فى منتصف ليلة 3 يوليو 2013، وبعد أن أعلن السيسى خارطة الطريق أمام القوى السياسية والدينية، اجتمعت القيادات الأمنية والاستراتيجية لدول حلف الناتو بالإضافة إلى إسرائيل وإيران فى جزيرة ديستنى بالمحيط الأطلسى لدراسة الوضع فى الوطن العربى والشرق الأوسط ووضع الاستراتيجية المناسبة لتحقيق مصالحها الوطنية، وتوصلت إلى أن هناك ثلاثة تطورات كبرى فى المنطقة، يتمثل أولها فى الثورات الشعبية العربية، التى أطاحت بالنظم الاستبدادية الموالية للغرب، ودار النقاش حول كيف خرجت الشعوب العربية عن صمتها ورضوخها تلقائياً فى ثورات عارمة وفعّالة، ومن أين استمدت القدرة على الانتفاض والثورة، وكيف يمكن إعادتها إلى السلبية والطاعة.. وثانيها، كيف انتهى النظام الإخوانى الثيولوجى السلطوى الإقصائى فى مصر بعد ثورة 30 يونيو، وهو النظام الذى كان السبيل إلى تقسيم الوطن العربى إلى كيانات ضعيفة ومتصارعة وتابعة للغرب والولاياتالمتحدة، وما هو تأثير ذلك على استراتيجيات الغرب فى الإبقاء على الوطن العربى متخلفاً ومرتعاً للقوى الإقليمية والدولية، وكيف يمكن إعادة قوى الإسلام السياسى إلى سدة الحكم.. وثالثها، كيف يمكن احتواء وتطويق طموحات الرئيس الروسى بوتين بإعادة بناء روسيا الكبرى ومنعه من الاقتراب من الوطن العربى الذى يمثل العمق الاستراتيجى الجنوبىلروسيا، خصوصاً أن هناك احتمالات كبيرة للتنسيق بين روسيا والصين فى هذا الشأن، وقدمت أجهزة مخابرات تلك الدول كل المعلومات والتفاصيل حول القدرات الاقتصادية والعسكرية الروسية المتصاعدة وخطط بوتين بعد ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا والتقارب العربى- الروسى الراهن. وتوصل المجتمعون إلى أن مواجهة تلك التطورات الخطيرة لا يمكن أن يتم إلا بإعادة احتلال الوطن العربى عسكرياً، ناهيك عن السيطرة السياسية والاستراتيجية، وتم الاتفاق على توزيع مناطق النفوذ فيما بينهم، كما حدث للوطن العربى فى اتفاقيات «سايكس- بيكو» عام 1916 بين فرنسا وبريطانيا، ولكى يتم الترتيب لإعادة الاحتلال، اتفقت تلك الدول على مجموعة من الخطوات الاستباقية: فمن ناحية، تم التنسيق التام بين إيرانوتركيا وإسرائيل بشأن إحداث قلق فى مناطق ذات أهمية استراتيجية، مثل «باب المندب ومضيق هرمز وجبل طارق وفلسطين»، ومن جانب آخر، تعهدت تركيا -بالاتفاق غير المعلن مع بعض الدول العربية- على تصعيد المقاومة العسكرية ضد نظام الأسد بصرف النظر عن انتماءاتها السياسية.. وثالثاً، اتفق الجميع على أهمية إيجاد كيان إرهابى جديد لديه القدرة على خلق حالة هلع وتوجس لدى دول الخليج العربية، وكانت دول حلف الناتو قد اتفقت من قبل الحكم الإخوانى فى مصر على خلق كيان شبيه فى شرق سيناء، إلا أن سقوط هذا الحكم أسقط هذا الاتفاق، وهكذا، تعهدت تركيا بفتح حدودها مع سورياوالعراق لتدفق المتطوعين الإرهابيين إلى الدولتين وأطلقت عليهم أسماء عديدة، منها (داعش