيته وأرضه بعد أن عانى هو وأسرته المكونة من 19 فرداً من المبيت فى غرفة كبيرة بالمنيا خلال الأسبوع الذى قضاه خارج القرية، مؤكداً فتح صفحة جديدة مع إخوته المسلمين بالقرية.