انقطاع التيار عن مناطق واسعة في طوخ بسبب أعمال صيانة بمحطة المحولات.. غدا    الرئيس اللبناني يدعو لممارسة الضغوط على إسرائيل لتطبيق وقف إطلاق النار والانسحاب    وزير الخارجية يتوجه إلى قطر للمشاركة في منتدى الدوحة    وسام أبو علي: نسعى للفوز على سوريا وسأبقى مع فلسطين حتى النهاية    ضبط قضايا اتجار في العملات الأجنبية ب 4 ملايين جنيه    العثور على جثة طفلة مجهولة الهوية بالترعة الإبراهيمية بسمالوط شمال المنيا    إتاحة خدمة إصدار شهادة بسعر المشغولات الذهبية عبر مكاتب البريد بالتعاون مع مصلحة دمغ المصوغات والموازين    اليوم العالمي للتطوع يشعل طاقات الشباب 35 ألف متطوع بصندوق مكافحة الإدمان يقودون معركة الوعي ضد المخدرات في كل محافظات مصر    الفيلم اللبناني Suspension بمهرجان القاهرة للفيلم القصير بعرضه العالمي الأول    لقاءات ثنائية مكثفة لكبار قادة القوات المسلحة على هامش معرض إيديكس    قرعة كأس العالم 2026.. منتخب مصر فى مواجهة محتملة ضد المكسيك بالافتتاح    ماكرون يدعو لزيادة الضغوط على روسيا ولموقف موحد أوروبي أمريكي بشأن أوكرانيا    الفيومي: 7.6% نموًا في التبادل التجاري المصري الأوروبي.. والصادرات تقفز إلى 7.57 مليار دولار    يلا شوووت.. مباراة عمان والمغرب اليوم: موعد قوي وحاسم في كأس العرب 2025 والقنوات الناقلة    الأهلي يلتقي «جمعية الأصدقاء الإيفواري» في افتتاح بطولة إفريقيا لكرة السلة سيدات    سلوت: محمد صلاح لاعب استثنائي وأفكر فيه سواء كان أساسيًا أو بديلًا    منال عوض تؤكد: وزراء البحر المتوسط يجددون التزامهم بحماية البيئة البحرية والساحلي    وزير الكهرباء: تعظيم مشاركة القطاع الخاص بمجالات الإنتاج والتوزيع واستخدام التكنولوجيا لدعم استقرار الشبكة    منال عوض: إزالة أدوار مخالفة لرخص البناء ومصادرة مواد البناء واتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المخالفين    لليوم ال 5.. التموين تواصل صرف المقررات و المنافذ تعمل حتى 8 مساءً    "Cloudflare" تعلن عودة خدماتها للعمل بكامل طاقتها مجددًا بعد انقطاع عالمي واسع النطاق    بدءًا من الغد.. منخفض جوى وعواصف رعدية وثلوج فى لبنان    القاهرة الإخبارية: جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصف رفح وحي التفاح شرق غزة    حفل لفرقة "كايرو كافيه" بدار الأوبرا الأحد المقبل    باحثة تكشف تأثير الزخارف الدولية على الفن المصري وتحولها إلى هوية محلية    محافظ الجيزة: توريد 20 ماكينة غسيل كلوي ل5 مستشفيات بالمحافظة    قافلة طبية بقرية أبو عدوي في دمياط تقدم خدمات مجانية لأكثر من ألف مواطن    وكيل الجفالي يوضح حقيقة شكوى اللاعب لفسخ عقده مع الزمالك    جهاد حسام الدين تنضم إلى مسلسل عباس الريّس في أول تعاون مع عمرو سعد    وكيل تعليم القاهرة تشارك بفعاليات لقاء قيادات التعليم ضمن مشروع "مدارس مرحبة ومتطورة"    مصر تستضيف النافذة الثانية من تصفيات كأس العالم للسلة    تفاصيل القصة الكاملة لأزمة ميادة الحناوى وحقيقة لجوئها ل AI    خرست ألسنتكم داخل حناجركم    ضبط 1200 زجاجة زيت ناقصة الوزن بمركز منفلوط فى أسيوط    طريقة عمل السردين بأكثر من طريقة بمذاق لا يقاوم    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة زينب (بث مباشر)    الحصر العددي يكشف مفاجآت في انتخابات دائرة إمبابة.. مرشح متوفى يحصل على الترتيب الرابع وأصوات إيهاب الخولي تتراجع من 22 ألف إلى 1300 صوت    بعد إطلاق فيلم "أصلك مستقبلك".. مكتبة الإسكندرية: كل أثر هو جذر من شجرتنا الطيبة    مصر ترحب باتفاقات السلام والازدهار بين الكونغو الديمقراطية ورواندا الموقعة في واشنطن    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025    حوكمة الانتخابات.. خطوة واجبة للإصلاح    الأنبا رافائيل يدشن مذبح الشهيد أبي سيفين بكنيسة العذراء بالفجالة    طارق الشناوي: الهجوم على منى زكي في إعلان فيلم الست تجاوز الحدود    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    30 دقيقة تأخير على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الجمعة 5 ديسمبر 2025    