3 أيام متتالية إجازة رسمية للموظفين والبنوك والمدارس    هيئة الرقابة النووية: الوضع الإشعاعي في منشأة نطنز الإيرانية لا يزال تحت السيطرة    سعر الذهب اليوم يرتفع مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط    إزالة 10 حالات تعد على مساحة 2870 م2 بأسوان.. صور    رحلة تعريفية لوفد من المدونين والمؤثرين الأمريكان بالمقصد المصري    عقب هجمات إسرائيل على إيران.. سلطنة عمان: تصعيد خطير ومتهور    78 قتيلا و329 جريحا حصيلة أولية للهجوم الإسرائيلي على إيران    قطر والسعودية تستضيفان الملحق الآسيوي المؤهل لكأس العالم    الأهلي يستعد لكتابة فصل جديد فى قصة الإنجازات    قبل موقعة إنتر ميامي.. الأهلي "كابوس" أصحاب الأرض في كأس العالم للأندية    ضبط مصنع لإعادة تدوير زيوت السيارات المستعملة بمركز ببا ببنى سويف    محافظ الشرقية يطمئن على جاهزية لجان الثانوية العامة    الأرصاد تحذر من ذروة الموجة الحارة اليوم: حرارة تلامس 44 وتحذيرات هامة للمواطنين    ضبط سائق سيارة عرض حياة المواطنين للخطر في الشرقية    حنان مطاوع بعد فوز فيلمها "هابي برثداي" ب3 جوائز دولية: فخورة كوني جزءا منه    بعد اغتيال رئيس الجيش الثوري.. كيف توقع المسلسل الإسرائيلي "طهران" ما حدث    الصحة تطلق حملة توعوية لتعريف المرضى بحقوقهم وتعزيز سلامتهم بالمنشآت الطبية    ليفربول يحسم صفقة فلوريان فيرتز    أبو العينين: الأهلي لو طلب عيني أدهاله    إنفوجراف| إسرائيل تدمر «عقول إيران» النووية.. من هم؟    السيطرة على حريق محل داخل مول فى مدينة 6 أكتوبر    حملات أمنية لضبط جالبي ومتجري المواد المخدرة والأسلحة النارية والذخائر غير المرخصة في أسوان ودمياط    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الجمعة 13 يونيو 2025    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 13 يونيو 2025    إخلاء سبيل والد عريس الشرقية المصاب بمتلازمة داون ووالد عروسه    عرض أولى حلقات مسلسل فات الميعاد اليوم على watch it وغدًا على DMC    وزير الصناعة والنقل :ميناء دمياط يستقبل 5 أوناش رصيف عملاقة من أوناش ( STS ) المخصصة لمحطة الحاويات " تحيا مصر 1"    أسباب عين السمكة وأعراضها ومخاطرها وطرق العلاج والوقاية    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 137 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    الأحد.. ثقافة الفيوم تقيم ورشة مجانية لتعليم كتابة القصة    بث مباشر| شعائر صلاة الجمعة من مسجد «الجامع الأزهر الشريف»    مجدي عصام يكتب: قوافل فك الحصار عن غزة: تضامن عبثي أم تهديد مقنع؟    الحج السياحي في مرآة التقييم ..بين النجاح وضيق المساحات.. شركات السياحة تطالب بآليات جديدة لحجز مواقع الحجاج بالمشاعر المقدسة .. دعوات بعودة التعاقد الفردي مع المطوفين    رئيس البيت الفني للمسرح يفتتح أولى ليالي «الفندق» بأوبرا ملك.. صور    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    قطار الموت يدهس شابين بقنا.. أحلام "ولاد العم" انتهت في لحظة    وكيل الأوقاف ببني سويف يوجه بضبط استخدام مكبرات الصوت لعدم إزعاج المواطنين    كوكا: ميسي يكلم الكرة.. ولا أحب اللعب في هذا المركز    رئيس مدينة بلبيس يتعرض لمحاولة اعتداء مسلح أثناء ضبط مخالفة بناء    من صمت الصخور إلى دموع الزوار.. جبل أحد يحكي قصة الإسلام الأولى    كأس العالم للأندية - الأهلي يواصل تحضيراته لمواجهة إنتر ميامي    بعد استهداف إيران.. رئيس