أفزعنى مشهد وزراء حكومتنا الرشيدة وهم يصفقون بانفعال لافت فيه ادعاء وتصنّع عقب كل جملة ينطق بها الرئيس محمد مرسى فى خطابه الأخير باستاد القاهرة بمناسبة 6 أكتوبر. تحدث الرئيس طويلاً، كان فيما قال يستحق التصفيق، وكثير مما قال لا يستحق التصفيق، ولكن الجمع المنظم، الموزع فى المدرجات بذكاء، الموجه، كان يصفق مع كل جملة، وكأنه يفرض واقعاً على جموع المتابعين، يجعلهم يقبلون كل ما يُقال، بل ينبهرون به دون تفكير، فإذا كانت أغلبية الحضور تنتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين، تم إحضارهم من كل محافظات مصر لدعم الرئيس الذى ينتمى إلى الجماعة فى مواجهته الأولى مع الشعب بعد المائة يوم الأولى، يصبح تصفيقهم مفهوماً، وإن كان غير إيجابى؛ لأنه يوحى لجموع الشعب أننا أمام رئيس الإخوان فقط وليس لكل المصريين. فإذا كان مفهوماً تصفيق الجماهير فى الاستاد وهتافاتهم، فكيف نفهم تصفيق الوزراء بهذه الصورة اللافتة، ولماذا أفزعنى؟! وزراء هذه الحكومة أدرى الناس بالأزمات التى نعيشها، وما قاله الرئيس عن أسابيع قليلة، ومحاولته إثبات نجاحه فى هذه الفترة لا يعكس واقعنا السيئ، فالأزمات تتوالى؛ فى الماء والكهرباء والمرور والصحة والاقتصاد وغيرها، وحالة التزيد التى كان عليها الوزراء تعكس حالة نفاق أمام الكاميرات لاسترضاء الرئيس ومنظمى الاحتفال، هذا النفاق الذى بدأ بالمبالغة فى حراسة الرئيس اللافتة للنظر، والتى تشير كما يشير الرئيس إلى وجود أطراف أخرى تهدد أمن مصر بما فيها -طبعاً- أمن الرئيس، فكيف لى أن أثق بأن الأمن عاد إلى حد كبير وحياة الرئيس فى خطر حتى داخل المساجد؟! الرئيس لا يحتاج إلى من يصفق له، بل من يقف بجواره وينصحه بإخلاص لصالح مصر.. يحتاج إلى من يقول له، كنت فى بدايتك -وهى قريبة جداً- قريباً من الشعب، ولكنك تبتعد تدريجياً، وأن 6 أكتوبر يوم النصر لمصر وللقوات المسلحة، فليتك احتفلت به مع الشعب المصرى بحضور قيادات القوات المسلحة، لا قتلة قائد الحرب.. وأن عليه اختيار يوم آخر لتقديم كشف حساب عن المائة يوم الأولى، وأنه لا يليق به كرئيس لدولة كبرى أن يتحدث فى تفاصيل مخازن أنابيب وتروسيكل ومخالفات مرور، وبالمناسبة كثرة المخالفات تعكس زيادة الانفلات، لقد بدا الرئيس وكأنه يقفز على الواقع، مختبئاً خلف انتصار كبير، أخفى أبطاله ليعدد إنجازات محدودة فى زمن محدود. لا نحمّل الرئيس ما لا يطيق ونوقن جيداً أن المائة يوم ليست كافية لتجاوز مشكلات مزمنة، وإن قال بقدرته على حلها فى تلك الفترة.. نريد أفكاراً من خارج الصندوق، قرارات ثورية، خططاً واضحة، مواجهة الواقع، لا اتهامات لأطراف مجهلة، وتهديدات وتحذيرات تنبئ عن توتر مبكر وتقسيم للشعب، ولكن من يقول فى أذن الرئيس ومن ينصح، وهل يسمع الرئيس أو يقبل النصح؟!