ثلاثة أيام لا تكفى حداداً يا سيادة الرئيس. اجعلها مائة يوم. اجعلها كل سنوات حكمك. لا تسمح لمخلوق أن يحدثك عن «مصر أخرى» إلا مصر التى تحارب. مصر لم تعد تلد رجالاً كثراً كالذين استشهدوا يا سيادة الرئيس. هؤلاء ليسوا بشراً عاديين، بل طينة أخرى لا يعرف سرَّها سواك. هؤلاء لا تكفيهم ثلاثة أيام حداداً ولا يعوض غيابهم قصاص، ف«بيادة» أى منهم أشرف وأقدس من كل اللحى والعمائم، وكل الذين قالوا «لا إله إلا الله» وفى قلوبهم مرض. خذ وقتك يا سيادة الرئيس. خذ ولاية رئاسية. خذ ولايتين. خذ من «مصر» مائة عام وأعِدْها لنا نظيفة، جميلة، مبدعة، لا مكان فيها لخائن أو إرهابى أو نصف رجل. لن نسألك عن طعام أو هدوم أو علاج أو وقود يا سيادة الرئيس. لن نسألك إلا عن مصر التى تموت بحسرتها كل يوم. لا تخطب فينا. لا تعزِّنا ولا تواسِنا ولا تحدثنا عن مؤامرات. فقط: أعِدْ لنا مصر يا سيادة الرئيس. اجعلها تضحك و«تناغش» وتحلّق وتغنى وتكتب شعراً وتشرب شاياً على نيلها.. ف«مصر» تعبت كثيراً وأُهينت كثيراً وبكت كثيراً، وآن لها أن تفرد ساقيها وتطمئن. مصر فى ظهرك يا سيادة الرئيس. مصر حولك أنت وجيشك، ولن تحاسبك على خطأ، فكل الذين سبقوك أخطأوا وقصّروا وكفاهم الله شر «أصدقائهم». مصر حاربت أكثر مما سالمت، وفقدت أكثر مما ربحت، وغضبت أكثر مما ضحكت، وشافت أياماً سوداء، عصيبة، وطوال سبعة آلاف سنة.. ماتت وانتفضت مئات المرات: هذا قدرها يا سيادة الرئيس، وتلك لحظتك. اترك مقعد الرئيس يا سيادة الرئيس، وارتدِ بدلة «الجندى» عبدالفتاح السيسى. مصر لن تهنأ بمشروعات عملاقة ولا شبكة طرق إلا إذا طهّرتها من جاهليّتها. مصر لن تهنأ بانتخابات برلمانية إلا إذا «فرزت» وتخلصت من كل الخونة والهتّيفة وتجار الدين والثورة، واصطفت وراء جيشها.. فلا وجود ل«مصر» من دون «جيش» يا سيادة الرئيس. ملعون أبوالرئاسة إذا كانت قد شغلتك عن حماية مصر وأنستك «تفويضنا» لك بالقضاء على إرهاب عصابة الإخوان وحلفائها. ملعون أبوالرئاسة إذا كانت قد جرّأت عليك وعلى شهدائك سفهاء الديمقراطية ومرتزقة حقوق الإنسان وكل كلاب السكك. ملعون أبوالكتابة نفسها إذا مسّت شعرة فى رأسك أو رأس أحد جنودك يا سيادة الرئيس، فكل الكتابة -من «نون والقلم» إلى «ياء الملكية»- لا تدارى صوت اصطدام القذيفة برخام صدر الشهيد، ولا تساوى آهة أم وحرقة قلب زوجة الشهيد، ولا تجيب عن سؤال الفقر فى عينى طفل الشهيد يا سيادة الرئيس. لا تكتفِ ب«سيناء»، ولا تأخذك بأهلها رحمة إن كانوا عبئاً عليك وعلى جيشك ودولتك. أنذرهم، وأكرم ضيافة من يسمع كلامك منهم ويعينك على حمل أمانتك، ومن لا يستجب خذه بذنبه، وأحرق يابسها وأخضرها. لا تكتفِ ب«سيناء» يا سيادة الرئيس، وأعلن مصر من أسوانها إلى مطروحها «ثكنة عسكرية» إذا لزم الأمر، وتُقطع اليد التى تكتب حرفاً ضدك.. يُقطع اللسان الذى يتجرأ ويسألك: «بتعمل إيه؟». سنربط حجراً على بطوننا. سندهن زجاج نوافذنا بالأزرق. سننام ونصحو قبلك. سننضبط كقنابل موقوتة تنتظر ضغطة زر. ضع الأخلاق جانباً وكن فاشياً يا سيادة الرئيس. اقتل كل أعداء دولتك التى تحلم بها.. إنهم كفار. إنهم صهاينة، بل أشد خطراً وحقارة، ولا تنسَ أن تعيد «كلاب الداخل» إلى مواسير الصرف التى خرجوا منها. لا تكن مؤدباً يا سيادة الرئيس، فعدوك لن يهدأ قبل أن يهدم المعبد فوق رأسك. أكتب إليك وأنا أبكى شهداء مصر. أكتب إليك وأنا أشكو إلى الله ضعفى وقلّة حيلتى. أكتب إليك وأنا ألعن الكتابة وأشعر أننا جميعاً -بما كتبنا وسنكتب- لا نساوى حرفاً واحداً فى اسم شهيد. فباسم كل شهداء مصر.. باسم هؤلاء الرسل المدججين بقبس من نور الله: أعِدْ لنا مصر التى نحلم بها. مصر التى لا نكاد نلمس جوهرها حتى نفقده.