حذر الكاتب والمفكر- فهمي هويدي- من مخاطر وصف ثورة يناير ب"النكسة"، أو "المؤامرة"، أو وصف المدافعين عنها ب"المرتزقة"، وقال في مقال له بعنوان-لمصلحة من تشوه ثورة يناير؟- بجريدة الشروق، أمس، أن البعض في سبيل كراهيتهم وحقدهم على الإخوان، إنما يكذبون في نقل التاريخ ويلون حقائقه زاعمين أن الإخوان هم الطرف الثالث الذي ضرب وأحرق وقتل طيلة الفترة التي بدأت ب25 يناير مرورًا بوقائع الثورة نفسها، وقتل المتظاهرين وموقعة الجمل، إضافة إلى ما بعد ذلك من أحداث. ولأن توصيف ما حدث في 30 يونيو ما زال يحمل اسم "الثورة" في أذهان ومفردات البعض، فإن– هويدي- يؤكد ضرورة تجاوز ذلك الجدال إلى ما هو أهم، وهو زعم البعض بأن هناك مقارنة بين 25 يناير، و30 يونيو ويقول: "إذا تجاوزنا عن تكييف ما جرى فإننى أزعم أن المقابلة بين ما حدث فى 25 يناير وبين ما جرى فى 30 يونيو ليست فى صالح الحدث الأخير، كما أن القول بأن الثانية تنسخ الأولى وتجُبُّها لا يخلو من جرأة تصل إلى حد التغليط الفاضح". وللتدليل على وجهة نظره ذكر– هويدي- بعض الاختلافات الجوهرية ومن ذلك أن ثورة يناير هى التى كسرت حاجز الخوف عند المصريين وأسقطت صورة الحاكم الإله والفرعون المقدس، أما ما وصفه بأنه "انتفاضة" يونيو فكانت فرعا عن الأصل واستلهاما للجرأة التى كانت قد تولدت من قبل. موضحا أن ثورة 25 يناير تمت فى ظل اجماع شعبى نادر استعادت فى ظله الجماعة الوطنية المصرية لحمتها، فاتفقت على الخصم (نظام مبارك وأجهزته القمعية) كما اتفقت على الأهداف (عيش حرية عدالة اجتماعية) أما ما حدث فى 30 يونيو فقد تم فى ظل انقسام واستقطاب شعبى حاد فى المجتمع المصرى لاحت فيه نذر الحرب الأهلية التى ضربت الاجماع الوطنى. والأهم من ذلك هو موقف الجيش الذي يبدو مختلفًا تمامًا فى المشهدين، ففى 25 يناير وقف الجيش يتابع المشهد عن بعد ثم تدخل لكى يحمى الاجماع الشعبى، أما فى 30 يونيو فإن قيادة الجيش كانت فى قلب المشهد وعلى صلة به منذ وقت مبكر، وحين تدخلت فى ظل الانقسام الوطنى، فإن تدخلها كان انتصارا لفريق على فريق آخر. وأشار هويدي إلى أن ثورة 25 يناير كانت ضد رئيس احتكر السلطة بالتزوير، واتسم عهده بالاستبداد والفساد طوال ثلاثين عاما. أما ما أسماه ب"انتفاضة" 30 يونيو فقد انطلقت ضد رئيس انتخب ديمقراطيا. وبالتالى فإن 25 يناير كانت ثورة على الاستبداد والفساد، أما ما حدث في يونيو فإنه ضربة للمسار الديمقراطى الوليد. وأكد- أن اختلافه مع الآخرين ليس في الزعم بأنه لا توجد أخطاء للدكتور محمد مرسي، ولكن في آلية معالجة تلك الأخطاء، والتي يري أن في القانون والدستور متسع لها. وفي السياق نفسه أردف-هويدي- أن الوضع الآن تجاوز الدكتور مرسي بل وجماعة الإخوان:"فلو كانت النتيجة مقصورة على إزاحة الإخوان من السلطة وتمكين جماعة أخرى محلهم لبلعناه مؤقتا. لأن ما جرى فتح الباب لما هو أكثر جسامة وأشد خطرا. ذلك أن الجيش إذا كان قد فعلها هذه المرة استجابة لنداء الحشود الكبيرة التى خرجت إلى الميادين، فما الذى يمنع أن يفعلها مرة أو مرات أخرى استجابة لنداء حشود أخرى تجمعت فى ظرف مغاير". واشار الى أن ما وصفه ب"الفيلم" الذي يسعي إلي تشويه الإخوان، وثورة يناير، لا يصب إلا في مصالح النظام السابق ورجاله، وقال أن:"هذا الفيلم الذى يجرى إخراجه بهدوء وحقق حتى الآن نجاحا بدا ساحقا له ثلاثة أهداف هى: اغتيال الإخوان وإخراجهم من الساحة تبرئة جهاز أمن الدولة والتمهيد لعودته إلى الساحة (المتحدث باسم وزارة الداخلية أعلن ذلك صراحة وقال ان التاريخ انصفنا بأسرع مما توقعنا) الهدف الثالث هو فتح الباب للتصالح مع نظام مبارك باعتبار أن الإخوان كانوا خصما له أيضا، وإعمالا للقاعدة التى تقول عدو عدوى صديقى". وتساءل –هويدي- عما إذا كان ذلك هو المقصود بالمصالحة الوطنية التى يتردد الحديث عنها هذه الأيام.