عاجل |خفض سعر رغيف الخبز السياحي في الأسواق.. الشعبة تكشف    مندوب روسيا بمجلس الأمن: الشرق الأوسط على شفا الهاوية جراء التصعيد الإقليمي في المنطقة    جوتيريش: العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة خلفت جحيما مستعرا    موقف شيكابالا من تعويض غياب زيزو المحتمل أمام دريمز الغاني    استعد يا بطل..امتحانات الثانوية العامة 2024 بعد أخر تعديل من وزارة التعليم    مدير تعليم دمياط يشهد ورش عمل مخرجات ونواتج الأنشطة الطلابية لمدارس ميت أبو غالب    انخفاض الأسعار مستمر.. غرفة الصناعات الغذائية تزف بشرى للمواطنين    نجم منتخب غانا، ليفربول يستقر على بديل محمد صلاح    تعادل إيجابي بين الاتحاد وسيراميكا في الشوط الأول    للمرة الثانية على التوالي.. محمد شريف يقود هجوم الخليج أمام التعاون    البنك الأهلى.. إصابة" أبوجبل" اشتباه في قطع بالرباط الصليبي    مدرب شيفيلد يونايتد يهاجم الاتحاد الإنجليزي بسبب مباريات الإعادة    مجلس النواب يعقد أولى جلساته فى العاصمة الإدارية الأحد المقبل    بسبب خلافات مالية.. مسجل خطر يقتل عامل بالسلام    بعد تغيبه.. العثور على جثة طفل غريق داخل ترعة في قنا    قبل عرضه في السينمات.. كل ما تريد معرفته عن فيلم «السرب» وأبطاله    «القومي لثقافة الطفل» يحتفل باليوم العالمي للتراث غدا    «ثلاث مخرجات يحفظن ماء وجهنا بمهرجان كان»    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    2022 شهد انخفاض النسبة إلى 0.38%.. «الصحة»: فحص أكثر من 60 مليون مواطن وعلاج أكثر من 4.1 مليون حالة بمعدل شفاء 99%    ترامب يهاجم المحلفين المحتملين: نشطاء ليبراليون سريون يكذبون على القاضى    عضو ب«مستقبل وطن» يطالب الحكومة بتطوير الجزر الصناعية: تعزز النمو الاقتصادي    طارق شلبي : مرسى علم ضمن أفضل 10 شواطئ في العالم    النيابة تخلي سبيل 3 متهمين بالاتجار في النقد الأجنبي بالرحاب    129 متدربا اجتازوا 4 دورات بختام الأسبوع 31 من خطة المحليات بمركز سقارة    مسئول بأوقاف البحر الأحمر: زيارة وكيل مطرانية الأقباط الكاثوليك تعزز روح المحبة    بيلينجهام يمدح حارس الريال بعد التأهل لنصف نهائى دورى أبطال أوروبا    يسهل إرضاؤها.. 3 أبراج تسعدها أبسط الكلمات والهدايا    تعاون ثقافي بين مكتبة الإسكندرية والمكتبة الوطنية البولندية    مفتي الجمهورية يفتتح معرض «روسيا - مصر..العلاقات الروحية عبر العصور» بدار الإفتاء..صور    بعد انتهاء شهر رمضان .. جودر يتصدر نسب المشاهدة في مصر    الاتحاد الأوروبي: نرفض أي عملية عسكرية في رفح الفلسطينية ونخشى حدوث كارثة    توفيق السيد ردًا على أحمد سليمان: لم أجامل الأهلي والدليل نيدفيد    جامعة كفر الشيخ تستضيف المؤتمر السنوي السادس لطب وجراحة العيون    قافلة طبية تخدم 170 مواطنًا بقرية الحمراوين في القصير البحر الأحمر    لو هتخرج من بيتك.. 5 نصائح لأصحاب الأمراض المزمنة أثناء التقلبات الجوية    الطاقة الإنتاجية لصناعة البتروكيماويات الإيرانية تزيد عن 100 مليون طن    بعد طرحها بساعات.. الترجي يعلن نفاد