تحدثنا الأسبوع قبل الماضى عن عثرة الدراما المصرية وما يهدد إنتاج المسلسلات فى الموسم الحالى والمواسم القادمة، وأفردنا حديثنا عن تكدس رؤوس أموال الشركات المنتجة على هيئة ديون بعشرات الملايين، بل وبلا مبالغة بمئات الملايين لدى المحطات الفضائية الخاصة والتليفزيون المصرى.. وكذلك عن مماطلة تلك المحطات والتليفزيون المصرى فى دفع تلك المستحقات التى من المنطقى أن تدور بها عجلة الإنتاج هذا الموسم والمواسم المقبلة. وفى المقال السابق تحدثنا عن معاناة ومحنة المنتج المرحوم صفوت غطاس «ربنا يبشبش الطوبة اللى تحت راسه» مع القطاع الاقتصادى باتحاد الإذاعة والتليفزيون للحصول على أكثر من عشرين مليون جنيه، هى باقى مستحقاته عن مسلسلى «فرقة ناجى عطاالله» و«الهروب» وعن مديونيات شركات كبرى لدى التليفزيون المصرى منذ عام 2008 تقدر بأكثر من مائة مليون جنيه.. وطبعاً «المراحيم» المنتجون أمثال محمد فوزى والعدل جروب وكينج توب والجابرى «كأمثلة» وضعوا رؤوسهم فى الشق؛ ولا التليفزيون المصرى بيدفع ولا المحطات الخاصة بتدفع.. وبالطبع ما زال المرحوم صفوت غطاس يتردد على مبنى التليفزيون نهاراً للحصول على مستحقاته التائهة وشبه المفقودة، وبالليل يقف بعربية حلبسة على كوبرى إمبابة يسترزق بجوار عربية البطاطا الواقف عليها المرحوم المنتج محمد فوزى يسترزق هو الآخر. والمحصلة أن المراحيم المنتجين فلوسهم ورؤوس أموالهم مجمدة لدى المحطات الخاصة والعامة فى هيئة ديون أو شيكات بدون رصيد.. مما يهدد بتوقف صناعة المسلسلات. ومما يزيد المخاطر ويجعلها قاتلة هو عزوف المحطات الفضائية فى الدول العربية، بل والمحطات الفضائية المصرية عن شراء المسلسلات المصرية، وأصبحت المحطات تتكالب وتتصارع على شراء المسلسلات التركية لرخص أسعارها، حيث يقل سعر شراء الحلقة من المسلسل التركى عن عُشر ثمن شراء الحلقة من أقل مسلسل مصرى تكلفة.. حتى إن قناة مثل «إم. بى. سى مصر» عندما أعلنت عن خريطتها للثلاثة أشهر المقبلة، وجدنا بها ستة مسلسلات تركية وأربعة مسلسلات لبنانية ومسلسلين فقط مصريين.. بل والأدهى والأمر وما سيقضى قضاء تاماً على الدراما المصرية هو الغزو المرتقب للدراما الهندية والصينية للشاشات المصرية والعربية.. ولمن لا يعلم فهناك عشرات المسلسلات الهندية والصينية يتم الآن عمل الدوبلاج لها تمهيداً لأن تغزو الشاشات العربية والمصرية.. وإذا كانت المحطة الفضائية تشترى الحلقة من المسلسل المصرى الجديد بما يقارب الخمسين أو الستين ألف دولار فإنها تشترى الحلقة من أقوى المسلسلات التركية بأقل من عشرة آلاف دولار.. بل وأصبحت أقوى المسلسلات الهندية مدبلجة ومعروضة على المحطات بخمسة آلاف دولار للحلقة.. بل والمسلسلات الصينية معروضة بأقل من ثلاثة آلاف دولار للحلقة.. فلماذا إذن تشترى المحطات العربية والمصرية المسلسلات المصرية بخمسين أو ستين ألف دولار للحلقة على أقل تقدير..! إنه الموت بل هتك العرض ثم القتل والتمثيل بجثة الدراما المصرية، تلك القوة الناعمة التى كانت تغزو بها مصر كافة الثقافات العربية. وللحديث بقية الأسبوع المقبل بمشيئة الله سبحانه وتعالى.