جيش الاحتلال يزعم: نجري تحقيقا في القصف على حي التفاح بمدينة غزة    7 قتلى و15 مصابًا فى هجوم صاروخى روسى على ميناء أوديسا جنوب أوكرانيا    بولونيا يتأهل إلى نهائي كأس السوبر الإيطالية بعد الفوز على إنتر بركلات الترجيح    شباب كفر الشيخ: حصلنا على ترتيب أول و7 ميداليات فى بطولة الجمهورية للمصارعة    عمرو عبد الحافظ: المسار السلمي في الإسلام السياسي يخفي العنف ولا يلغيه    تحذير عاجل من الأرصاد للمواطنين بشأن هذه الظاهرة غدًا(فيديو)    خناقة على الهواء وتبادل اتهامات حادة في واقعة «مقص الإسماعيلية».. فيديو    محامي المتهم بضرب معلم الإسماعيلية يفجر مفاجأة: فيديو الواقعة مجتزأ    «دولة التلاوة» يعلن نتائج الحلقة 11 وتأهل أبرز المتسابقين للمرحلة المقبلة    ميرفت أبو عوف تناقش مستقبل السينما فى عصر الذكاء الاصطناعى    بدايات متواضعة وشغف كبير.. المطربة رانيا خورشيد تحكي قصة اكتشاف موهبتها    بعد تأكيد عالمى بعدم وجود جائحة أو وباء |سلالة شرسة من الإنفلونزا الموسمية تجتاح العالم    أخبار كفر الشيخ اليوم.. انقطاع المياه عن مركز ومدينة مطوبس لمدة 12 ساعة اليوم    أهم 5 مشروبات الطاقة في الشتاء لتعزيز الدفء والنشاط    كأس أمم أفريقيا.. منتخب الجزائر يستبعد حسام عوار ويستدعى حيماد عبدلى    علي ناصر محمد يروي تفاصيل الترتيبات المتعلقة بالوحدة اليمنية: خروجي من صنعاء كان شرطا    إصلاح الهبوط الأرضى بطريق السويس وإعادة فتح الطريق بالقاهرة    صبرى غنيم يكتب:النبت الأخضر فى مصر للطيران    حمدى رزق يكتب:«زغرودة» فى كنيسة ميلاد المسيح    إبراهيم زاهر رئيسا لنادي الجزيرة حتى 2029    على ناصر محمد يكشف تفاصيل الوحدة اليمنية: خروجى من صنعاء كان شرطًا    هشام عطية يكتب: دولة الإنشاد    البلطى بكام النهاردة؟.. أسعار وأنواع الأسماك فى أسواق الإسكندرية    سلام يعلن إنجاز مشروع قانون استرداد الودائع من البنوك في لبنان    كيفية التخلص من الوزن الزائد بشكل صحيح وآمن    اليونيفيل: لا توجد مؤشرات على إعادة تسليح حزب الله في جنوب لبنان    روبيو يكشف ملامح السياسة الخارجية المقبلة لواشنطن: ما وقع في غزة كان من أكبر التحديات .. لا يمكن لحماس أن تبقى في موقع يهدد إسرائيل..الحرب الروسية الأوكرانية ليست حربنا    أول "نعش مستور" في الإسلام.. كريمة يكشف عن وصية السيدة فاطمة الزهراء قبل موتها    استمرار عطل شبكة Cloudflare عالميًا يؤثر على خدمات الإنترنت    رئيس الطائفة الإنجيلية ومحافظ أسيوط يبحثان تعزيز التعاون    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية تتفقدان قرية النساجين بحي الكوثر والمنطقة الآثرية ميريت آمون    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بالسوق السوداء بقيمة 4 ملايين جنيه    الداخلية تنظم ندوة حول الدور التكاملي لمؤسسات الدولة في مواجهة الأزمات والكوارث    شراكة استراتيجية بين طلعت مصطفى وماجد الفطيم لافتتاح أحدث فروع كارفور في سيليا    جوارديولا يحسم الجدل حول مستقبله مع مانشستر سيتي    اليوم.. ريم بسيوني تكشف أسرار تحويل التاريخ إلى أدب في جيزويت الإسكندرية    