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    الأزهر للفتوي: اللجوء إلى «البَشِعَة» لإثبات الاتهام أو نفيه.. جريمة دينية    الجيش الأمريكي يعلن "ضربة دقيقة" ضد سفينة مخدرات    دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة وأعظم الأدعية المستحبة لنيل البركة وتفريج الكرب وبداية يوم مليئة بالخير    رئيس هيئة الدواء يختتم برنامج "Future Fighters" ويشيد بدور الطلاب في مكافحة مقاومة المضادات الحيوية وتعزيز الأمن الدوائي    فضل صلاة القيام وأهميتها في حياة المسلم وأثرها العظيم في تهذيب النفس وتقوية الإيمان    محافظ المنيا يشهد فعاليات الندوة التثقيفية ال91 لقوات الدفاع الشعبي    ميلان يودع كأس إيطاليا على يد لاتسيو    ضبط شخص أثناء محاولة شراء أصوات الناخبين بسوهاج    الأمن يكشف ملابسات فيديو تهديد مرشحى الانتخابات لتهربهم من دفع رشاوى للناخبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحسد الخفي رذيلة

إن الشائعات التي يطلقها الأفراد ضد بعضهم البعض. من أخس مظاهر الطبيعة البشرية» وهي غالباً ما تنمو في الوسط المهني وبين زملاء العمل. عندما تشتد المنافسة فيتفوق البعض ويفضل الآخرون. هنا تجد الفاشلين - إذا لم يكن لديهم سياج من دين أو أخلاق - يتفننون في إطلاق الشائعات علي الشخص الناجح.
والشائعات الفردية هي أحد مظاهر التعبير عن ¢الحسد¢ الذي يعد من أعمق الانفعالات البشرية وأكثرها شيوعاً» بدليل أنه ملاحظ عند الأطفال. ولابد أن يعالجه كل مرب بالرقة والحنان والحذر» فأدني بادرة من مظاهر إيثار طفل علي حساب آخر يشعر بها هذا الطفل ويسخط عليها ويستاء منها. ومن ثم تجب مراعاة العدالة في التوزيع.. عدالة مطلقة. صارمة لا تتغير. سواء علي المستوي المادي أو العاطفي» حتي يمكن معالجة ¢الحسد¢ والتخفيف من حدته في التكوين النفسي للطفل.
ومن أسف فإن الأطفال ليسوا أكثر صراحة إلا بمقدار قليل جداً من الكبار من حيث التعبير عن ¢الحسد¢ فالحسد منتشر وشائع بين الكبار شيوعه بين الأطفال! ويقوم الحسد بدور بارز وخارق للعادة بين النساء المحترمات في العادة. وخذ مثلاً علي ذلك: فإن تصادف أنك كنت في المترو. ومرت في دهليز العربة امرأة حسنة الهندام. راقب عندئذ عيون النساء الآخريات! ستري أن كل واحدة منهن - ربما باستثناء من هن أحسن منها هنداماً - سترمقها بنظرات العداء. وستناضل لاستنباط ملاحظة تحط من قدرها!.
ويمكن القول إن حب تناقل الفضائح والشائعات تعبير عن هذا ¢الحسد العام¢» لدرجة أن أية قصة أو شائعة تقال ضد امرأة أخري تلقي غالباً التصديق في الحال ولو علي أوهي أساس ممكن! ولا ينجو كبار المجرمين من التعرض للحسد الخفي من قبل العاجزين والجبناء وطائفة من غير الأسوياء نفسياً.
فالحسد ليس ملاحظاً فقط بين الأطفال والنساء. بل بين الرجال. والفرق بين الحالات الثلاث. أن الحسد معبر عنه بصراحة أكبر بين الأطفال. والفرق بين النساء والرجال أن كل أمرأة تنظر إلي سائر النساء كمنافسات من حيث هنّ نساء. أما الرجال فالقاعدة أن شعورهم هذا ليس موجهاً إلا إلي الرجال من مهنتهم نفسها » ولذا فإن علماء الجرح والتديل في الحضارة الإسلامية لا يأخذون برأي الأقران في بعضهم البعض. ومن التهور إطراء فنان أمام فنان آخر. أو سياسي لدي سياسي منافس له. أو عالم لدي عالم آخر. أو فيلسوف أمام فيلسوف. ففي أغلب الأحيان أن ذلك سيثير عاصفة من الغيرة علي الأقل داخلياً. والغيرة شكل معين من أشكال الحسد وفق ما يقول الفيلسوف الإنجليزي ¢برتراندرسل الذي ذكر مثلاً طريفاً علي هذا اللون من الحسد وعلاقته بتصديق الشائعات حتي بين الفلاسفة والعلماء! فأشار إلي أنه توجد في الرسائل المتبادلة بين ¢ليبنتس¢ و¢هويجنز¢ عدة خطابات تفيض بالتحسر علي إصابة ¢نيوتن ¢ بالجنون! فقد كتب كل منهما للآخر- حسب ما ذكره رسل- يقول: ¢أليس محزناً جداً أن عبقرية نيوتن التي لا تضارع قد خيمت عليها آفة فقدان العقل؟¢. وراح هذان العالمان البارزان في سلسلة من الرسائل يذرفان دموع التماسيح في حبور واضح! والواقع أنا لحدث الذي كانا يتحسران عليه ويندبانه في رياء لم يكن له نصيب من الصحة» إذ كان مجرد شائعة ساعد علي ظهورها شئ قليل من السلوك الطريف أو الغريب لنيوتن!
