غضب الأكراد ضد «أردوغان» ينتقل إلى ساحات الجامعات

31 قتيلاً و360 مصاباً و1000 معتقل حصيلة 5 أيام من الاشتباكات.. و«أوغلو»: لا يمكن لأحد أن يثبت أننا ندعم «داعش»

تواصلت الاشتباكات والمواجهات العنيفة بين الشرطة التركية والمتظاهرين الأكراد، أمس، لليوم الخامس على التوالى تنديداً بعدم تحرك تركيا لمنع تنظيم «داعش» الإرهابى من السيطرة على مدينة «عين العرب» الكردية السورية الحدودية مع تركيا. وللمرة الأولى منذ 13 عاماً، وقعت محاولة لاغتيال مدير أمن مدينة «بينجول» فى جنوب شرق تركيا خلال مرافقته وفداً أمنياً ضم مساعده وضباطاً آخرين، ما تسبب فى مقتل مساعده على يد أعضاء حزب العمال الكردستانى الانفصالى، فيما أصيب مدير الأمن و10 أفراد آخرين من الفريق الأمنى المرافق له، حيث كانوا يتفقدون المحال التجارية والمؤسسات الحكومية والبنوك التى تضررت بشكل كبير نتيجة أعمال الشغب والعنف التى شهدتها المدينة خلال الأيام الماضية. وقالت صحيفة «تودايزمان» التركية، إن «4 متظاهرين قتلوا خلال اشتباكات بين المتظاهرين الأكراد المنددين بتنظيم (داعش) وجماعات أخرى فى جنوب شرق تركيا فى محافظة (غازى عنتب)».
وأعلنت قوات الأمن التركية مقتل منفذى الهجوم الإرهابى الذى استهدف مدير الأمن، بعد أن وقعت اشتباكات بين 4 مسلحين تابعين ل«حزب العمال» وقوات الأمن فى البلدة. وأعلن وزير الداخلية التركى إفكان أعلا، حصيلة القتلى والمصابين فى الاشتباكات التى جرت على مدار 5 أيام، وقال إن 31 قتيلاً سقطوا خلال الاشتباكات، بينما تم اعتقال ما يزيد على 1000 متظاهر. وتابع: «حتى اليوم سقط 31 قتيلاً وأصيب 360 شخصاً، بينما اعتقل ما يزيد على 1000 خلال المظاهرات، وتأثرت 35 مقاطعة بسبب تلك الأحداث، كما أصيب 139 من قوات الأمن التركية»، مشيراً إلى أن ما يقرب من 1100 مبنى، من بينها 212 مدرسة و67 قسم شرطة و25 مبنى محافظة، تضررت جميعاً بسبب الاشتباكات المستمرة على مدار أيام طويلة.
وفى الوقت ذاته، انتقلت الاشتباكات إلى ساحات الجامعات التركية، مساء أمس الأول وصباح أمس، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة جرت خلالها عمليات اعتقال واسعة ضد الطلاب، خلال التظاهرات التى تم تنظيمها فى كلية العلوم بجامعة «إسطنبول» احتجاجاً على هجمات «داعش» على «عين العرب» وسياسات الحكومة التركية التى ترفض تقديم الدعم لمقاتلى حزب الاتحاد الديمقراطى الكردى السورى. وقالت شبكة «إن. تى. فى» الإخبارية التركية، أمس، إن اشتباكات عنيفة بالحجارة والسلاسل الحديدية اندلعت إثر اعتراض مجموعة من الطلاب أنصار حزب «الحركة القومية» بالجامعة نفسها على تظاهرات الطلبة الأكراد. ودعا زعيم «الحركة القومية» أنصار الحزب إلى عدم الانزلاق إلى ما سماه «فخ الانقسام العرقى» من خلال التصادم مع الأكراد.
وتسببت الاشتباكات فى أضرار مادية هائلة بالمبانى داخل الجامعة، ما دفع الشرطة التركية إلى التدخل واعتقال 28 طالباً وطالبة، وإصابة 3 طلاب بجروح مختلفة. وفى الوقت ذاته، نظم طلاب جامعة «أنقرة» تظاهرات مناهضة لتنظيم «داعش» داخل الحرم الجامعى، وتدخلت قوات الشرطة لتفريق المتظاهرين واعتقلت عدداً من الطلاب والأساتذة الجامعيين. وقالت صحيفة «حرييت» التركية، إن الشرطة استخدمت خراطيم المياه والغازات المسيلة للدموع، لتفريق تظاهرات أخرى فى جامعة «الشرق الأوسط التقنية» لافتة إلى أن الشرطة التركية استخدمت الرصاص المطاطى أيضاً، ما دفع المتظاهرين إلى الرد بإلقاء الحجارة.