الصحة: إرسال قافلة طبية في التخصصات النادرة وكميات من الأدوية والمستلزمات للأشقاء بالسودان    تحرش لفظي بإعلامية يتسبب في وقوع حادث تصادم بالطريق الصحراوي في الجيزة    محافظ المنيا يعلن افتتاح 4 مساجد في 4 مراكز ضمن خطة وزارة الأوقاف لتطوير بيوت الله    حلمي طولان: لم يُطلب مني المنافسة على كأس العرب.. ووافقت لحل الأزمة    لقاء السحاب بين أم كلثوم وعبد الوهاب فى الأوبرا    المهندس أشرف الجزايرلي: 12 مليار دولار صادرات أغذية متوقعة بنهاية 2025    وائل كفوري يمر بلحظات رعب بعد عطل مفاجى في طائرته    10 يناير موعد الإعلان عن نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر رجب.. في هذا الموعد    الصحة: تنفيذ برنامج تدريبي لرفع كفاءة فرق مكافحة العدوى بمستشفيات ومراكز الصحة النفسية    التخطيط تواصل توفير الدعم لانتخابات النوادي باستخدام منظومة التصويت الإلكتروني    انطلاق مبادرة لياقة بدنية في مراكز شباب دمياط    جامعة عين شمس تواصل دعم الصناعة الوطنية من خلال معرض الشركات المصرية    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابه    ضبط 20 متهمًا أثاروا الشغب بعد إعلان نتيجة الانتخابات بالإسماعيلية    الزمالك في معسكر مغلق اليوم استعداداً للقاء حرس الحدود    بث مباشر| مؤتمر صحفي لرئيس الوزراء ونظيره اللبناني في بيروت    داليا عثمان تكتب: كيف تتفوق المرأة في «المال والاعمال» ؟    جامعة السوربون تكرم الدكتور الخشت بعد محاضرة تعيد فتح سؤال العقل والعلم    المنتخب يخوض أولى تدريباته بمدينة أكادير المغربية استعدادا لأمم إفريقيا    فضل الخروج المبكر للمسجد يوم الجمعة – أجر وبركة وفضل عظيم    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام والخصوصية الحضارية (1-3)
نشر في الوطن يوم 04 - 01 - 2015

طرح فكرة «الخصوصية» الآن فى وجه «العولمة» لا يعنى الانغلاق المريض على الذات أو الشعور الزائف بالاكتفاء. ليست أمراً جديداً، وليست حيلة دفاعية من أجل الذود عن «الهوية» أو «الذات الحضارية» بقدر ما هى حاجة أصيلة إلى التميز، ورفض قاطع لتماهى الذات فى الآخر، أو مسخ النفس لحساب الغير، أو الاكتفاء بالتقليد، والرضا بالعيش فى الهامش البارد، دون أى طموح للتفاعل الخلاق مع العالم، من أدناه إلى أقصاه.
وقد برهن التاريخ على أن مسألة فرض الثقافات بالقوة قد ثبت فشلها، ولنا فى تجربة الاتحاد السوفيتى السابق بالقرم والقوقاز وآسيا الوسطى عبرة وعظة. والمزاوجة بين غطرسة القوة المفرطة وتسريب القيم لم يفلح هو أيضاً فى إزاحة الثقافات المحلية أو التعمية عليها، والتجربة الأمريكية الراهنة تقدم شاهداً جلياً ودليلاً دامغاً على هذا. وحتى لو كان هذا ممكناً فى حقب زمنية قديمة، فإنه لم يعد مستساغاً مع إدراك الشعوب لحقوقها، ووعيها بثقافتها، وتمسكها بجذورها الحضارية. أما التغيير الطوعى والتدريجى الذى يمكن أن تُحدثه الدعوات والتبشير الدينى، أو الاحتكاك الطويل بالمجتمعات الأخرى، فهو الأكثر وقعاً وتأثيراً فى هذا المضمار، وهذه مسألة تختارها الشعوب بمحض إرادتها، وقد تعززت فرصها مع ثورة الاتصالات الرهيبة.
