أول ما تكشف عنه نتيجة الثانوية لهذا العام أن 57.4% من الطلاب التحقوا بالشعب العلمية، منهم 35.2% فى شعبة علمى علوم، و22.3٪ علمى رياضة، أما شعبة الأدبى فحظيت ب41.4% من الطلاب، ودلالة ذلك أن المواد العلمية فى صورتها الإجمالية «علمى رياضة وعلمى علوم» كانت هى الاختيار الأول لأكثر من نصف الطلاب المصريين بقليل، وذلك على الرغم مما يكتنف هذا النوع من الدراسة من صعوبات وما يتطلبه من جهد، وإجمالاً فإن هذا الأمر يعكس توجهاً لدى الطلاب وأولياء أمورهم، يعتبر العلوم والرياضيات المسار التعليمى الأفضل لبناء القدرات والاستعداد للمستقبل، كما يمكن اعتباره تقديراً من شريحة واسعة بالمجتمع المصرى لقيمة العلوم والرياضيات فى التنمية والبناء والمستقبل. لكن هذه الأرقام لا تحمل فى طياتها صورة صماء موحدة على مستوى المحافظات، بل يوجد بداخلها تنويعات واختلافات جمة فى إقبال طلاب المحافظات المختلفة على هذه الشعبة أو تلك، فلو نظرنا إلى شعبة الأدبى سنجد أن مستوى الإقبال عليها يصل إلى ذروته فى محافظاتالجيزة والوادى الجديد والقاهرةوقناوالقليوبية ومطروح وبورسعيد، حيث يتخطى الإقبال 45% فى هذه المحافظات جميعاً، بل ويكسر حاجز المنتصف فى محافظة الجيزة، فيما يتراجع الإقبال على الأدبى فى محافظات الدلتا الرئيسية، ويحقق أدنى مستوى له فى المنوفية التى يصل الإقبال على الأدبى فيها إلى 30.3%، ومعها الشرقيةوالغربية والبحيرة والدقهلية، التى تقع جميعها تحت مستوى 35%، وبين الذروة فى القاهرةوالجيزة والوادى الجديد، والقاع فى المنوفية والدقهلية، تظهر منطقة وسط، تتركز بالأساس فى محافظات الصعيد، وهى أسوان وسوهاج والمنيا وبنى سويف والفيوم، بنسب تتراوح بين 35% و43%. أما محافظات الأطراف، بخلاف الوادى الجديد، التى تزعمت التوجه نحو الأدبى، فتتباين مواقفها؛ فجنوب سيناء تميل نحو دراسة الأدبى وتمنحه 43.5%، فى حين يختلف الوضع فى شمال سيناء وينخفض الإقبال إلى 32%، ويحدث تباين مماثل بين محافظتى مطروح فى الغرب التى تميل إلى الدراسة الأدبية ويرتفع فيها الإقبال إلى 45.5%، والبحر الأحمر فى الشرق التى يقل فيها الإقبال على شعبة الأدبى وينخفض إلى 39%. يمثل الإقبال على المواد العلمية، بشعبتيها الرياضة والعلوم، الصورة المقابلة أو العكسية لنمط توزيع الإقبال على المواد الأدبية، فقلب الدلتا الذى وجدناه عازفاً بصورة واضحة عن المواد الأدبية، يلقى بثقله على مواد «شعبة علمى»، فتتصدر البحيرة محافظات الجمهورية قاطبة فى نسبة الإقبال على شعبة العلمى وتحقق فى هذا السياق 51.4%، تليها المنوفية وكفر الشيخ والدقهلية بنسب تكسر حاجز ال46%، ثم الغربية 44%. وفى المقابل تهبط محافظاتالقاهرةوالجيزة والوادى الجديد إلى قاع الاهتمام بالمواد العلمية، حيث تسجل القاهرة أدنى مستوى للإقبال على شعبة العلوم بدرجة قدرها 21.4%، وبعدها الجيزة 23.9%، ولا يدخل فى دائرة قاع الاهتمام بشعبة