الأركان الإسرائيلي: «كل من يحاول تحدينا سيدفع ثمنا باهظا»    أسعار الخضروات اليوم الجمعة 13 يونيو 2025 في أسواق الأقصر    محمد شكري يكشف حقيقة الانتقال للأهلي بعد مونديال الأندية    رئيس الوزراء: نتابع الموقف أولا بأول وتنسيق بين البنك المركزي والمالية لزيادة مخزون السلع    وزارة الطيران: المجال الجوي المصرى آمن ويعمل بشكل طبيعي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 13-6-2025 في محافظة قنا    في ختام رحلة الوفاء.. أسر الشهداء يغادرون المدينة المنورة بقلوب ممتنة    جعفر: الفوز بكأس مصر كان مهم قبل بداية الموسم المقبل    مع إعلانها الحرب على إيران.. إسرائيل تُغلق مجالها الجوي بالكامل    نتيناهو: نحن في لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل وبدأنا عملية «شعب كالأسد» لإحباط المشروع النووي الإيراني    "مستقبل وطن المنيا" ينفذ معسكرا للخدمة العامة والتشجير بمطاي    «سهل أعمل لقطات والناس تحبني».. رد ناري من محمد هاني على منتقديه    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يؤكد على دور الإعلام الحيوي في دعم المنظومة الصحية    تعرف على برامج الدراسة بجامعة السويس الأهلية    دينا عبد الكريم تلتقي بالسفير حبشي استعدادًا لجولة كبرى لبناء قواعد للجبهة الوطنية من المصريين بالخارج    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    تعامل بحذر وحكمة فهناك حدود جديدة.. حظ برج الدلو اليوم 13 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاج فلسفى للحسد العام! (1)
نشر في الوطن يوم 28 - 12 - 2014

يمكن أن أرجع جانباً من المعارك الزائفة التى يخوضها البعض ضد الآخرين فى مجتمعنا، سواء كانوا أفراداً أم جماعات، إلى حالة الحسد العام السياسى والاجتماعى التى تُعدّ عرضاً من أعراض مجتمع تعلوه ثقافات طفيلية هشة ومريضة.
ولكن هل من سبيل لعلاج الحسد؟
توجد إجابات عديدة على هذا السؤال، ليس من بينها الرُّقية ولا البخور ولا التمائم ولا الأحجبة ولا ما شابه! والإجابة التى سأحاول تقديمها ليست لعلاج المحسود كما جرت العادة، بل لعلاج الحاسد. إنه الأولى بالعلاج؛ وهو الأخطر على المجتمع والناس، بل وعلى نفسه. وهو غالباً يعذب نفسه بهذا الحسد الذى يعانيه، وتتحول هذه المعاناة إلى شرور وأفعال وكلمات مؤذية.
ويمكن أن أتحدث عن عدة إجابات على هذا السؤال عن كيفية علاج الحاسد، منها إجابة فلسفية معرفية تتعلق بإعادة تكوين الأفكار عن العالم والإنسان، ومنها أيضاً إجابة الدين والمنظومة الاعتقادية.
نعم، إن الفلسفة لها رأى فى هذا الموضوع، فليست الفلسفة كما يظن البعض تقف فقط عند النظريات الكبرى التى تفسر الوجود والحياة والإنسان والألوهية والمبدأ والمصير وطبيعة المعرفة والقيم، بل الفلسفة -أو بعض الفلاسفة إذا أردنا الدقة- مهمومون أيضاً بمشاكل الإنسان التافهة التى تصنعها عقول ونفوس صغيرة، ومع أنها مشاكل تافهة، فإن اهتمام بعض الفلاسفة بها ليس تافهاً؛ لأنه اشتغال بما يساعد على وصول الإنسان إلى السعادة بوصفها غاية إنسانية قصوى. ومن ينكر هذا مغالط ومتعالٍ كبير!
كيف تحل الفلسفة، إذن، مأزق الحسد الإنسانى؟
إن إجابة الفلسفة ليست إجابة واحدة مطروحة عند كل الفلاسفة؛ لأن الفلسفة ما هى إلا إجابات متنوعة بقدر تنوع الفلاسفة وزوايا النظر التى ينظر بها كل منا إلى العالم. والإجابات الفلسفية ليست معزولة عن علم النفس أو الاجتماع أو الدين أو العلوم الأخرى؛ بل تتضمن شيئاً منها أو كلها.
