منال عوض: اختبارات تحديد المستوى بمركز سقارة تُجسّد نموذجًا لتطوير منظومة التدريب الحكومي    التنسيقية تعقد صالونًا نقاشيًا حول أغلبية التأثير بالفصل التشريعي الأول بمجلس الشيوخ    سعر الذهب اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025.. عيار 18 بدون مصنعية ب3911 جنيه    تغطية الطرح العام ل "الوطنية للطباعة" 8.92 مرة في ثالث أيام الاكتتاب    القائم بأعمال رئيس جامعة مصر للمعلوماتية: اليوم تحقق حلمنا بتخريج أول دفعة    محافظ المنوفية يستعرض الموقف الحالي لمنظومة النظافة والمشروعات    الكويت ترحب بإعلان بريطانيا عزمها الاعتراف الرسمى بدولة فلسطين    فلوريان فيرتز أفضل لاعب في مباراة ليفربول ويوكوهوما الودية    الداخلية السورية: مزاعم حصار محافظة السويداء كذب وتضليل    العثور على دقيقة مفقودة في تسجيلات المجرم الجنسي إبستين تثير الجدل.. ما القصة؟    ربيع ياسين عن لعب أحمد عبد القادر للزمالك: عادي ويوجد زملكاوية فى الأهلي    "لدينا رمضان وإيفرتون".. حقيقة تفاوض بيراميدز لضم عبدالقادر    بفريقين مختلفين.. الأهلي يخطط لخوض وديتين يوم الأحد المقبل    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواجه تونس خلال أجندة سبتمبر    رسميا.. المقاولون العرب يعلن ضم لاعب الزمالك السابق    السجن المؤبد لمدرس تعدى على 10 طالبات داخل مدرسة فى الإسكندرية    انخفاض فى درجات الحرارة غدا واضطراب بالملاحة والعظمى بالقاهرة 34 درجة    صاحبة دعوى إثبات نسب طفل للاعب إسلام جابر: "ابني هيقدم الدعوى الجاية"    3 شباب يستدرجون فتاة من ذوي الإعاقة ويعتدون عليها في العجوزة    لسماع مرافعة النيابة.. تأجيل محاكمة متهم تنظيم ولاية سيناء    الداخلية تعثر على طالبة متغيبة بالقاهرة وتعيدها لأسرتها    بينهم بيومي فؤاد ورانيا فريد شوقي.. نجوم الفن ينعون الفنان لطفي لبيب    أكسيوس: المبعوث الأمريكى ستيف ويتكوف يتوجه إلى إسرائيل لبحث أزمة غزة    زياد الرحباني... الابن السري لسيد درويش    أحمد درويش: الفوز بجائزة النيل هو تتويج لجهود 60 عاما من العمل والعطاء    وزارة الصحة: افتتاح وتطوير عددا من أقسام العلاج الطبيعى    رئيس الوزراء: استراتيجية وطنية لإحياء الحرف اليدوية وتعميق التصنيع المحلي    مصنعو الشوكولاتة الأمريكيون في "ورطة" بسبب رسوم ترامب الجمركية    35 ألف طالب تقدموا بتظلمات على نتيجة الثانوية العامة حتى الآن    السيسي يؤكد لرئيس هيئة الأركان الباكستانية ضرورة وقف إطلاق النار وتخفيف المعاناة الإنسانية في قطاع غزة    رئيس جامعة بنها يترأس اجتماع لجنة المنشآت    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    وظائف خالية اليوم.. فرص عمل ب 300 دينارًا بالأردن    مي طاهر تتحدى الإعاقة واليُتم وتتفوق في الثانوية العامة.. ومحافظ الفيوم يكرمها    "التضامن" تستجيب لاستغاثات إنسانية وتؤمّن الرعاية لعدد من السيدات والأطفال بلا مأوى    ضبط عاطل و بحوزته 1000 طلقة نارية داخل قطار بمحطة قنا    الرعاية الصحية تعلن تقديم أكثر من 2000 زيارة منزلية ناجحة    