رغم نظرات المارة الشامتة، وعبارات التمتمة بالسعادة التى ستحل على موقف عبد المنعم رياض، برحيل الباعة الجائلين إلى موقف الترجمان، فإن ل"مصطفى" موقفا مغايرا، حيث صرخ بعلو صوته محاولا منع نقل الباعة من المنطقة. نفض المقشة والجاروف من يديه وجرى نحوهم صارخا "ماتمشوشهم من هنا، دول هما اللي بيحموني"، محاولة فاشلة لم يكررها عامل النظافة الثلاثينى في مواجهة قوات الأمن، بعدما شعر أن اعتراضه لن يغير في الوضع شيء، فوقف باكيا "أنا بس فارق معايا عشرتهم والرزق اللي بيطلع لي من وراهم" بملابسه البالية، ومقشته الخوص، وقف "مصطفى محمود" وحده في الجبهة المدافعة عن الباعة الجائلين واستمرارهم في موقف عبد المنعم رياض، هاله الفرحة التي عمت وجوه المارة فور علمهم بقرار النقل ورؤيتهم القرار وهو ينفذ علي أرض الواقع، يندهش العامل البسيط "آمال كانوا بيقفوا بعربياتهم يشتروا منهم ليه؟" يرفض مصطفى نقل الباعة من المنطقة إلى الترجمان، يعتبرهم "ظهره" الذي يستند عليه في مواجهة البلطجية "البايعين القدام متعودين يلموا وراهم ويدوني الزبالة في أكياس، أنما الزرع الشيطاني اللي ظهروا بعد الثورة لو طلبت منهم بس يكنسوا قدامهم واجي أنا أشيل بشبع منهم ضرب وبهدلة ومحدش بيحوش عني لا حي ولا ملاحظ واللي بيخلصني من شرهم الغلابة اللي البلدية بتتشطر عليهم، اللي عاشرتهم على الحلوة والمرة 8 سنين هي مدة خدمتي في عبد المنعم رياض". "ابنوا لهم أكشاك بس بلاش يمشوا" مطلب كرره كثيرا، ولم ينتبه له أحد، رغم صراخه وندائه وتوسله لرجال الأمن الذين تولوا رفع الإشغالات "لو فى إيدي حاجة أعملها عشان ميمشوش أكيد مش هتأخر، لكن ما باليد حيلة، ولو راحوا الترجمان هروح وراهم أزورهم وأرد لهم جزء من جميلهم عليا".