ما تكلفة الرد العسكري ل ترامب على احتجاجات لوس أنجلوس؟    قتيلان و54 جريحا في هجمات روسية جديدة على أوكرانيا    أرقام منتخب البرازيل أمام باراجواي في الفوز الأول ل أنشيلوتي    حالة الطقس في قنا اليوم الأربعاء 11 يونيو 2025    مصرع طالب ثانوي في حادث سير بكفر الشيخ    عروس الشرقية عن زوجها: «الواعي ميعملش كدة ومحدش يتدخل في خصوصيتي» (فيديو)    الهضبة يعود بقوة إلى الساحل الشمالي.. عمرو دياب يحيي حفلًا جماهيريًا صيفيًّا وتذاكر تصل ل16 ألف جنيه!    يتحدث نيابة عن نفسه.. الخارجية الأمريكية ترفض تصريحات سفيرها لدى إسرائيل بشأن الدولة الفلسطينية    البنتاجون: إيران قادرة على صناعة 10 شحنات نووية خلال 3 أسابيع    رابط نتيجة الصف الأول الثانوي الترم الثاني 2025 في القاهرة والمحافظات    حملات صحية في بني سويف تحرر 6 محاضر وتُعدم أغذية فاسدة    سعر سبيكة الذهب اليوم الأربعاء 11-6-2025 جميع الأوزان.. «بكام سبائك ال5 جرام؟»    موعد مباراة بايرن ميونخ وأوكلاند سيتي في كأس العالم للأندية 2025    تامر حسني يتحدث عن مرض نجله "آدم" ويوجه رسالة اعتذار ل محمد شاهين    الدولار ب49.52 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأربعاء 11-6-2025    تراجع جديد يلامس 500 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 11-6-2025    إصابة 3 بطلقات نارية في مشاجرة بسبب النزاع على قطعة أرض بسوهاج    حملة دمياط الشاملة ترفع الإشغالات وتحمي المستهلك من تلاعب التجار    غرق طالب أثناء استحمامه فى ترعة بسوهاج    "ثلاثي في الصدارة".. أعلى 10 لاعبين قيمة تسويقية ببطولة كأس العالم للأندية    عنان: متحور «نيمبوس» أقل خطورة.. ولكن أكثر تماسكاً مع خلايا الجسم    فلسطين: استشهاد شقيقين برصاص الاحتلال في نابلس    يحيى الفخراني عن نبيل الحلفاوي: "أصدق الأصدقاء"    البرازيل ضد باراجواى.. أنشيلوتى يدفع بتشكيل نارى لحسم بطاقة كأس العالم    نظرة إلى العين السخنة    رئيس جامعة دمنهور: «صيدلة البحيرة» أول كلية تحصل على اعتماد مؤسسي وبرامجي في مصر    هل شريكك من بينهم؟ 3 أبراج الأكثر خيانة    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    لكسر الحصار.. التفاصيل الكاملة حول قافلة صمود    كندا تعتزم بيع سندات أجل 28 يوما بقيمة 2.5 مليار دولار كندي    تقارير: فيرتز على أعتاب ليفربول مقابل 150 مليون يورو    إنفانتينو: الجميع يعرف تاريخ الأهلي.. وأعلم أنه بمثابة حياة لجماهيره    محمود وفا حكما لمباراة نهائى كأس عاصمة مصر بين سيراميكا والبنك الأهلى    ظاهرة تتفاقم في الأعياد والمناسبات .. المخدرات تغزو شوارع مصر برعاية شرطة السيسي    بعد زيزو.. تفاصيل إنهاء الأهلي لصفقته قبل السفر لكأس العالم للأندية    «صفقات فاشلة».. تفاصيل تقرير ميدو في الزمالك (خاص)    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: لن نسمح بالتلاعب بمصير الشعب الفلسطينى    محافظ الدقهلية يتفقد شوارع المنصورة ليلا.. ويؤكد: لا تهاون فى مواجهة الإشغالات    محاقظ المنوفية يحيل موظف وحدة محلية في أشمون إلى النيابة بتهمة الرشوة    مرض ابنى آدم وعملياته السبب.. تامر حسنى يعتذر عن حضور فرح محمد شاهين    عن "اللحظة الدستورية" المقيدة بمطالب الشعب الثائر    «ابني تعبان وعملياته السبب».. تامر حسني يعتذر عن عدم حضور فرح محمد شاهين    المذاكرة وحدها لا تكفي.. أهم الفيتامينات لطلاب الثانوية العامة قبل الامتحانات ومصادرها    بطريقة آمنة وطبيعية.. خطوات فعالة للتخلص من الناموس    هل لاحظت رائحة كريهة من تكييف العربية؟ إليك الأسباب المحتملة    فريق «هندسة القاهرة» الثالث عالميًا في «ماراثون شل البيئي» لعام 2025    مُخترق درع «الإيدز»: نجحت في كشف حيلة الفيروس الخبيثة    وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات الإقليمية لمتابعة سير العمل    "الأوقاف" تعلن أسماء الفائزين في مسابقة الصوت الندي 2025    التعليم: عودة قوية لاختبار "SAT".. بمشاركة 100% دون شكاوى    يحيى الفخراني عن اختياره شخصية العام الثقافية: شعرت باطمئنان بوجودي على الساحة    فن إدارة الوقت بأنامل مصرية.. ندوة ومعرض فني بمكتبة القاهرة الكبرى تحت رعاية وزير الثقافة    غدا.. 42 حزبا يجتمعون لتحديد مصيرهم بانتخابات 2025 (تفاصيل)    أستاذ اقتصاديات الصحة: نسبة تحور "كورونا" ارتفعت عالميًا إلى 10%    أمين " البحوث الإسلامية " يتفقَّد إدارات المجمع ويشدد على أهميَّة العمل الجماعي وتطوير الأداء    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    الجريدة الرسمية تنشر قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاج فلسفى للحسد العام (2)
نشر في الوطن يوم 04 - 01 - 2015

إن من أكبر مشاكل الإدراك العقلى التى يُوقع فيها الحاسد نفسه، أنه بتنمية تيار الحسد فى عقله، يؤذى نفسه قبل أن يؤذى المحسود! مما يدل على الخلل الذهنى أو الإدراكى عند هذا الحاسد.
ولذا ربما يكون الحسد أكثر خصائص الطبيعة البشرية جلباً للشعور بالتعاسة؛ فالحسود لا يتمنى أن يصب البلاء على من يحسده فحسب، ولا يتردد فى ذلك إن سنحت له الفرصة بغير عقاب، بل إنه يشقى شخصياً بحسده للآخرين، فبدلاً من الشعور باللذة أو السرور بما لديه، نراه يستمد الألم مما يحظى به الآخرون! إن الحسد هو تلك الطبيعة البشرية الخسيسة التى لو تعمقنا فيها لوجدنا أنها وراء كثير من دوافع إيذاء الآخرين سواء بالفعل أو بالقول، وهو ليس صفة عارضة أو أمراً هيناً؛ ولذلك فإننا قد استطردنا فيه بعض الشىء أملاً فى الكشف عن جانب مظلم فى الطبيعة البشرية كثيراً ما يسبب التعاسة للحاسد نفسه، وإذا ما نجح الإنسان فى التغلب على تلك الطبيعة، فإنه سيكون قد أسهم فى إنضاب وتخفيف منبع كبير من المنابع التى تدفع للصراع المميت بين طوائف المجتمع الواحد. هل تعلم عزيزى القارئ ما الجريمة التى تقع عقوبتها قبل أن تتحول من عالم النوايا إلى عالم الواقع، والتى تسبقها العقوبة أو تلازمها؟ أى أن العقوبة تحدث فى الوقت نفسه الذى يتم فيه ارتكاب الجريمة على المستوى الشعورى وقبل حدوث جرم خارجى. إذا نظرت فى كل العقوبات تجدها تحدث بعد وقوع الخطأ فى الواقع الخارجى، إلا الحسد فإن عقوبته تحدث فى أثناء الشعور به، وقبل أن يتحول إلى فعل مؤذٍ فى الواقع الخارجى؛ فنفس الحاسد تحترق غلاً ونقمة ومعاناة وحقداً. ومن أسف فإن الحاسد لو استطاع أن يحرم الآخرين مزاياهم دون أن يناله عقاب لفعل! ولأنه لا يستطيع ذلك، فإنه يلجأ إلى الوسائل الخسيسة لإلحاق الأذى بالمحسود.
