كثير من الناس يتوقع سطوع نجم الفنان محسن محيى الدين خلال الأيام المقبلة، لعدة أسباب أهمها أنه اعتزل الفن فى قمة شهرته بحثا عن الالتزام، وصاحبت قرار انسحابه واعتزاله ضجة كبيرة، وقيل وقتها إنه يرى أن الفن حرام، ولذلك فضل الابتعاد والاختفاء. «وداعا بونابرت»، و«إسكندرية ليه»، و«حدوتة مصرية»، كلها أفلام قام ببطولتها محسن محيى الدين، ونالت إعجاب الجمهور والنقاد، والسؤال الذى يفرض نفسه الآن هو هل سيعود إلى جمهوره بهذه النوعية من الأفلام، أم أنه سيعود بأفلام دينية الشكل والمحتوى تغازل التيار الإسلامى، وتتفق مع قناعاته الجديدة؟ عن السينما فى زمن «الإخوان»، واتساع مساحة المخاوف لدى المبدعين، كان هذا الحوار مع محسن محيى الدين العائد إلى عالم الفن بعد غياب 21 عاما. * هناك من يربط بين عودتك للفن وسطوع نجم «الإخوان المسلمين» ما تعليقك؟ - هذا الربط ظالم إلى حد كبير، فقد قررت العودة قبل الثورة، وقبل تفوق التيار الإسلامى على المسرح السياسى، قررت العودة لتقديم أعمال دينية تساهم فى توصيل مفاهيم الإسلام وتصحح الأوضاع الخاطئة، وكنت قد اتخذت عدة خطوات إيجابية فى اتجاه العودة، أى أنه ليس هناك أى عامل مشترك بين عودتى وما يحدث فى الحياة السياسية. * ما حقيقة انتمائك لجماعة «الإخوان» وكيف ترى مخاوف المبدعين التى زادت فى الفترة الأخيرة؟ - لا أنتمى لأى حزب أو جماعة سياسية أو دينية، أنا إنسان ملتزم فقط، ويتصور بعض الناس أننى أنتمى للجماعة بسبب ذقنى، لكننى فى حقيقة الأمر معجب بأداء الجماعة، وأطالب الناس بمنحهم فرصة للتعبير عن أفكارهم وآرائهم، والحقيقة أننى أرى خوف المبدعين من فكر «الإخوان» مبالغا فيه، فقد سبق وعشنا تحت حكم فاسد لمدة 30 عاما، والآن نتعجل الفرصة، ولا نريد إعطاء فرصة ل«الإخوان»، وعن نفسى أتصور أن الرئيس محمد مرسى يحاول الاختلاف، ويحاول عمل إنجازات، ولكنه لن يتحرك للأمام بمفرده. * وكيف ترى تشكيل جبهة للدفاع عن حرية الإبداع؟ - تشكيل جبهة للدفاع عن حرية الإبداع تم بعد نجاح «الإخوان» فى الفوز بأغلبية مقاعد مجلس الشعب، حيث أحس المبدعون أنهم أمام واقع جديد قد يفرض عليهم قيودا وضوابط فقرروا الدفاع عن أنفسهم بطريقتهم، والحقيقة أننى مندهش من الاستعجال فى تشكيل الجبهة، وأرى هذا القرار خطوة استباقية للدخول فى عداء مع التيار الإسلامى، وكان رأيى أنه يجب الانتظار لرؤية أى ممارسات تقيد حرية الإبداع، لكننى ضد التفتيش فى النوايا. * وما رأيك فى الصدام الذى وقع بين إلهام شاهين والشيخ عبدالله بدر؟ - أنا ضد التطاول، يجب أن نختلف دون تجريح أو إهانة، وبكل تأكيد أرفض ما حدث، وكثيرا ما أسأل نفسى: لماذا لا توجد بيننا مساحة للتفاهم؟ أى نقاش يتحول فى غمضة عين لخلاف عظيم وكبير، وأتمنى أن يستوعب كل منا الآخر دون أى صدام، وبالمناسبة أنا منزعج من تقسيم المجتمع إلى «إخوان مسلمين» وفصائل أخرى، ويجب أن يدرك الكل أننا مواطنون لنا حقوق وواجبات فى هذا الوطن. * ولكن بالفعل هناك حالة من الانقسام خلقها الواقع السياسى الجديد؟ - حتى لو كانت هناك اختلافات فى الأفكار والأيديولوجيات، يجب أن نعمل جميعا لصالح البلد، لأن كلنا فى مركب واحد، لو كتب له النجاة فسوف يتحسن الحال، وإذا غرق سيدفع الجميع الثمن. * وما وجهة نظرك فى الأصوات التى تحرم الفن وتطالب بفرض قيود عليه؟ - كما قال الإمام الغزالى «الفن حلاله حلال وحرامه حرام»، من الممكن تقديم فن راق يعزز القيم ويصحح الأخطاء، وبالمناسبة أنا ضد فرض رقابة على الفن، وأقول لمثيرى الغرائز والذين يعتبرون العرى والإسفاف فنا وإبداعا: «إذا لم تستحى فافعل ما شئت»، وأثق فى أن «الإخوان» حتى لو فرضوا سيطرتهم على الرقابة لن يصادروا أى عمل فنى لأنهم أذكياء، وعلى المبدع أن يحتكم لضميره فقط، ويجب أن تعلم أن المبدع الحقيقى لن يقدم إلا أعمالا ترتقى بالذوق العام، وتساهم فى تفتيح وعى المتلقى، وتوسيع دائرة معارفه، وباختصار شديد أقول إن الفن لن يتغير فى زمن «الإخوان» وسيبقى الحكم للجمهور. * وماذا عن فيلمك الجديد «الخطاب الأخير»؟ - أنا مؤلف ومخرج الفيلم، وأقوم الآن باختيار الممثلين الذين يصل عددهم إلى 25 ممثلا، وهو بالمناسبة عدد كبير على فيلم سينمائى، ويدور فى قالب «فانتازى كوميدى»، وأقدم فيه شخصية بعض الزعماء العرب وكيف كانوا يتعاملون مع شعوبهم، وأرصد بشكل مباشر الأسباب التى أدت إلى قيام الثورات العربية من المحيط إلى الخليج، وأحاول الإشارة إلى أن الحاشية هى التى تساهم بشكل رئيسى فى إفساد الحاكم. * وهل صحيح أن جماعة «الإخوان» سوف تتحمل التمويل؟ - هذا الكلام غير صحيح لأن الفيلم من إنتاجى، ولم أعرض الأمر على أى جهة، وأتمنى أن يخرج الفيلم للنور بصورة جيدة، وتصل الرسالة التى تحملها القصة، فقد تردد أن موضوع الفيلم دينى، وأن الجماعة سوف تتحمل التكاليف وهذا غير حقيقى، لأن فيلم «الخطاب الأخير» من إنتاجى، ولا أسعى من خلاله لمغازلة التيار الدينى.