بدلاً من أن يخرج علينا معاتيه الفتنة بفتاوى خزعبلية عن تحريم تهنئة غير المسلمين، كان الأولى بهم، إن كانت مصالح العباد ومستقبل البلاد تعنيهم أصلاً، أن يدعوا الجميع إلى نبذ الانتحار على الطرق، وترك السفه فى القيادة، والبعد عن العته فى تخطى بقية السيارات، والتوبة عن الهبل فى تحويل المركبة من وسيلة مواصلات إلى طريقة انتحار. وبدلاً من أن تخرج علينا قيادات إدارة المرور فى وزارة الداخلية ل«تناشد» المواطنين توخى الحذر واتباع قواعد القيادة واحترام إشارات المرور، فالأجدر بهم أن يطبقوا قوانين المرور بحذافيرها على الجميع، بدءاً برجالهم من أصحاب السيارات مروراً بالملاكى والأجرة وانتهاء ببلطجية الميكروباصات والباصات العامة والخاصة والنقل بأنواعه سواء الكبير أو النصف أو الربع، والدراجات النارية بأنواعها والتوك توك بأشكاله. وإذا كانت عمليات إحلال وتبديل السيارات القديمة، وصيانة الطرق والكبارى، وتجديد الأرصفة والشوارع، تستغرق بعض الوقت وتستدعى الكثير من المال، وفيها العديد من الجهات الحكومية ما يستلزم إجراءات واجتماعات وفعاليات ومنظومات، فإن مراقبة السرعات ومنع الوقوف فى الممنوع، ومعاقبة السير عكس الاتجاه، ومراجعة سبل اختبارات القيادة واستخراج الرخص لا تحتاج مخصصات مالية ضخمة ومراجعات حكومية فخمة ومراجعات سلطوية رخمة. فقط تحتاج ضباط مرور فى الشوارع والميادين ليلاً ونهاراً، وأفراد داخلية مدربين على تسيير الإشارات وتوقيفها، وتحرير المخالفات. تحتاج عاملين فى إدارة المرور لا يتكتكون على الهواتف المحمولة أثناء ساعات العمل، ولا يتحدثون إلى ذويهم وأصدقائهم بينما هم «مأنتخون» على المقاعد، ولا يتصيدون الملاكى للتدقيق فى الرخص بينما التوك توك يلهو فى الخلفية ومعه أبناء عمومته من الدراجات النارية غير المرخصة، يقودها أطفال ويروعون بها المارة ويسيرون بها عكس الاتجاه وعلى الأرصفة، دون أن يجدوا من يسألهم ثلث الثلاثة كام؟ وإذا كانت العمليات الحسابية السهلة البسيطة تحولت فى مصر المحروسة إلى لوغاريتمات يصعب فكها وألغاز يستعصى حلها، وبعيداً عن أرقام تشير إلى 13 ألف قتيل و40 ألف مصاب على طرق مصر سنوياً، وهى الأرقام المرشحة للتزايد مع تزايد سفه الطرق وعته القيادة، ونوم المرور فى عسل التدقيق فى الرخص، بعيداً عن وضع حلول جذرية لمنظومة باتت متفاقمة اسمها «القيادة الخطرة». القيادة الخطرة التى تجعل قائد السيارة الرجل معتقداً أنه كلما أسرع زادت هرمونات ذكورته، والتى تدفع قائدة السيارة المرأة إلى ضرورة الكسر على بقية من حولها وترويع من أمامها وتخويف من وراءها، حتى تكسر الصورة النمطية بأن النساء قائدات سيارات خائبات، التى تدفع قائد السيارة الشاب إلى التنفيس عن ميوله الثورية المجهضة فى ميدان التحرير، أو الممنوعة بأمر السيد الوالد، أو المكبوتة بإيعاز من السيدة الوالدة، وذلك عبر قيادة جنونية وأمركة هطلية وغرز مكوكية، والتى تعبر عن نفسها بسائق ميكروباص يعرف (ولا يعتقد) أنه فوق القانون، وأن الضباط عنه ساهون، وأن الأمناء منه قابضون، وأن القادة من حوله خائفون، وأن التباعين إلى جواره ضاربون بالعصى غازون بالمطاوى فى حال وقع فى مشكلة أو تطاول عليه أحدهم لوماً أو توقيفاً أو توبيخاً بسبب عتهه فى القيادة، والتى تعبر عن نفسها أيما تعبير هذه الأيام مع تفجر ظاهرة السيارات الصغيرة ربع النقل ويقود أغلبها سفهاء ويعتبرون تخبيطهم بها فى خلق الله طريقتهم الوحيدة ليقولوا للعالم «نحن هنا». يمكن لإصلاح الشوارع أن ينتظر، ويمكن لتمهيد الطرق أن يؤجل، لكن لا يمكن لسفه القيادة ونزيف المصريين أن يستمر تحت رعاية إدارة المرور. طبقوا القانون يرحمكم الله.