خطاب نصفه كذب.. والنصف الآخر نفاق. عشرات من الجمل، ألقاها في 50 دقيقة، قاطعوه خلالها 60 مرة وقوفا وتصفيقا حادا.. صفقوا هم أكثر مما تحدث هو.. هذا هو الكذاب نتنياهو.. وهؤلاء هم المنافقون أعضاء الكونجرس الأمريكي!! خطاب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام أعضاء الكونجرس الأمريكي في واشنطن الأسبوع الماضي، لا جديد فيه غير المزيد من الوقاحة والتدليس والكذب والافتراء علي التاريخ. هو كرر ما قاله عشرات المرات منذ ظهوره علي الساحة السياسية الاسرائيلية. وهم منافقون بتحيزهم لرئيس حكومة اسرائيل الذي جاء ليقول عكس ما قاله رئيسهم أوباما قبله بأيام. نفاق ينم عن جهل ومعلومات مشوهة لمعظم السياسيين الأمريكيين، وخاصة أعضاء الكونجرس. معلومات لا يمكن أن تشكل أساسا صحيا للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، أو علاقات سوية بين أمريكا واسرائيل. وليس هذا وليد اليوم، ولكنه الواقع المر علي مدي 60 عاما، منذ الاعتراف الفوري والتأييد الحار اللذين قدمهما الرئيس الأمريكي ترومان إلي دولة اسرائيل منذ لحظة مولدها عام 1948 . التزاوج الأمريكي الاسرائيلي القائم علي حجر اسرائيل الثقيل علي شخصيات ودوائر صنع السياسة الأمريكية، لابد من إعادة قراءته من جديد في ظل متغيرات تجتاح منطقة الشرق الأوسط، وتغليب رأي الشعوب وتأثيره القوي في القرار الرسمي، وأول بديهيات هذه القراءة مقولة الرئيس السادات الشهيرة، أن 99٪ من أوراق حل قضية الشرق الأوسط في يد أمريكا. فالحقيقة أن أمريكا لا تملك 1٪ من هذه القضية، في ظل استمرار نفوذ اللوبي اليهودي علي السياسة الأمريكية.. ولا بديل عن وعي العرب باستخدام المصالح المتبادلة، لغة العصر وكل زمان في صنع سياسات الدول. الطرح الذي قدمه نتنياهو يؤكد مجددا هذا المفهوم، والتصفيق الحار لأعضاء الكونجرس، والتعليقات الأمريكية لسياسيين وإعلاميين علي هذا الخطاب تؤكد أيضا أنه لا أمل في ممارسة أمريكا أي ضغوط علي اسرائيل لمناصرة الحقوق العربية، مادامت هذه الدويلة تتحكم في اختيار كل مسئول أمريكي بدءا من الرئيس وعضو الكونجرس وحتي حاكم أي ولاية ومادام رأس المال اليهودي يقود الرأي العام الأمريكي، دون فرق بين مواطن عادي أو عضو بمجلسي النواب والشيوخ. نتنياهو يقول بكل وقاحة، إن اسرائيل لديها استعداد لتنازلات صعبة لصنع السلام. وأنها ستكون أول من يعترف بدولة فلسطينية مستقلة ذات حدود.. فأي دولة يراها.. كيانا فلسطينيا منزوع السلاح، لا سيادة علي البحر أو السماء، ومع تواجد أمني اسرائيلي، ودون التزام بحدود 67، ولا عودة للاجئين، وأن القدس عاصمة موحدة لدولة اسرائيل. هذا هو التخريف الذي التهبت أكف أعضاء الكونجرس تصفيقا له واعجابا به. ويواصل نتنياهو وقاحته، ويواصل الأعضاء المبجلون نفاقهم بالاشادة بثورات الحرية العربية. هذا الفأر المذعور من ثورة الشعوب بالمنطقة، تناسي حزنه علي فقد النظام المصري السابق. وارتدي ثوب الواعظ المدافع عن الحرية. واصفا في وقاحة العرب الفلسطينيين في الأراضي الاسرائيلية من عام 48 بأنهم فقط الذين ينعمون بالحرية في المنطقة. وفي مغالطة فجة، يطالب بالاعتراف بدولة يهودية. تعامل هؤلاء العرب كمواطنين من الدرجة الثانية، وهم الذين يعانون الآن من كل اشكال العنصرية المقننة. بل يعتبرهم نتنياهو خطرا علي دولة اسرائيل ويطالب بطردهم الي المناطق الفلسطينية. هذه هي المباديء التي يبشرنا نتنياهو بأنها ستصنع السلام.. هذه هي المواقف المدعومة من الكونجرس، الذي أجبر أوباما فورا علي التراجع عن رأيه بالنسبة لدولة فلسطينية علي حدود 67.. فهل هذا هو نفس موقف اللجنة الرباعية الدولية للسلام، وماذا ستقول لجنة متابعة مبادرة السلام العربية في اجتماعها اليوم..؟!