لترشيد الكهرباء.. تحرير 145 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    أبو مسلم: جراديشار "مش نافع" ولن يعوض رحيل وسام ابو علي.. وديانج يمتلك عرضين    215 مدرسة بالفيوم تستعد لاستقبال انتخابات مجلس الشيوخ 2025    مبيعات فيلم أحمد وأحمد تصل ل402 ألف تذكرة في 4 أسابيع    ما حكم كشف وجه الميت لتقبيله وتوديعه.. وهل يصح ذلك بعد التكفين؟.. الإفتاء تجيب    «تنمية مستدامة»    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    علي جمعة يكشف عن حقيقة إيمانية مهمة وكيف نحولها إلى منهج حياة    هل التفاوت بين المساجد في وقت ما بين الأذان والإقامة فيه مخالفة شرعية؟.. أمين الفتوى يجيب    ترامب يكشف عن تأثير صور مجاعة قطاع غزة على ميلانيا    حميد أحداد ينتقل إلى الدوري الهندي    رابطة الأندية: لن نلغي الهبوط في الموسم الجديد    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    ملك المغرب يؤكد استعداد بلاده لحوار صريح وأخوي مع الجزائر حول القضايا العالقة بين البلدين    وفري في الميزانية، طريقة عمل الآيس كوفي في البيت زي الكافيهات    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    سعر الفول والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لحظة تألق الشخصية المصرية
نشر في الوطن يوم 12 - 10 - 2012

ليس من شك فى أن الأداء البطولى للقوات المسلحة فى حرب أكتوبر، وما برز للعالم كله من فاعلية الجندى المصرى وجسارته، بالإضافة إلى التخطيط العلمى الدقيق الذى سبق الحرب، قد أدى إلى تغيير ملموس فى تقييم الشخصية المصرية لدى عديد من الكتّاب والمفكرين. وقد عاصرنا جميعاً الفترة التى أعقبت هزيمة يونيو 1967، حين تبارى المفكرون العرب الذين ينتمون إلى كل الاتجاهات السياسية فى تفسير الهزيمة. وتعددت التفسيرات، من التفسير الدينى الفج الذى زعم أن الابتعاد عن الدين كان هو العامل الحاسم فى الهزيمة، إلى التفسير التكنولوجى الساذج الذى روج لفكرة الفجوة التكنولوجية بيننا وبين إسرائيل، مروراً بالتفسير السياسى الرجعى الذى وجد الفرصة سانحة للهجوم على الاشتراكية، فقرر بمنتهى اليقين أن الاشتراكية هى المسئولة! غير أن أخطر التفسيرات قاطبة، هى تلك التى تتعلق بتشريح الشخصية المصرية بوجه خاص والشخصية العربية بوجه عام. لقد ركزت هذه التفسيرات -التى وجدت سنداً قوياً لها فى واقعة الهزيمة الساحقة- على السلبيات المتعددة التى تزخر بها الشخصية المصرية. فقرأنا كثيراً عن السلبيات، والفردية، والمظهرية، والفهلوية، والافتقار إلى المبادأة، والعجز عن العمل الجماعى، ومن ناحية أخرى أغرقتنا التحليلات الاجتماعية للمجتمع العربى، التى صورته لنا مجتمعاً تقليدياً، يقوم على اعتبارات القرابة أكثر من اعتبارات الإنجاز والكفاءة، مجتمعاً يتكون من مجموعة من الأميين الذين يعجزون بحكم وضعهم عن استيعاب العلم والتكنولوجيا، وبعبارة موجزة قدمت لنا صورة بالغة الكآبة للشخصية المصرية، وفى نفس الوقت رسمت لنا -صراحة وضمناً- صورة مسرفة فى المبالغة عن الشخصية الإسرائيلية، التكنولوجية المتقدمة.
