يعيشون فى عالمهم الخاص، لا تعنيهم صغائر الحياة وأعباؤها الثقيلة التى أحنت الظهور، يكفيهم الاحتفاظ ببراءة مشاعرهم وأحلامهم الطفولية ونقاء نواياهم لتنتفى عنهم صفة «المرضى»، وربما كان المجتمع فى حاجة إلى نظرة جديدة غير رافضة لمن يسمون ب«المعاقين ذهنياً». تجربة ندى ثابت، عضو المجلس القومى لذوى الإعاقة، والدة أحد المصابين بإعاقة ذهنية، تؤكد أن هناك حقوقاً عديدة يمكن لهؤلاء الحصول عليها حيال دمجهم داخل المجتمع وتعاطيه مع ظروفهم: «أنا عشان أعلم ابنى اضطريت إنى أسافر أعلمه فى مركز تأهيل خاص وفضل لحد سن 18 سنة، واضطرينا نخرجه عشان ندى فرصة لأطفال تانية يتعلموا». عوامل بسيطة رصدتها «ندى» لإمكانية التحاق المعاقين ذهنياً بالتعليم، أولها أن تكون نسبة ذكاء الطفل تصل إلى 55%، وتكون هناك مدارس صالحة لاستقباله: «الطفل المعاق ذهنياً ممكن يتعلم زى أى طفل عادى لمرحلة كبيرة، بس يكون فيه تهيئة لزملائه لاستقباله، ويكون فيه شخص متخصص كمدرس مساند للطفل عشان يبسّط له المناهج، وده ممكن يضمن إن المعاقين ذهنياً يتعلموا لنهاية مرحلة التعليم الأساسى». من رحم تجربة ابنها جاءتها فكرة إنشاء «قرية الأمل لرعاية ذوى الإعاقة الذهنية»، ورش تأهيلية للشباب إيذاناً باندماجهم فى المجتمع، وأخطأ من قال إنهم غير صالحين للعمل، «فى القرية بنعلمهم حرف كتير وصنعة يقدروا يشتغلوها، وفعلاً فيه كتير من اللى اتدربوا اشتغلوا فى مصانع بيشتغلوا فى أعمال التعبئة والتكييس وقص القماش، وبيقبضوا أجور زيهم زى كل الناس اللى بتشتغل معاهم». المشكلة الحقيقية تكمن فى عدم تشجيع تلك التجارب وتفعيلها بشكل كبير، نسبة الأطفال المتعلمين من ذوى الإعاقة الذهنية، وفقاً ل«ندى»، لا تتجاوز 2%، رغم صدور قرار من وزارة التربية والتعليم يتيح وجود 4 من الأطفال المعاقين ذهنياً داخل كل فصل، «مش كتير من المدارس الخاصة تحمست للفكرة، رغم إن مش مطلوب غير وجود حاجة اسمها غرفة مساعدة فى المدرسة، وده عبارة عن مكعبات وبازيلز تسهل على الأطفال الفهم والاستيعاب، وممكن يتعمل لهم امتحانات خاصة حسب نسبة ذكائهم». عضو القومى للإعاقة تؤكد أن فكرة دمج المعاقين ذهنياً فى المدارس تساعد بشكل كبير على دمجهم فى العمل مستقبلاً، لحدوث التلاقى بينهم وبين الأشخاص الأسوياء فى المجتمع، وهو ما قد يغيِّر صورتهم، «فيه رجال أعمال كتير عرضنا عليهم إنهم يشغلوا معاقين ذهنياً لكن كانوا بيرفضوا بداعى إنهم مفيش فايدة فيهم». الدستور المصرى فى المادة 80، أقرَّ أن الدولة تكفل حقوق الأطفال ذوى الإعاقة وتأهيلهم واندماجهم فى المجتمع، وألزم الدولة، فى المادة 81، بضمان حقوق ذوى الإعاقة فى التعليم ودمجهم مع غيرهم من المواطنين، دون أن تستثنى المادة الدستورية للإعاقات الذهنية، ما يعنى ضرورة تفعيل الدولة لقوانين حقيقية تتيح لهم التعليم والاندماج داخل المجتمع.