وما من شك فى أن افتعال «العقبات» و«الوشايات» و«الشائعات» و«التآمر» من تلك الوسائل الخسيسة الجبانة التى يلجأ إليها الحاسد، وتكون «التفسيرات المصطنعة» عنده بمثابة إجابات يتمناها عن أسئلة دائماً ما يطرحها على نفسه: لماذا يحظى شخص ما بالتقدير والاحترام؟ لماذا وصل «س» من الناس إلى النجاح؟ لماذا حقق «ص» كل هذه الثروة؟ لماذا حصل «ع» على منصب مرموق؟ هذه كلها أسئلة يوجهها الحسود إلى نفسه ولا يجد عليها إجابات شافية لحسده، ولذا فإنه يصنع إجابات -أحياناً بوعى وأحياناً بدون وعى- لكى يبرر فشله هو الذى لا يريد أن يعترف به وفى الوقت نفسه يبرر نجاح الآخرين أمام نفسه، وتكون هذه الإجابات هى المضمون الفعلى للشائعات، فهذا منافق متملق وصولى! وذاك حرامى مرتشٍ! وتلك تفرط فى عرضها وشرفها! وهلم جرا. والحسد -من أسف- قد يقع بين المؤمنين، وهذا تناقض واضح بين الإيمان وفعل الحسد. ويجب أن يعدل المؤمن من أفكاره؛ لأن من التناقض أن تكون مؤمناً بالله وقدره وتدبيره ثم تحسد الآخرين على ما أعطاهم الله من فضله! فأنت بهذا متمرد على ما تؤمن به من قسمة الله بين الناس «أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ» (الزخرف: 32). ومن أفضل الإجابات التى قدمها الفلاسفة، تلك الإجابة التى طرحها الفيلسوف برتراند راسل فى كتابه «الوصول إلى السعادة»؛ حيث يقترح بالنسبة للمؤمن الصالح علاج «اللاذاتية»، أى يحاول المؤمن أن يجاهد نفسه لكى يكون غير أنانى وغير متمركز حول ذاته. وإذا ما تركنا الصالحين جانباً وأخرجناهم من حسابنا، فإن علاج الحسد لدى الرجال والنساء هو تنمية «الشعور الداخلى بالسعادة»، والصعوبة هنا مصدرها أن الحسد نفسه عقبة رهيبة تعترض الوصول إلى السعادة، والحسد يكبر وينمو فى فترة الطفولة؛ فالطفل الذى يرى أخاً أو أختاً مفضلاً عليه أمامه يكتسب عادة الحسد، وعندما يكبر ويخرج إلى العالم يفتش عن المظالم التى يمكن أن يكون ضحيتها، ويدركها على الفور إذا ما وقعت، بل ويتخيلها إذا لم تقع! مثل هذا الإنسان شقى لا محالة، وهو أيضاً مصدر إزعاج للآخرين. بيد أن الحسود قد يقول: «وما جدوى أن تقول لى إن علاج الحسد هو السعادة؟ فأنا لا أستطيع أن أجد السعادة ما دمت أشعر بالحسد، وأنت تقول لى إننى لا يمكن أن أتوقف عن الحسد إلا إذا وجدت السعادة». يجيب «راسل» عن هذا بأن الحياة الواقعية ليست مطلقاً بمثل هذه الدقة المنطقية، فمجرد إدراك المرء أسباب مشاعر حسده يعد خطوة كبيرة صوب شفائها.
وعلى الإنسان الحكيم -كى يكتشف سبيل سعادته ونجاحه- أن يدرك أن الدنيا واسعة، وفضل الله أوسع، وأن ما يلحق الآخرين من نعمة لن يقلل فرصة ما يمكن أن يلحقه من نِعم، فعليه أن ينشغل بتنمية نفسه بدلاً من أن ينشغل بهدم الآخرين، وأن يكبّر عقله ويوسع قلبه، ويتجاوز نواقص النفس البشرية؛ لكى يحظى بالحرية، وينعم بالتحرر من كل المنغصات، ويسهم فى إرساء دعائم مجتمع أفضل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.