وفجأة، انطلقت شرارة المعركة، واكتسح العبور المصرى المجيد الحصون والاستحكامات التى أقامتها التكنولوجيا الإسرائيلية، وفر أو أسر أو قتل عشرات الإسرائيليين المتقدمين العصريين! وإذا بنا نجد موقفاً غريباً فى عدد من الكتّاب والمفكرين المصريين والعرب، فقد تحولوا بدون سابقة إنذار إلى التغنى بإيجابية الشخصية المصرية وتراثها وبفاعلية المصرى وجسارته، وقدرته على تخطى الصعاب، واقتحام المخاطر، وأن ذلك كله ليس أمراً طارئاً عليه، بل هو سمة تميزه منذ العصور السحيقة الموغلة فى القدم.
ترى ما هو تفسير هذا الموقف؟ إن ذلك يُرد فى رأينا -بعيداً عن الاهتمام بالعوامل الشخصية والنزاعات الذاتية- إلى سيادة نظرة تجزيئية مسطحة للشخصية المصرية. لقد أخطأنا فى الموقفين: موقف الهزيمة وموقف النصر. فلا المغالاة فى تجريح الذات والتركيز على سلبيات الشخصية المصرية كان يستند إلى أساس علمى، ولا القناعة بتمجيد السمات الإيجابية كفيل بتصحيح الخطأ، أو التخلى عن الأحكام الذاتية غير الموضوعية.
إن كل هذا حصيلة منهج تجزيئى معيب فى النظر للشخصية القومية بعيداً عن السياق التاريخى الذى تمارس فيه فعلها، تؤثر فيه وتتأثر به. إن الشخصية المصرية ليست قالباً جامداً تتضمن عدداً من السمات الحضارية والنفسية «الغريزية» التى لا تتغير ولا تنال منها رياح الزمن. بل إنها -فى التحليل العلمى الدقيق- تعد انعكاساً لنمط المجتمع بما يتضمنه من علاقات اقتصادية متميزة فى حقبة تاريخية محددة، مضافاً إليها بعد أساسى وهام هو البعد الحضارى الذى يمتد فى الزمان بصورة خفية، قد تستعصى أحياناً على التحليل.
وخلاصة ما نريد أن نركز عليه، أن الشخصية المصرية تضم عدداً من السمات السلبية الناجمة عن تخلف أنماط الإنتاج، وعن بقايا السيطرة الاستعمارية القديمة وما طبعته فى نفوس البشر، وعن آثار العلاقات الاستغلالية للصفوة المستغلة السياسية والاقتصادية، التى حاولت أن تقضى على كل ما هو نبيل فى الشخصية المصرية، لضمان الخنوع السياسى، والامتثال الاقتصادى لهذه الطبقات. غير أن الشخصية المصرية فى نفس الوقت تزخر بعديد من الإيجابيات التى هى ميراث الأجيال المناضلة المتعاقبة، التى كافحت بشرف وسخاء ضد المحتل الأجنبى، والتى رفضت -بالرغم من الصعوبات الشاقة التى مارست فيها نضالها- أن تفرط فى شبر واحد من التراب الوطنى. هذه الأجيال التى مارست النضال الوطنى ضد المستغلين بكافة فئاتهم، حين هبت جموع الفلاحين والعمال والمثقفين أكثر من مرة لتحقيق العدالة الاجتماعية للجماهير. إن الشخصية المصرية جديرة منا بنظرة علمية متوازنة، لا تسقط فى هوة اليأس القاتل بالتركيز على السلبيات، ولا تغامر بالمبالغة الفجة حول الإيجابيات. إننا شعب يحاول أن يعيد صياغة شخصيتنا القومية وسط معركة دولية وحضارية ضارية، سعياً وراء التقدم الإنسانى المستنير، والعصرية الموجهة التى تشبع احتياجات الإنسان.
ما سبق خلاصة ما كتبناه عقب نصر أكتوبر 1973، الذى أكد تنبؤاتنا قبل الحرب عن قدرة الشخصية المصرية على المبادأة وجسارة الشعب المصرى فى مواجهة المستحيل وهو ما أثبتته ثورة 25 يناير المجيدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.