العلوم من محافظات الدلتا سوى القليوبية التى تسجل 29%. تحتل محافظات الصعيد المنطقة الوسط فى مستوى الاهتمام بشعبة العلوم، وتبرز فى المشهد محافظاتقنا وبنى سويف والفيوم والمنيا والأقصر وسوهاج، بنسب تتراوح بين 43% و36%، فيما تقدم محافظات الحدود، بخلاف الوادى الحديد، صورة معكوسة تقريباً لما هو سائد من تفضيلات فى المواد الأدبية، فالمحافظات التى اهتمت بشعبة الأدبى يخف اهتمامها بالعلوم والعكس، ويتجلى ذلك بصورة واضحة فى محافطتى مطروح والبحر الأحمر. تنفرد شعبة الرياضيات بكونها الشعبة التى تحظى بأقل مستوى من الاهتمام فى جميع المحافظات، ويبدو الوضع وكأن هناك حاجزاً نفسياً وعقلياً وعلمياً بينها وبين الرياضيات، ويتمدد هذا الحاجز فى ربوع البلاد شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، لكنه كأى ظاهرة أخرى يتنوع من حيث القوة والفعالية من منطقة لأخرى، فهو يصل لأقصى مستوى له فى مطروح، التى ينخفض فيها الاهتمام بالرياضيات إلى 7.5%، ثم محافظات قلب الصعيد «المنيا وأسيوط وسوهاج»، التى يظهر فيها تأثير «حاجز الرياضيات» جلياً وواضحاً، حيث يهبط فيها الاهتمام إلى نسب تتراوح بين 13% و15% فقط. يخفت «حاجز الرياضيات» قليلاً ويصل إلى أدنى مستوياته فى محافظاتالقناة، ففى السويس تتحقق أعلى مستويات الإقبال على الرياضيات فى مصر قاطبة، وتصل النسبة إلى 38.7%، تليها بورسعيد بنسبة 28.8%، ثم الإسماعيلية 23.3%. وعلى يسار إقليم القناة يأتى إقليم القاهرة الكبرى ليشكل ثانى أكبر منطقة للخفوت والضعف فى «حاجز الرياضيات»، حيث تصل نسبة الإقبال فى القاهرة إلى 27.8%، وفى القليوبية إلى 24.1%، والجيزة 21.8%. فيما تشكل باقى المحافظات بقعاً أو مناطق وسط بين غلظة تأثير حاجز الرياضيات فى مطروح وقلب الصعيد، وخفَّته وخفوته فى إقليمى القناةوالقاهرة الكبرى. تنبئنا خريطة الاهتمام بالمواد الأدبية والعلمية والرياضيات بأن الشعب المصرى يصنع نوعاً من «الفسيفساء» أو التنوع الشديد فى الاهتمام والإقبال على العلوم المختلفة، وهذا يعكس فى حد ذاته توازناً عاماً لا بأس به فى التعامل مع العلوم المختلفة فى آخر نقطة بنظام التعليم الأساسى، وهى الثانوية العامة، وفى التمهيد للتعليم الجامعى بعدها، لكن مستوى الإقبال على الرياضيات يبدو مقلقاً، فنحن فى كل الأحوال أمام «حاجز» يمنع الاحتفاء بواحد من أهم التخصصات العلمية فى مسيرة التعليم وبناء الفرد والوطن. لمعرفة نتائج الثانوية العامة اضغط على الرابط التالي: http://natiga2014.elwatannews.com/ الأخبار المتعلقة «الوطن» تحلل نتائج الثانوية مفاجأة: 63.5٪ من مدارس مصر تصنع «الفشل الذريع» «مفارقة» تستدعى التحقيق: راسبون فى مدارس المتفوقين النجاح والرسوب فى المحافظات: المنوفية الأولى ومطروح الأخيرة.. والقليوبية فى المنطقة الدافئة القدرات والتحصيل: محافظات الدلتا تنجو بأبنائها.. والصعيد فى حالة «موت إكلينيكى»