من جانبه، دعا زعيم حزب العمال الكردستانى المحتجز عبدالله أوجلان، فى رسالة من خلال نائب رئيس حزب الشعوب الديمقراطية، إلى تسريع عملية السلام مع الأكراد فى تركيا، محذراً من ارتكاب انتهاكات ومجازر فى حق المتظاهرين الأكراد من قبل الحكومة التركية. وأضاف: «كنا نرغب فى أن نظهر دعمنا لمدينة عين العرب السورية من خلال المظاهرات، ولكننا لم نسع إلى الدمار والقتل، نحن لا نحرض على العنف ونرفض محاولات التحريض ضدنا».
وعلى الصعيد ذاته، أعلن وزير الزراعة والثروة الحيوانية التركى مهدى آكر، رفع حظر التجول عن مدينة «ديار بكر» فى جنوب شرق البلاد، بعد أن كانت السلطات التركية قد فرضته يوم الثلاثاء الماضى بسبب الأحداث التى شهدتها المدينة والاشتباكات بين الأكراد وقوات الشرطة، ما أسفر عن مقتل 10 واعتقال 116 فى «ديار بكر» فقط. وأكد الوزير التركى نية الحكومة اتخاذ الإجراءات القانونية ضد 294 شخصاً خرقوا قرار حظر التجول. وقالت صحيفة «صباح» التركية، إن «آكر» قال إن «هجمات داعش على مدينة عين العرب كانت ذريعة للقيام بتظاهرات غير مرخصة وأعمال شغب فى المدن التركية».
ولفتت «تودايزمان» إلى أن الاشتباكات التى وقعت فى «ديار بكر» بين حزب العمال الكردستانى وحركة «حزب الله» التركية، أثارت مخاوف واسعة لدى الحكومة من تجدد أعمال العنف الدامية التى وقعت فى التسعينات، وهو ما دفع الجيش التركى إلى إعلان حصار المحافظة بالكامل أمس الأول.
من جانبه، أعلن وزير المواصلات التركى لطفى إلفان، أن موقع التغريدات القصيرة «تويتر»، حجب تغريدات مسيئة ضد الحكومة التركية تهدف إلى زعزعة الأمن القومى التركى. وأضاف: «واجهنا تغريدات تهدد الأمن القومى التركى، حيث كانت للأسف تحرض البعض على العنف وتدعو الجماعات الإرهابية إلى صراع مسلح على الأراضى التركية، وقد فعلنا ما كان لزاماً علينا بأن توجهنا إلى موقع (تويتر) لحجب تلك التغريدات». وقال الوزير التركى إن مبانى حكومية ومستشفيات ومدارس وسيارات إسعاف، تعرضت لعمليات تخريب متعمدة خلال أيام التظاهرات.
وجدد رئيس الوزراء التركى أحمد داود أوغلو، أمس، تأكيداته أن بلاده تعارض «داعش» ونظام «الأسد» على حد سواء. وقال «أوغلو»، فى مؤتمر صحفى، إن «تركيا تعارض داعش كما تعارض الأسد.. الاثنان مسئولان عن كل تلك الأحداث المأساوية»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن لأحد أبداً أن يثبت أن تركيا تدعم تنظيم داعش». وكشفت صحيفة «تليجراف» التركية، عن أن الأكراد السوريين الذين اعتقلتهم السلطات التركية بعد محاولتهم التسلل إلى تركيا فارين من جحيم «داعش» فى «عين العرب»، بدأوا إضراباً عن الطعام احتجاجاً على التعامل التركى معهم. وقالت الصحيفة البريطانية إن 265 كردياً سورياً أغلبهم من الطبقات المتوسطة اعتقلوا يوم الأحد الماضى بعد محاولتهم الفرار إلى تركيا هرباً من تهديدات التنظيم الإرهابى للمدينة.
على صعيد آخر، دعت الولايات المتحدة الحكومة التركية إلى الانخراط بشكل أكبر فى مكافحة تنظيم «داعش»، فيما أعلن وزير الدفاع الأمريكى تشاك هاجل، أنه يريد مشاركة تركية بشكل أكبر فى الحملة ضد «داعش»، مشيراً إلى قدرة «أنقرة» على المساعدة فى مجموعة من الأمور العسكرية ومن بينها السماح للطائرات الأمريكية باستخدام قواعدها والتدريب وإعداد الثوار السوريين المعتدلين. وذكرت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية، أمس، أن المسئولين الأتراك يرغبون فى إقامة منطقة عازلة بطول الحدود لإيقاف تدفق اللاجئين ومنع انتقال العنف، كما يريدون أيضاً من الولايات المتحدة فرض منطقة «حظر طيران»، حيث ستقوم المقاتلات بعمل دوريات بانتظام على الحدود وتسقط الطائرات العسكرية التى تخرقها.