تذاكر مباراة صنداونز في دوري أبطال أفريقيا    شوقي علام يفتتح أول معرض دولي بدار الإفتاء بالتعاون مع روسيا (صور)    زاخاروفا: مطالب الغرب بتنازل روسيا عن السيطرة على محطة زابوروجيا ابتزاز نووى    وفاة معتمرة من بني سويف في المسجد النبوي بالسعودية    طقس سئ.. غبار رملي على الطرق بالمنيا    تأجيل محاكمة حسين الشحات في واقعة ضرب الشيبي لجلسة 9 مايو    5 خطوط جديدة خلال الربع الأول من العام تستقبلها موانئ دبي العالمية السخنة    وكيل الأزهر يتفقد التصفيات النهائية لمشروع تحدى القراءة في موسمه الثامن    وكيل صحة قنا يجتمع مديري المستشفيات لمناقشة اللائحة الجديدة وتشغيل العيادات المسائية    مدفوعة الأجر.. الخميس إجازة للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة عيد تحرير سيناء    إعادة تشكيل الأمانة الفنية للمجلس الأعلى للتعريفة الجمركية    إحالة 30 من العاملين بالمنشآت الخدمية بالشرقية للتحقيق    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبى جرائم الاتجار غير المشروع بالعملة الأجنبية    "الوزراء" يوافق على تعديل بعض أحكام قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية    وثائق دبلوماسية مسربة.. البيت الأبيض يعارض الأمم المتحدة في الاعتراف بدولة فلسطينية    دعاء العواصف.. ردده وخذ الأجر والثواب    ردد الآن.. دعاء الشفاء لنفسي    وزير التعليم العالي يبحث تعزيز التعاون مع منظمة "الألكسو"    بلدية النصيرات: غزة تحوّلت إلى منطقة منكوبة جراء حرب الإبادة الإسرائيلية    التضامن تعلن فتح باب سداد الدفعة الثانية للفائزين بقرعة حج الجمعيات الأهلية لموسم 2024    علي جمعة: الرحمة حقيقة الدين ووصف الله بها سيدنا محمد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منال الطيبى تكتب : ثورة أم مؤامرة أم انقلاب
نشر في الوادي يوم 01 - 01 - 2014

يصعب على البسطاء فى بلادنا التفكير المركب المتشابك والمتداخل العوامل والأطراف والذى يأخذ كل ذلك فى الحسبان من قبل أن يصل إلى أية استنتاجات، فهذا يرهقهم كثيرا، هم يفضلون معادلة سهلة وبسيطة من مثل 1+1= 2، لكن إذا واجهتهم بمعادلة أقل بساطة من مثل ×(2+3)1+1 فالأغلب الأعم أنهم لن يكملوا حتى قراءتها، فما بالك بمحاولة حلها. وبنفس المنهج يتم التعامل مع أحداث سياسية كبرى وقعت فى بلادنا بنفس التبسيط المخل والذى يأخذ بأحد العوامل دون أى اعتبار لمجموعة العوامل الأخرى ليتم القفز سريعا إلى استنتاجات خاطئة.
كمثال واقعى على ذلك، هذا التساؤل السائد عما إذا كانت 30 يونيو ثورة أم انقلاب؟ كذلك هذا التحول الشديد تجاه ثورة 25 يناير من ثورة شعبية مجيدة شهدت لها كل شعوب العالم وافتخر بها المصريون لتصبح الأن و"بفعل فاعل" ثورة العملاء والخونة!!
هذه الطريقة الآحادية التفكير، المُبسطة إلى درجة الإسفاف فى طرح الأمور (ثورة أم انقلاب، ثورة أم مؤامرة) فى منتهى الخطورة فى تقييم أحداث كبيرة مرت فى حياتنا والتى لها تأثير بالطبع على حاضرنا وسيكون لها تأثير أكبر على المسارات التى سوف نتخذها فى المستقبل وهذا هو الأهم.
