سلّم علي ثابت، الباحث المصري في التاريخ المعاصر بجامعة المنصورة، صورة وثيقة أثرية مصرية كانت "الوطن" انفردت بها قبل عام، لمتحف الإبادة الأرمني بالعاصمة الأرمينية "ياريفان"، حيث كشف الدكتور محمد رفعت الإمام، رئيس قسم التاريخ في جامعة دمنهور، عن أن تلك الوثيقة تعد أول اكتتاب شعبي مصري لمخيم الأرمن اللاجئين ببورسعيد في العام 1915 أثناء تنفيذ برنامج الإبادة الجماعية للأرمن في الأناضول. وأهدى "الإمام"، صورة الوثيقة إلى متحف الإبادة الجماعية في أرمينيا، وسلّمها نيابة عنه "ثابت"، أثناء المؤتمر الصحفي للوفد المصري المشارك في إحياء الذكرى المئوية للإبادة الأرمنية مع مدير المتحف. وقال الباحث المصري "ثابت"، في تصريحات خاصة ل"الوطن"، إن هذه الوثيقة تمثل احترام حقوق الإنسان في الوجدان المصري حيث إن مجمل التبرعات في هذا الاكتتاب تخطى الخمسين جنيهًا وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت. وأشار إلى أن العلاقات بين الشعوب دائمًا ما تتخطى القنوات الرسمية رغم أن الرأي العام يعد جزءًا لا يتجزأ من الموقف المصري، وخصوصًا بعد اعتراف البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بأن ضحايا الأرمن في المذابح بمثابة "شهداء". وأوضح أن هذا الاكتتاب يعد نوعًا من رد الجميل للشعب الأرمني الذي أسهم بجلاء منذ أن اندرج في خدمة محمد علي باشا في تاريخ مصر الحديث، بداية من "بوغوص بك يوسفيان"، مؤسس وزارة الخارجية المصرية وأول وزير خارجية مصري، مرورًا بنوبار باشا الذي تولى رئاسة النظار (الوزراء) 3 مرات وكذلك يعقوب باشا أرتين وزير المعارف. وتابع أن ألكسندر صاروخان، أسهم في إنعاش فن الكاريكاتير في مصر، حيث إنه يعد من رواده المعروفين، وصاحب شخصية المصري أفندي التي عبرت عن صميم الشخصية المصرية، مضيفًا أن الأرمني جوريجيسيان صنع للرئيس الراحل محمد أنور السادات جهازًا يشبه الكمبيوتر اليوم، لمتابعة أخبار جبهة القتال أثناء حرب أكتوبر المجيدة. واستطرد: "المواقف المصرية كانت دائمًا تدين ما حدث للأرمن في الأناضول على أيدي العثمانيين الأتراك، دع عنك فتوى شيخ الأزهر سليم البشري بشأن مذابح "أضنة" عام 1909، والتي أفتى فيها بحرمانية قتل الأرمن في الأناضول والتي كان لها صدى تخطى الحدود الإقليمية للحدود الدولية حيث إنها تُرجمت إلى الإنجليزية والعثمانية، وكان لها أثر إيجابي على وقف مذابح أضنة". وتابع: "استقبلت حكومة سعد زعلول ما يقرب من 1000 يتيم ويتيمة أرمنية، لتربيتهم في كنف العائلات الأرمنية المصرية، وظهر الدور المصري بجلاء من خلال توقيع مصر على اتفاقية منع إبادة الجنس البشري 1948، والتي استخدم فيها النموذج الأرمني كدليل على أنواع الإبادات، وكذلك موقف الحكومة المصرية أثناء الزلزال الذي ضرب الأراضي الأرمينية عام 1988، حيث تم تقديم المساعدات للشعب الأرمني". وأضاف: "أن المواقف المصرية نابعة من أن مصر هي فجر الضمير الإنساني، ومهد الحضارة أو بالأحرى هي التي علمت الشعوب الحضارة". وكانت "الوطن"، انفردت في شهر أبريل من العام الماضي، بتلك الوثيقة الأثرية التي شهدت على مذابح الأتراك ضد الأرمن، واستقبالهم في مدينة بورسعيد هربًا من بطش الأتراك، رغم غرق المصريين حينذاك، في المشكلات الاقتصادية، إلا أن المصريين بدأوا في جمع الأموال للأرمن اللاجئين، وهو ما تشير إليه الوثيقة التي تعود لأكثر من 100 عام.