واحتفاظ كل حضارة بخصوصيتها من شأنه أن يعزز التنوع الثقافى الخلاق الذى يُعد مسألة حيوية وضرورية لقيام حياة إنسانية صحية وثرية وممتعة فى الوقت نفسه. فالسعى إلى تذويب العالم فى نمط ثقافى واحد، تحت أى ذريعة، هو قفزة فى الفراغ، أو خطوات إلى الوراء. ورغم أن هذا غير ممكن من الناحية العملية، فإن أى جهود تُبذل بغية الاقتراب من تحقيق هذا الهدف ستترك تشوهات على الحياة الإنسانية، وتحول البشر إلى أشياء رخيصة، أو سلع متكررة، وتقلص فرص الحوار البناء بين أبناء الحضارات المختلفين فى الثقافات والتوجهات والرؤى، ومن قبل ذلك الجذور.
لكن الخصوصية ليست فكرة متفقاً عليها، فرغم أصالتها وحيويتها فإن مساحة الحركة داخلها شاسعة إلى حد التناقض التام بين معتنقيها أو المنافحين عنها المتحمسين لها، وبين رافضيها جملة وتفصيلاً ممن يؤمنون بأن العالم صار «قرية كونية» من الضرورى أن يذوب الجميع فيها، ليس فى مجال التقنيات فحسب، بل أيضاً فى فضاء القيم والمعانى الإنسانية.
والأكثر إثارة للجدل أن المؤمنين بالخصوصية ليسوا على عقل وقلب رجل واحد فى التعامل معها، بل إن بينهم أيضاً اختلافات تصل إلى حافة التناقض فى بعض الأحيان. فهناك من يتعامل مع المسألة بصرامة وحدّة، إذ لا يريد أن يتفاعل أو يستفيد مما لدى الآخر، وإن وجد نفسه منساقاً بحكم الواقع إلى الاستعانة أو الاسترشاد بما لدى «الغرب» مثلاً، فلا يعدو هذا بالنسبة له أن يكون «بضاعتنا وقد رُدت إلينا»، فى إحالة إلى العطاء الغزير الذى منحته الحضارة الإسلامية فى أيامها الزاهرة إلى الغرب.
وعلى الطرف الآخر، هناك من يؤمن بتلاقح الحضارات، ويعتقد اعتقاداً راسخاً فى أن المسلمين بحاجة ماسة إلى الاستفادة مما لدى الآخرين من عطاء فى مختلف المجالات، التقنية والإنسانية، باعتبار «الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أولى بها».
على هذين الطريقين يقف الخطاب الإسلامى بشتى أطيافه من فكرة الخصوصية، موزعاً بين اتجاهين، الأول يتمثل فى نظرة رحبة للخصوصية، لا ترى أى غضاضة فى المزاوجة بين ما لدينا وما يأتينا من الخارج، بشرط أن تكون النسبة الغالبة مما هو عندنا، وأن يشكل هذا القاعدة التى نبنى فوقها، والجدار الذى نستند عليه. أما الثانى فينظر إليها باعتبارها نهجاً مكتفياً بذاته، لديه اكتمال نظرى، وقدرة على تلبية كل ما يتطلبه الواقع من حلول للمشكلات التى تفرض نفسها، آنياً ومستقبلياً.
ومن ثم يسعى أصحاب هذا الاتجاه إلى بناء أطر نظرية وعملية تلبى احتياجات الواقع، ويأملون بها أن يرمموا الشروخ الواسعة التى حدثت نتيجة ما يسمونه بالتغريب، أو الابتعاد عن الإسلام. وأنتجت عملية البناء والترميم هذه رؤى عريضة لأسلمة شتى دروب الحياة. فهناك «الاقتصاد الإسلامى» و«القانون الإسلامى»، وهناك «إسلامية المعرفة» ومحاولة لبناء «علم اجتماع إسلامى» و«علم سياسة شرعى» فى جوانبه النظرية والإجرائية، و«علاقات دولية إسلامية»، و«فن إسلامى»، ونزولاً من هذه التصورات الكلية والأساسية هناك محاولة لأسلمة تفاصيل صغيرة جداً فى الحياة اليومية للفرد، مثل المأكل والمشرب والملبس وطرق الترفيه ونبرة الكلام والضحك، وما يجرى فى المناسبات الاجتماعية كافة، وفى مقدمتها حفلات الزفاف والمآتم... إلخ، بل وصل الأمر إلى تحدث بعض السيدات عن «الريجيم الإسلامى».
(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.