في بيت ريفي بسيط، ولد الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي، الذي استطاع أن يخلد اسمه بقلمه وأشعاره في تاريخ مصر الحديث، فوثق الأحداث التي كان شاهدا عليها من خلال عينيه التي دائمًا ما تنتقد الظلم وتقاوم الطغيان وتنصح الصالحين، ليصبح اسم "الخال" الأبنودي، مرتبطًا دائمًا بقربه من الرؤساء الذين حكموا مصر منذ ثورة يوليو 1952 أو عداوته لهم. في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وتحديدًا في العام 1968، سجن عبدالرحمن الأبنودي، بتهمة تكوين تنظيمًا شيوعيًا، ولم يخرج إلا بعد عدة أسابيع وبوساطة صلاح جاهين، عندما أخبر وزير الداخلية وقتها، أن العلاقة بين مصر والاتحاد السوفيتي قوية، وأن سجن الأبنودي بهذه التهمة قد يستبب في توترها. كتب الأبنودي في عهد ناصر عددا من القصائد أهمها: "جواب حراجي القط" التي ظهرت للنور في العام 1969، والتي تناولت كيف شارك فلاح بسيط في بناء السد العالي، كما كتب قصيدة "وعدى النهار" بعد نكسة 1967، وبالرغم من معاداة "الخال" للنظام الناصري، إلا أنه بعد وفاة جمال عبدالناصر أصبح من أشد المؤيدين للفكر الناصري وكتب قصيدة في رثاء "ناصر". فيما تجسدت علاقة الأبنودي، بالرئيس الراحل أنور السادات، في مقولة له بإحدى الحوارات التلفزيونية، عندما صرح أن الرئيس السادات أكثر رئيس سعى ليكون صديقه، وبالرغم من ذلك كان "الخال" من أشد المعارضين لنظام السادات وحكمه، وكثيرًا ما انتقده أوقات حكمه، وكان يستخدم أسلوب "السيرة الهلالية"، في انتقاد السادات. "اكشف غَطا وجهك ومزَّع القناع.. بَلا حكومة.. بَلا لُكومة.. بلا بطولة.. بلا بتاع.. يا أسمر يابو القلب الحديد.. ياللي واجهْت الموت.. في كلّ اتساع"، كانت هذه مطلع القصيدة التي كتبها الخال الأبنودي في عهد الرئيس المخلوع مبارك، والتي تسبب في نشوب خلافات بينه وبين النظام المخلوع، وكما يروي الأبنودي أن زكريا عزمي، اتصل به بعد هذه القصيدة بيومين، ليخبره بأن الدولة تنصلت من علاجه على نفقتها، لكنه لم يرد، على تليفونه. كان الأبنودي، من أشد المعارضين لعهد الإخوان المسلمين، وظهر ذلك جليًا في القصيدة التي كتبها قبل تظاهرات 30 يونيو بيوم واحد، بعنوان "رسالة إلى الرئيس مرسي"، ويقول مطلعها: "يا حلاوتك ياللي سواقتك عجباني.. من كتر خوفنا على راحتك هنشوفلها ريس تاني". "نحن الآن في زمن الرئيس عبدالفتاح السيسي، بعد أن تلوثنا بما فيه الكفاية، وهذا الرجل قطعة طيبة جاءت من عند الله، في زمن سيء"، بهذه الكلمات أثنى عبدالرحمن الأبنودي، على السيسي، كما سبق وقال عنه: "الآن عندنا زعيم أو رئيس لا نختلف عليه، واللي يختلف عليه يبقى هو الباطل، عندنا رجل فاضل جدًا بيحكمنا اسمه عبدالفتاح السيسي، وهذا رجل بعد كل اللي شفناه يبقى ربنا راضي عن هذا الشعب وبعتله الإنسان اللي إحنا مبنحسش بالغربة معاه".