إن الحسد مرتبط بالطبع ارتباطاً وثيقاً بالمنافسة» فالمرء إن كان يشتهي المجد العسكري والسياسي قد يحسد نابليون. ولكن نابليون كان يحسد يوليوس قيصر» ويوليوس قيصر كان يحسد نابليون. ولكن نابليون كان يسحد يوليوس قيصر» ويوليوس قيصر كان يسحد الإسكندر الأكبر. والإسكندر الأكبر - فيما يُظن - كان يحسد هرقل الذي لم يكن له وجود قط إلا في الأساطير اليونانية!
لكن ربما لا يحسد المرء شخصاً آخر لعي شئ يتصور أنه يتجاوز كل أمر له في الوصول إليه» ومن ثم لن يكون لديه دافع قوي لإصدار الشائعات السيئة حوله. ففي العصر الذي كان فيه السلم الاجتماعي ثابتاً. لم تكن الطبقات الدنيا تحسد الطبقات العليا ما دام التقسيم إلي أغنياء وفقراء شياً يعتقد الناس أنه قدر إلهي. فالمتسولون في ذلك العصر لا يحسدون أصحاب الملايين. مع أنهم بالطبع يحسدون المتسولين الآخرين الأنجح منهم في التسول!.
لكن عدم ثبات الوضع الاجتماعي في العصر الحديث والنظريات الديمقراطية والاشتراكية المنادية بالمساواة. كل ذلك عمل علي توسيع نطاق الحسد. وهذا شر كله لكنه شر لابد من تحمله حتي يمكن الوصول إلي نظام اجتماعي أكثر عدالة. ويقوم الحسد في عصرنا بدور بارز» فالفقراء يحسدون الأغنياء. والمتأخرون دراسياً يحسدون المتفوقين. والمتخلفون عن الترقية يحسدون مَنْ سبقهم . والنساء يحسدن بعضهن بعضاً. كل ذلك باستثناء الحالات التي دربت نفسها علي الإعجاب لا علي الحسد. ونجحت في إيجاد توازن عقلي يجلب لها شعوراً بالقناعة والرضا.
إن الحسد شكل من أشكال الرذيلة. وهذه الرذيلة جانب منها خلقي والجانب الآخر ذهني. وهي عبارة عن عدم رؤية الأشياء في ذاتها ومن حيث هي. بل من حيث علاقتها بغيرها. ولنفرض أن شخصاً ما يكسب راتباً يكفيه للوفاء باحتياجاته. فينبغي أن يكون راضياً قانعاً به. لكن عندما يعلم هذا الشخص أن آخر يحصل علي مرتب ضعف راتبه مع أنه ليس أفضل منه. فإنه سيشعر - إذا ما كان حسوداً - بتبخر رضاه وقناعته. وتأكله نار الحسد. وربما يكون الحسد أكثر خصائص الطبيعة البشرية جلباً للشعور بالتعاسة» فالحسود لا يتمني أن يصب البلاء علي من يحسده فقط. ولا يتردد في ذلك إن سنحت له الفرصة بغير عقاب فحسب. بل إنه يشقي شخصياً بحسده للآخرين. فبدلاً من الشعور باللذة أو السرور بما لديه. نراه يستمد الألم مما لدي سواه! ومن أسف فنه لو استطاع أن يحرم الآخرين مزاياهم دون أن يناله سوء لفعل! ولأنه لا يستطيع ذلك. فإنه يلجأ إلي الوسائل الخسيسة لإلحاق الأذي بالمحسودين. وما من شك في أن افتعال الشائعات من تلك الوسائل الخسيسة الجبانة التي يلجأ إليها الحاسد. وتكون الشائعات عنده بمثابة إجابات يتمناها عن أسئلة دائماً ما يطرحها علي نفسه: لماذا يحظي شخص ما بالتقدير والاحترام؟ لماذا وصل ¢س¢ من الناس إلي النجاح؟ لماذا حقق¢ص¢ كل هذه الثروة؟ لماذا حصل ¢ع¢ علي منصب مرموق؟ هذه كلها أسئلة يوجهها الحسود إلي نفسه ولا يجد عليها إجابات شافية لحسده. ولذا فإنه يصنع إجابات أحياناً بوعي وأحياناً بلا وعي- لكي يبرر فشله هو الذي لا يريد أن يعترف به وفي الوقت نفسه يبرر نجاح الآخرين أمام نفسه. وتكون هذه الإجابات هي المضمون الفعلي للشائعات . فهذا منافق متملق وصولي! وذاك حرامي مرتشي! وتلك تفرط في عرضها وشرفها ! وعلم جرا.. وتنسج حول هذه الإجابات الشائعات المحبوكة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.