الحرب على الرئيس تتصاعد: الذين «ينافقون» هم الأخطر.. أما «المتربصون» فهو كفيل بهم، فللسيسى رب يحميه، وشعب يراهن عليه. عقلاء بدأوا يتحدثون عن أن هناك «مؤامرة صامتة» لإسقاطه!. فى الظروف العادية: يصعب القول إن نقد الرئيس، حتى إذا كان بسوء نية، «مؤامرة». الآن وقد أصبح للمؤامرة اسم هو «الربيع العربى»، وآباء كثيرون يتراوحون فى النفوذ والأبّهة بين دولة عظمى مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية، ونخلتين وخيمة مثل قطر.. الآن وقد أصبح للمؤامرة أبناء سفاح يرتعون فى العراق وسوريا وليبيا واليمن، وابنة كسيحة فى مصر يسمونها «25 يناير»، ومخاض متعثر فى السعودية، وأصبحت صور الخراب والدمار والأشلاء المتناثرة ووجوه النازحين من بيوتهم ومدنهم «علامة تجارية».. الآن، لا تستطيع أن تمارس حقك فى نقد الرئيس دون أن نسألك: من أنت لتنتقد، ولحساب من، وبأى دافع، وكم «عمولتك» أو حصتك من الكعكة، وأين يصب هذا النقد فى النهاية؟!. فى الظروف العادية: يصعب إسقاط الرئيس -أى رئيس- حتى إذا تآمر عليه طوب الأرض، فالرؤساء فى مصر أتوا جميعاً -باستثناء الخائن محمد مرسى، والمؤقتيْن صوفى أبوطالب وعدلى منصور- من غرفة مسحورة، مغلقة على أسرار الدولة العميقة، هى المؤسسة العسكرية. ومن ثم فسقوطهم يعنى سقوط هذه الدولة. الآن، ينسق الخارج -دولاً وأجهزة- مع كل مرتزقة الداخل: فلول عصابة الإخوان، وخونة 6 أبريل، والاشتراكيين المعفنين، وغيرهم من شراذم وفضلات الكسيحة «25 يناير»، لإسقاط هيبة الرئيس، ثم إسقاطه هو شخصياً، ثم إسقاط الدولة لتلحق بطابور ضحايا المؤامرة الأم، وحددوا أكثر من ساعة صفر... آه والله!. هؤلاء، فى الحساب النهائى، وأياً كان حجمهم وبجاحتهم وعلوّ صوتهم، لا يساوون ساعة واحدة من عمر الدولة المصرية، ولا يساوون صفراً فى معادلة الحكم. لكن وجودهم ضرورى ليظل خوفنا على مصر وحبنا للرئيس راسخين، ولكى لا تغيب عن أذهاننا صورة «الخائن»، ولكى تصبح «الخيانة» -تماماً مثل «الوطنية»- معياراً صريحاً ومشروعاً للحكم على مواقف أشخاص.. يتحركون بيننا ويملأون فضاءنا صخباً ولغطاً، وهم فى حقيقتهم «طابور خامس»!. فى السياسة.. فى الاقتصاد.. فى الإعلام.. فى نخبة المثقفين.. فى مؤسسات الدولة.. فى كل الدوائر المحيطة ب«شخص» الرئيس، هناك من يستكثر عليه أن يمر عام وهو ما يزال جالساً على مقعده، وما يزال فرساً رابحاً ومنزهاً فى سباق صعب، يتنافس فيه الشرفاء -وهم قلة- لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. كيف تنتقد الرئيس من دون أن تكتشف فى النهاية أنك أعطيت خصوم الرئيس حجة لإسقاطه، أو سلاحاً لهدم إنجازه، وهو فى الحقيقة أقل مما توقع محبوه؟. هذا هو السؤال.. وأى سؤال!!. أنا من جهتى، وبصفتى مواطناً عادياً أخاف على مصر وأحب الرئيس، أضع أمامه لائحة أسئلة تحيرنى، وتحير الكثيرين، وكلى أمل أن ينهى عامه الثانى فى الحكم وقد أجيب عنها. أولاً: متى يكون للرئيس «رجال»؟. هذه ظاهرة مشروعة فى كل أنظمة الحكم، لا فرق بين أمريكا وجزر القمر. كل رؤساء مصر، بمن فيهم رئيس عصابة الإخوان، كان لهم «رجال»، وكانوا «رجال دولة» بحق، باستثناء الخائن محمد مرسى، وأنا واثق من أن «السيسى» لن يسمح ل«رجاله» -عسكريين أو مدنيين- أن يتحولوا إلى «بطانة سوء» تعزله عن شعبه. ثانياً: بما أن الرئيس «مؤدب» ولا يميل بطبعه إلى الحلول التصادمية، فعليه أن يختار جهازاً تنفيذياً صارماً، شرساً فى تعامله مع مسئوليه ومع المواطن فى الوقت نفسه... وبالقانون. ليس عيباً أن يمثل الرئيس معسكر «الحمائم» لكن إدارة مصر، وما أدراك ما مشاكل مصر، تحتم عليه أن يستعين بمعسكر «صقور»، ومصر ولادة. ثالثاً: على ذكر الحمائم والصقور.. لماذا لا يجيب الرئيس -صراحة- عن سؤال الفريق أحمد شفيق؟. إن كان لا بد من «صقر» فى دولاب حكم السنة الثانية فليس أفضل من أن يكون «شفيق» رئيساً للحكومة، وكفى المصريين شر «محلب» وطاقمه الفاشل. رابعاً: إذا كان الرئيس قد نجح أثناء توليه حقيبة «الدفاع» فى إعادة الروح إلى قواتنا المسلحة.. فلماذا لا يولى اهتماماً كافياً ب«الداخلية» وقد بدأت المسافة بينها وبين الشارع المصرى تتسع فى الأشهر الأخيرة؟ هناك شكاوى لمواطنين غلابة. هناك تجاوزات. هناك استهتار من قبل ضباط صغار.. وكبار أحياناً. هناك مافيا أمناء الشرطة، وهناك دماء شهداء تملأ المسافة بين الحق والواجب. خامساً: متى يحسم الرئيس معاركه فى الداخل؟. متى يكسر أعناق رجال الأعمال؟. متى يطهر الإعلام؟. متى يقول للمسئول فى جهازه الإدارى «كن.. فيكون»؟. متى يصدق الرئيس أنه «رئيس»، وأن له رباً يحميه وشعباً يراهن عليه ويبلع له الزلط ولن يسمح للمرتزقة والهتيفة وتجار الثورات أن يدوسوا على طرف ثوبه؟. متى يدرك أن «الخارج» ليس طرفاً، ولن يكون طرفاً فى معادلة الحكم، حتى إذا سبّح بحمده؟. متى ومتى ومتى.. إنا لمنتظرون!.