يبدو أن مجلس النواب المُقبل سوف يكون محفوفًا بالعديد من المخاوف، بدءًا من طبيعة تكوينه وتشكيله وأيدولوجية أعضائه وتركيبة الأغلبية التي ستقوم بتشكيل الحكومة المقبلة في ظل رؤية بعض المحلليين السياسيين على عدم قدرة أحد من القوى السياسية على تحقيق الأغلبية المطلقة أو الأغلبية المريحة . هذا على الصعيد السياسي، لكن على الصعيد الدستوري هناك ثلاثة مخاوف دستورية تهدد مجلس النواب المقبل بعدم الاستقرار السياسي، أولها إجراءات الدعوة مع الانتخابات بمرحلتيلها الأولى والثانية والتي ستعقد خلال شهري مارس وإبرايل المقبلين، وهل تصطدم تلك الدعوى بالمادة 115 من الدستور والتي تنص على "يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب للإنعقاد للدور العادي السنوي قبل يوم الخميس الأول من شهر أكتوبر، فإذا لم تتم الدعوة يجتمع المجلس بحكم الدستور في اليوم المذكور، ويستمر دور الانعقاد العادي لمدة تسعة أشهر علي الآقل". فهذا النص يفهم منه أنه من الضرورى بدء اجتماعات مجلس النواب يوم الخميس الأول من شهر أكتوبر، وبناءً عليه فإنه لا يجوز أن يبدأ المجلس أولى جلساته في أي يوم آخر، والسؤال هنا هل سيتم انتخاب المجلس بأكمله خلال شهر مايو المقبل وننتظر أربعة أشهر كامله حتى يدعو الرئيس المجلس للإنعقاد ونستغل تلك الفترة في إتاحة الفرصة لمحكمة النقض بالفصل في طعون صحة العضوية والتي تستغرق 90 يومًا من تاريخ إعلان النتيجة طبقًا للمادة 107 من الدستور . ومادامت اللجنة العليا للإنتخابات مصرة على قرارها بأن تنتهي انتخابات مجلس النواب قبل منتصف مايو المقبل، فعليها أن تجد تفسيرًا قانونيًا دستوريًا لتلك المادة، وإلا أنها ستضع المجلس المنتخب بل والدولة كلها في مأزق دستوري، مع العلم أنه لو كان تم إجراء الإنتخابات عقب شهر يونيو المقبل فإن اللجنة العليا للإنتخابات الحالية لن تتولى الإشراف عليها لخروج معظم أعضائها على المعاش . الخوف الثاني الذي من الممكن أن يؤثر على العملية الانتخابية ويهدد استقرار البرلمان المقبل وخاصة بحزب النور والذي أقيمت بشأنه دعوى أمام المحكمة الإدارية العليا تطالب بحله لقيامه على أساس ديني، المحكمة أجلت القضية لجلسة 18 فبراير، أي بعد إغلاق باب الترشح فبالفرض أن حزب النور قام بترشيح أربع قوائم انتخابية للمنافسة على كل القوائم وتقدم بهم للجنة العليا للانتخابات واستوفى الشروط كاملة، ثم نجحت تلك القوائم مع انتهاء الإنتخابات وقامت المحكمة الإدارية العليا بحل الحزب فما سيكون موقف مرشحيه والذين خاضوا انتخابات على قوائمه وتحت مظلته وسيكون أنذاك مخالف للدستور؟؟؟ وهناك افتراض أخر أن تتقدم قوائم حزب النور ثم يغلق باب الترشيح يوم 16 فبراير الجاري، ويوم 18 فبراير تحكم "الإدارية العليا" بحل الحزب، فمن ثم سيكون لا وجود لقوائمه، وبهذا يكون قد تم منع عدد من المصريين من ممارسة حقهم الدستوري ومنعهم من خوض الانتخابات بما سيهدد العملية الانتخابية بالبطلان، وذلك لانعدام تكافؤ الفرص، لذلك على المحكمة الإدارية العليا أن تقدم نوعًا من الموائمة السياسية وتفصل في الدعوى القضائية قبل الخوض في إجراءات الترشح للبرلمان . التخوف الثالث خاص بالدعوى القضائية المقامة أمام محكمة القضاء الإداري، والتي تطعن على قانون تقسيم الدوائر الانتخابية، وكذلك المادتين 25 من قانون مباشرة الحقوق السياسية، و10 من قانون مجلس النواب، حيث تم إحالة تلك الطعون إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في صحة تلك المواد دستوريًا، وهنا يجب على المحكمة الأعرق في مصر أن تقضي في تلك الطعون سريعًا حتى لا تتعرض إجراءات العملية الانتخابية للبطلان بعد الحكم بعدم الدستورية، على سبيل المثال ومن ثم حدث هذا أعوام 1987 لبرلمان 1984، و1990 لبرلمان 1987، و2000 لبرلمان 1995 قبل عدة أسابيع من انقضاء فترته، وأخيرًا في 14 يونيو 2012 بعد أقل من 6 أشهر انعقد فيها أول برلمان بعد ثورة 25 يناير. نرجو من القائمين على أمر البلاد والعباد أن ينصتوا إلينا، ووضع مخاوفنا نصب أعينهم لأننا لا نريد سوى استقرار البلاد.