المصادفة جعلتها تراه وهو يقف وحيداً تحت أشعة الشمس الحارقة فى يوم شديد الحرارة، كانت حالته مزرية، فالهزال يبدو عليه من شدة الجوع، والمرض يظهر عليه بسبب الكسر الذى لحق به فى الساق، فما كان منها إلا أن قررت إنقاذه مما هو عليه. بلقيس إبراهيم، شابه عشرينية كانت تمر فى شارع البحر الأعظم منذ أكثر من شهر، واستوقفها منظر حمار مريض مربوط فى شجرة، وظلت تتأمله بأسى، وقررت على الفور علاجه: «لاقيته واقف بيلهث من الجوع والعطش، بدأت أسأل وعرفت إن رجله مكسورة، وإن صاحبه لما لاقاه مكسور ومش قادر يشتغل ربطه فى الشجرة فى عز الشمس ومشى». الشابة ذات ال28 عاماً تلقت مجموعة من الردود الساخرة من أهل الشارع أثناء تفكيرها فى طريقة مناسبة لمساعدة الحمار: «بيعيه لجنينة الحيوانات يدبحوه للأسد، ولا سيبيه يموت، إنتى تاعبة نفسك ليه»، لكن بلقيس لم تلتفت إلى الاقتراحات السابقة وقررت: «اشتريت له بطيخ واتمنيت العالم كله يشوف اللحظة دى، كم الجوع والعطش الذى كان يبدو عليه مش طبيعى، أصله كان بياكل تراب فى الأول، وعطشان وجعان جداً». لم تكتف بلقيس بالبطيخ، حيث اشترت له أنواعاً مختلفة من الطعام، وكانت تقدمها له يومياً: «مرة برسيم، ومرة تبن، ومرة خضار، لحد ما بقينا أصدقاء». على الرغم من الضائقة المالية التى تمر بها الشابة، فإنها أصرت على إنقاذ الحمار، حيث قامت بنقله وعلاجه وإبقائه فى مكان أمين: «ربنا أكرمنى فجأة، رغم الزنقة من أول الشهر عشان خاطره، وناس كتير عرفت القصة واتبرعوا لعلاجه من قطر والسعودية، حالته بعد الكشف طلعت سيئة جداً، العضم كان مكسور ويعانى من ألم رهيب، وكان الحل إما أدوية تخفف عنه الألم ويعيش على كده، أو يموت، وطبعاً اخترنا يعيش وربنا معاه».