ينتزعون الحياة من فم الموت، يسقط الآلاف منهم ليدفعوا غيرهم إلى الصمود والنضال، دماؤهم تسيل لتنبت المقاتلين والمدافعين عن العرض والشرف، فى حرب متواصلة تتوقف حيناً وتستمر أحياناً، بين بيوت مدمرة ومستشفيات محطمة وبنية تحتية متهالكة، فى مساحة ليست بالكبيرة، حسب التقديرات تصل إلى 65 كيلومتراً مربعاً، توجد المدينة الساحلية «غزة» على مقربة من مدينة القدسالمحتلة، ليست محافظة عادية، فقُربها من الاحتلال الإسرائيلى جعل أهلها يعيشون فى حرب دائمة، حيث يعيش معظم سكان قطاع غزة الآن، انتهت الحرب الوحشية التى شنّتها إسرائيل على قطاع غزة الضيق فى يوليو الماضى بوساطة مصرية، واختفت أصوات الطائرات والانفجارات والقنابل والصواريخ وبقى الدمار بسكونه المميت ورائحته المنفّرة، انتهت عملية «الجرف الصامد»، حسبما وصفتها إسرائيل، وتركت وراءها أكثر من 2200 شهيد، أغلبهم من النساء والأطفال وأكثر من 10 آلاف جريح، يعانى ثلثهم من إعاقات دائمة، بجانب تدمير أكثر من 10 آلاف منزل و15 مستشفى، بخسائر قُدرت بحوالى 5 مليارات دولار، بعد وقف إطلاق النار والوصول إلى الاتفاق على هدنة دائمة بين حماس وإسرائيل، فتحت مصر أبوابها لاستقبال المؤتمر الدولى لإعادة إعمار غزة بمشاركة 50 وفداً دولياً و30 وزير خارجية و20 منظمة إقليمية ودولية، من بينها صندوق الغذاء العالمى وصندوق النقد الدولى والبنك الدولى والأونروا وبنوك التنمية الإسلامية والعربية. تظل مصر رائدة بدورها فى القضية الفلسطينية تارة بالمبادرات وأخرى بالدعوات التى تطلقها من أجل بسط السلام على الأرض المقدسة، دعوة أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى افتتاحية مؤتمر إعمار غزة، لإنهاء الصراع الإسرائيلى - الفلسطينى، مؤكداً أنه لا بديل عن التسوية العادلة والدائمة والشاملة للقضية الفلسطينية. تسعى الحكومة الفلسطينية إلى الحصول على أربعة مليارات دولار لإعادة بناء البنية التحتية المتردية جراء الحرب التى استمرت 50 يوماً، والحصار المفروض على القطاع منذ 2007، انتهى مؤتمر إعمار غزة على أرض مصر بجمع 5.4 مليار دولار لدعم الفلسطينيين. قائمة الاعتداءات الإسرائيلية على غزة لا تنتهى، فمنذ أن أُجبرت إسرائيل على الانسحاب من مستوطناتها، وأجلت مستوطنيها فى قطاع غزة فى عام 2005، فرضت حصاراً خانقاً على القطاع، وقامت بعدة عمليات عسكرية عدائية ضد المنطقة، بما فى ذلك مجزرة غزة فى عام 2009، التى قتل فيها 1417 فلسطينياً و13 إسرائيلياً، والحرب على غزة فى 2012، التى قتل فيها 120 - 160 فلسطينياً و2 من الإسرائيليين، واشتباكات مارس 2012 بين غزة وإسرائيل. وكما خلفت الحرب على غزة الكثير من الدمار والخراب، خرجت من أرحامها أيضاً حركات المقاومة الفلسطينية لتواجه العدو الذى يتربص بهم منذ سنوات طويلة.