فالسؤال حول ما إذا كانت 30 يونيو ثورة أم انقلاب هو سؤال ساذج، يهدف السائل من خلاله إلى التشكيك فى شرعية 30 يونيو وإلى إثبات أنها انقلاب. هو يهتم فقط بالشكل والتوصيف دون أى اهتمام بالمضمون وبالهدف. فيصبح هذا الجدال ( ثورة أم انقلاب) جدال وهمى وشديد السطحية. وكان قد طُرح على نفس السؤال فى أحد المؤتمرات التى عقدت فى إحدى العواصم الأوربية، عندما طرح أحد الحضور أن ما حدث فى 30 يونيو هو انقلاب وكان يشعر بالنشوة كأنه قد وضعنى فى خانة ال "يك". فكان ردى عليه بمنتهى الهدوء وبما لا يتوقعه وهو: وماذا لو كان انقلابا - وهو ما ليس كذلك - فمن قال إن الانقلابات لها كتالوج واحد فى كل الدول نستطيع أن نقيس من خلاله إن كان ما حدث إنقلابا أم لا، بل والأكثر من ذلك، من قال إن كل الإنقلابات هى شر فى كل الأوقات وفى كل الظروف وفى كل البلدان، ووجهت سؤالا له وللحضور كالتالى: ماذا إذا كان هناك على سبيل المثال انقلاب على هتلر، هل كنا سنعتبر ذلك شرا أم كنا سنعتبره خيرا وكنا سنرحب به لأنه خلصنا من النازى وكفى العالم شر الحرب العالمية الثانية؟ والحقيقة أن الأوربيين قد صدمهم السؤال غاية الصدمة ولم تكن لديهم إجابة واضطر من قال إن ما حدث فى مصر انقلاب إلى مغادرة القاعة دونما أى تعليق. فحتى لو كان ما حدث فى 30 يونيو انقلابا فهو انقلاب مشروع ضد فاشية دينية كانت ستودى بالبلاد إلى مصير حالك السواد.
ولكن الأهم من ذلك هو ما يتم الترويج له الأن فى داخل مصر من أن 25 يناير هى مؤامرة أمريكية بالتعاون مع بعض الكيانات والشخصيات لهدم الدولة المصرية، وذلك بمحاولة تشويه أو كشف حقائق عن بعض النشطاء ليس الغرض منها هم فى الحقيقة، بل الغرض منها هو تشويه 25 يناير، والتشكيك فيها لصالح نظام مبارك ورجالاته. وما يقوم البعض بتسريبه الأن من تسجيلات باعتباره حدثا جللا لم يأت بأى جديد للكثيرين من الثوار الواعين، ففى فترة ال 18 يوم الأولى من الثورة وما قبلها وما تلاها كانت هناك العديد من الكتابات لكتاب فى الخارج مهتمين بشئون الشرق الأوسط قد كتبوا العديد من المقالات تفضح دور الكثير من هذه الشخصيات والكيانات ممن اعتبرهم الكثيرون فى مصر على مدار سنوات معارضين وكيانات معارضة. كمثال على ذلك مقال للكاتب مايكل شوسودوفسكى فى 29 يناير 2011 (أى قبل تنحى مبارك) تحت عنوان "الديكتاتوريون لا يحكمون .. هم فقط يطيعون الأوامر"، كشف من خلال هذه المقالة الطويلة الهامة عن علاقة النظام المصرى بالنظام الأمريكى، ولكن الأهم أنه قد كشف عن علاقات وأدوار بعض الشخصيات والكيانات المصرية المعارضة بالإدارة الأمريكية وبالبنتاجون والمنظمات الأمريكية صنيعة المخابرات الأمريكية. أى أن الكشف الذى يعتبره البعض الأن مفاجئة مذهلة كانت المعلومات عنه متوافرة بشكل كبير فى كتابات الكتاب فى الخارج منذ ثلاث سنوات أو اكثر. ولأن الكاتب بالطبع لا يفكر تفكيرا سطحيا أحاديا، لم يقفز إلى الاستنتاج السهل الساذج الذى يريد البعض الأن أن يجعل الشعب المصرى يقفز إليه من أن 25 يناير كانت مؤامرة، بل تحدث عن كيفية توجيه هذه الحركات الاحتجاجية "المشروعة" فى الاتجاه الصحيح لإحداث تغيير فعلى فى البلاد، بدلا من التغيير الذى ترغب فيه الولايات المتحدة.
هذا هو الفارق ما بين التفكير الساذج الذى يبسط الأشياء لدرجة الإسفاف ويصدر أحكاما بناء على تفكير آحادى، وبين التفكير العاقل المتزن الذى يحلل جميع العوامل ويأخذها فى الحسبان من قبل أن يصل إلى أية استنتاجات.
فمن المقبول منطقيا أن نصدق أن الولايات المتحدة كانت لديها خطة يرجعها البعض إلى عام 2004 ويرجعها البعض الأخر إلى أبعد من ذلك للتخلص من الرئيس المعزول مبارك. فقد كان دوره كحليف قد انتهى بالنسبة لها فى ذلك الوقت، وأيضا نظرا لكبر سنه والأمراض التى المت به فى الفترة الأخيرة، بالإضافة لإصراره على مشروع التوريث وتغييره للدستور لكى يحقق ذلك، الأمر الذى كانت ترفضه كيانات هامة فى مصر على علاقة وطيدة بالولايات المتحدة يأتى على رأسها الجيش نفسه الذى قال عنه الرئيس باراك أوباما فى أحدى كلماته إبان الثورة إنه صديق للولايات المتحدة.