بتحليل بسيط نجد أن الحسد السلبى شكل من أشكال الرذيلة، وهذه الرذيلة جانب منها خلقى والجانب الآخر عقلى. أما الجانب الخلقى فقد أدانته كل الأديان والمنظومات الفلسفية الأخلاقية، والجميع يعرف ذلك. ولهذا أريد أن أتوقف عند الجانب الآخر المتعلق بعمل العقل فى طريقة إدراكه لما حوله وطريقة تعامله مع العالم المحيط.
إن الحسد يحدث عند إجراء المقارنات، أى عند عدم رؤية الشخص للأشياء فى ذاتها ومن حيث هى، بل من حيث علاقتها بغيرها، وهو يرى هذه العلاقات من زاوية ضيقة! مثلاً لنفترض أن شخصاً ما لديه «مال» يكفيه للوفاء باحتياجاته، فينبغى أن يكون راضياً قانعاً به إذا نظر إليه وحده فى حد ذاته، لكن عندما يعلم هذا الشخص أن آخر لديه مال أكثر مع أنه ليس أفضل منه من وجهة نظره الشخصية أو حتى من حيث الحقائق الموضوعية، فإنه سيشعر -إذا ما كان حسوداً- بتبخر رضاه وقناعته، وتأكله نار الحسد، خاصة أنه لا يرى أو لا يُدخل مجموع الأشياء فى حساباته؛ فلم يُدخل مُعامل الصحة ولا رأس المال الاجتماعى ولا التوافق الأسرى ولا الأصدقاء المخلصين ولا ضغوط العمل ولا حجم الإنفاق ولا القدرة على الاستمتاع بالحياة أو غيرها من متغيرات كثيرة. إنه قد ركز فقط على نقطة واحدة وأحدث المقارنة معها! ثم أعقب المقارنة بشعور ناقم حاقد يتمنى فيه وبه زوال الخير الذى ينعم به الآخر.
إذن التفكير بأسلوب المقارنات هو المسئول عن جزء كبير من أسباب الحسد؛ والذى يعتاد مثل هذه العادة إنما يعتاد عادة مميتة، كما يقول الفيلسوف برتراند رسل فى كتابه «الوصول إلى السعادة»، ولا بد أن يقضى عليها، فإذا حدث شىء سار وجب الاستمتاع به بأكمله وفى حد ذاته، بدون التوقف كى نفكر فى أنه ليس مضاهياً فى مسرته لشىء آخر لم نحصل عليه. والحسود دائماً يعقد المقارنات ويقول: «نعم.. اليوم مشرق مشمس، والوقت ربيع، والطيور تصدح، والأزهار متفتحة وناضرة، ولكنى أعلم أن الربيع فى صقلية أبدع ألف مرة منه هنا..»! ويشعر وهو يفكر على هذا النحو بأن الشمس غدت معتمة، وأن تغريد الطيور مجرد زقزقة ولغو فارغ، وأن ورد حديقته لا يستحق التفاتة لأن ورد حديقة أخرى أروع! وهو يعامل سائر أفراح الحياة على هذا النحو؛ فهو خليق أن يقول لنفسه: «أجل إن حبيبة قلبى جميلة، وأنا أحبها وهى تحبنى، ولكن لا بد أن ملكة سبأ كانت أجمل منها كثيراً! آه لو كانت أُتيحت لى الفرص التى أُتيحت لسليمان!».
إن التفكير بأسلوب المقارنات على النحو السابق، لهو أمر سخيف ولا معنى له إلا الدلالة على مرض ينبغى الشفاء منه، ويستوى فى ذلك أن يكون سبب الحسد والشعور بالسخط ملكة سبأ أو أحوال الجيران وزملاء العمل! فكل ذلك لغو عقيم، والإنسان الذكى لا يقل فرحه بما لديه لأن شخصاً آخر عنده ما يفوقه!
وفى رأيى الشخصى كان من الممكن أن يُجرى هذا الحاسد المقارنة ويخطئ فيها ما يشاء، لكن يجعل شعوره «الغبطة» لا «الحسد»، والغبطة أن تتمنى لنفسك مثل حظ الآخر، دون تمنى زوال هذا الحظ عنه الذى أنعم الله به عليه. فالكون يتسع للجميع، والسماء لا يحلق بها نجم واحد!
وللحديث بقية..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.