وISIS، وISIL، ودولة الخلافة... وغيرها)، على أن يتم استغلال هذا الكيان فى تهيئة المناخ لإعادة احتلال الوطن العربى، ومن ثم السيطرة على موارده الطبيعية وأسواقه، واحتواء التوسع الروسى وضمان أمن إسرائيل. اتفق المجتمعون على توزيع مناطق النفوذ بصورة تستهدف بالأساس تطويق مصر؛ حيث إن بناء مصر المعاصرة، وهى الدولة الإقليمية المركزية التى تجذر عوامل التكامل والاندماج وتدفع عن الأمة عوامل التفتت والانشطار تشكل خطراً جسيماً على النفوذ الغربى، وهكذا، تكرس إسرائيل احتلالها للضفة الغربية والقدس وتمنع قيام دولة فلسطينية عليها، وتطوق غزة التى يمكن أن تصير إقليماً ذا حكم ذاتى، وتقوم إيران باحتلال جنوبالعراق والكويت والبحرين وشرق السعودية والإمارات الشمالية (رأس الخيمة وعجمان والفجيرة والشارقة)، واليمن، على أن تحتل تركياسوريا وبقية العراق، وبذلك تمنع قيام دولة كردية مستقلة كان يمكن أن تشكل شوكة فى جسدها، على أن ينشأ كيان مسيحى مارونى على ساحل سوريا ولبنان، وتتولى إيران احتواء حزب الله وتحويله إلى ذراع سياسية لها فى المنطقة، وتم الاتفاق على التنسيق الإيرانى- الإسرائيلى بشأن احتلال إثيوبيا والصومال وجنوب السودان وجوبا بعد انفصالها عن السودان، للتحكم فى مياه النيل وتأكيد السيطرة على مدخل البحر الأحمر، وقررت كذلك إنشاء كيان سياسى وإقليمى للبربر يضم صحراء المغرب والجزائر وجزء من الصحراء الغربية الليبية على أن تمد سيطرتها إلى تشاد خصوصاً بعد انفصال دارفور، على أن تقوم القوات الفرنسية بتأمينها وحمايتها، وتتولى قوات الناتو والقوات الإيطالية احتلال ليبيا، مع التركيز على طرابلس وبنغازى، أما بقية ليبيا فتترك لتحالف القاعدة والإخوان لإنشاء كيان دينى شبيه بحماس فى غزة وداعش فى سورياوالعراق، ولم يكن من الصعب على المجتمِعين الاتفاق على تقسيم السعودية إلى خمسة كيانات؛ فقد تدارسوا بالتفصيل التعقيدات التى تسيطر على البيت السعودى عند الانتقال بالملكية إلى الجيل الثانى من الأمراء، والتوقعات بعدم الاستقرار بعد عودة عشرات الآلاف من الشباب السعودى الذى يتلقى تعليمه فى أوروبا والولاياتالمتحدة، هذا فضلاً عن قوة وتجذر التيار الوهابى بين السعوديين.. لكن أهم ما فى الاتفاق هو إنشاء كيان دينى روحى يضم مكة والمدينة، ويساعد مع الكيانات الدينية فى ليبيا وغزةوالعراقوسوريا ولبنان على تبرير تحويل إسرائيل إلى دولة يهودية لليهود فقط. وقد بدأ بالفعل تنفيذ هذه الاستراتيجية حرفياً بدعوة الولاياتالمتحدة إلى إنشاء التحالف الدولى ضد داعش واحتلال الحوثيين وإيران لليمن، وتمرد الإخوان والقاعدة فى ليبيا على البرلمان المنتخب، وبدء خطوات إنشاء كيان البربر فى صحراء الجزائر. ما العمل إذاً؟ ليس أمام العرب إلا خيار واحد فقط؛ عليهم أن يجتمعوا ويتدارسوا بعمق الموقف الاستراتيجى ويتخذوا قراراً بالتنسيق القومى فى أسرع وقت ممكن وإلا فقد الوطن العربى اسمه وبقاءه.