كذلك وعلى الرغم من فساد مبارك إلا أنه كان رافضا لمشروع الشرق الأوسط الكبير الذى تحول فيما بعد اسمه إلى الشرق الأوسط الجديد والذى اضطرت الولايات المتحدة إلى تأجيله لعدة سنوات وأرادت استئنافه بعد ذلك عن طريق حلفاء جدد. فكان لابد من قطع الطريق على الانتخابات الرئاسية التى كان مقررا عقدها فى هذا العام 2011، بل وقطع الطريق على غضب شعبى "حقيقى" كان سينفجر لا محالة فى أية لحظة. وبالتأكيد أيضا أنه كانت هناك علاقات قد تمت بناؤها مع شخصيات وكيانات مصرية مع الإدارة الأمريكية والبنتاجون الأمريكى وبعض المنظمات الأمريكية صنيعة المخابرات الأمريكية ذاتها على مدار سنوات سابقة على 2011. كل هذه الأمور معروفة للكثيرين من الثوار ويتخذون تجاهها مواقف رافضة من قبل أن يقوم مرتزقة نظام مبارك بالكشف عنها.
لو قرأت المشهد من هذه الزاوية (زاوية المؤامرة) وفقط ، فبالتأكيد ستقفز إلى الاستنتاج الساذج أن 25 يناير لم تكن ثورة أو حتى انتفاضة شعبية، بل أنها كانت مؤامرة. وتكون بذلك قد بلعت الطعم الذى يريد منك مرتزقة مبارك أن تبتلعه، وتكون قد اغفلت جوانب أخرى هامة تجعل من 25 يناير ثورة أو على أقل تقدير انتفاضة شعبية حقيقية. فمن المؤكد أن فترة حكم مبارك كانت من أسوأ فترات الحكم فى مصر، فلقد زادت فيها معاناة الأغلبية الكاسحة من الشعب المصرى، وإزداد الفقراء بؤسا وإزداد الأغنياء تخمة نتيجة سياسات منحازة لرأس المال على حساب الفقراء، ونتيجة فساد ضخم فى كافة أجهزة الدولة، ونتيجة تزاوج السلطة مع رأس المال.
وبالتأكيد أيضا أنه كانت هناك نسبة كبيرة من الشعب المصرى ترفض مشروع التوريث، وبالتأكيد أيضا أنه كانت هناك انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان فى حقبة مبارك. كل هذه الأسباب وغيرها هى التى دعت ملايين المواطنين البسطاء للنزول يوم 25 يناير 2011 دون أن يعرفوا أو حتى أن يكون لهم أدنى صلة بالشخصيات والكيانات التى تحدثنا عنها والتى يتم وصفها الأن بالمتأمرة لإلصاق تهمة المؤامرة على 25 يناير.
إذن فالوضع كان معرضا للانفجار بالفعل سواء بفعل فاعل أو من تلقاء نفسه، فكانت انتفاضة شعبية مجيدة ضد الظلم والفساد والتوريث، رافعة شعارات من اسمى الشعارات الإنسانية وهى "عيش، حرية، عدالة اجتماعية"، وما حدث بعد 25 يناير هو فى حقيقته المؤامرة الكبرى ضد هذه الانتفاضة وضد أهدافها من جانب أجنحة الثورة المضادة المختلفة والتى يقوم بعضها الأن بمحاولة تشويهها.
وإذا اتبعنا نفس منهج المؤامرة الذى يروج له مرتزقة مبارك، ومددنا الأمور على استقامتها، فلماذا لا تكون 30 يونيو هى الأخرى مؤامرة كما يقول بذلك الأخوان المسلمون وأيضا بعض الكُتاب بالخارج. فعلى سبيل المثال فإن ذات الكاتب - مايكل شوسودوفسكى- الذى فضح علاقات البعض بالإدارة الأمريكية من قبل، عاد وكتب مقالا أخرا فى 6 يوليو 2013 قال فيه إن الانقلاب العسكرى فى مصر (يقصد 30 يونيو) لم يكن ضد المصالح الأمريكية، بل على العكس كان لضمان استمرار المصالح الأمريكية، وأن الجيش لم يكن ليتحرك دون أخذ الضوء الأخضر من الإدارة الأمريكية. وأن الإدارة الأمريكية تدعم الأخوان المسلمين كما تدعم أيضا المعارضين للأخوان المسلمين لإحداث انقسام مجتمعى وفوضى سياسية فى البلاد، وأنها بذلك تتلاعب بالحركة الجماهيرية الاحتجاجية الواسعة فى البلاد لتمنع ظهور حكومة وطنية ذات سيادة!! ربما يكون ذلك حقيقيا وربما لا، ولكن هل هذا ينفى أنه كانت هناك بالفعل ملايين من الشعب المصرى غاضبة من نظام الأخوان المسلمين وأنها خرجت عن قناعة فى 30 يونيو لإزاحة هذا النظام بأى ثمن؟
خلاصة الأمر، أنك إن كنت تبحث عن عملاء فهناك عملاء فى كل زمان وكل مكان، بل وهناك أنظمة بأكملها عميلة تعمل ضد مصالح شعوبها لصالح القوى الدولية و/أو الأقليمية. لكن ذلك لا ينفى أن هناك انتفاضة شعبية حقيقة لها أسبابها المشروعة قد حدثت فى 25 يناير، وحدثت أيضا فى 30 يونيو. ربما يكون البعض قد سارع من وتيرتها، ربما يكون قد شجعها البعض، لكنها كانت آتية لا محالة، فلا أحد يستطيع إشعال النيران فى أرض غير قابلة للاشتعال.
فإذا كنت ترى أن الملايين البسيطة التى خرجت من تلقاء نفسها فى 25 يناير لكى تعبر عما بداخلها من احتقان وكره تجاه نظام مبارك هى شريكة فى المؤامرة، وإذا كنت ترى أن شعارات مثل "عيش، حرية، عدالة اجتماعية" هى شعارات تأمرية، وأن العدل والمساواة كانا متوافرين فى ظل نظام حكم مبارك، وأن حقوق الإنسان كانت تُحترم فى ظل هذا النظام، وأن مبارك لم يكن يستحق أن يُعزل، إذن فأنت المتأمر الحقيقى على حق الشعب المصرى فى العيش بحرية وعدالة وكرامة، وأنت المتأمر على شعب وبلد بأكمله لصالح نظام فاسد أفسد فى البلد طولا وعرضا لصالح قلة قليلة من أصحاب رؤوس الأموال (مرتزقة نظام مبارك) والذين هم من يروجون الأن لمؤامرة 25 يناير، بدلا من ثورة 25 يناير، عن طريق تغييب عقول البسطاء بنشر فضائح ومؤامرات لبعض الشخصيات الذين لن يزيد عددهم عن العشرات من جملة ملايين غاضبة قد نزلت للشارع وقتها. والهدف من عملية غسيل عقول البسطاء الأن هو أن يستعيد رجالات مبارك مكانتهم ويستعيدوا النظام القديم بكل ما فيه من عفن والذى طالما تربحوا من وراء فساده، ولكى يعوضوا خسارتهم على مدار الثلاث سنوات الماضية بالمزيد من الفساد والكسب السريع على حساب غالبية الشعب المصرى الكادح، والأفدح أن ذلك يتم بموافقة ومباركة غالبية الشعب.
إن الملايين التى خرجت فى 25 يناير ليست متأمرة، جيكا والشيخ عماد عفت ومحمد الجندى وعلاء عبد الهادى وغيرهم من الشهداء الأبرار ليسوا متأمرين، بل هم الثوار الحقيقيون وليس ثوار الفضائيات الذين صنعهم النظام الفاسد ذاته. إن "عيش، حرية، عدالة اجتماعية" ليست مؤامرة، هى انتفاضة شعبية مجيدة لها أسبابها المشروعة مهما حاول المنتفعون، الفاسدون، المتباكون على نظام مبارك أن يشوهوا فيها.
فلا تبلعوا الطعم، ولا تشدوا الحبل الذى سوف تشنقون به أنفسكم.
___________________
لينك المقالتين المذكورتين للكاتب مايكل شوسودوفسكى فى 29 يناير 2011 و6 يوليو 2013
Prof Michel Chossudovsky, Global Research, last visit 1 January 2014.
http://www.globalresearch.ca/the-protest-movement-in-egypt-dictators-do-not-dictate-they-obey-orders/22993


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.