أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 11 مايو 2024    وكالة أمريكية: عاصفة شمسية شديدة تضرب الأرض للمرة الأولى منذ 2003    جدول مباريات اليوم.. الأهلي يواجه البلدية.. نهائي دوري أبطال آسيا.. وظهور مرموش    مواجهة القمة والقاع| الهلال يلتقي الحزم للتتويج بلقب الدوري السعودي    تداول أسئلة امتحان الفيزياء لأولى ثانوي بالجيزة عبر «التليجرام»    «الأرصاد»: استمرار الأتربة واحتمالية سقوط أمطار اليوم السبت    سونيا الحبال تحذر برجي الميزان والحوت (فيديو)    قصر ثقافة الإسماعيلية يستضيف العرض المسرحي ال 84    أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 11 مايو 2024.. بشاي 41 ألف جنيه    أسعار الخضروات والفاكهة اليوم السبت 11 مايو 2024.. الطماطم ب5 جنيهات    حزب الله يستهدف موقع راميا ومستعمرة المطلة ويحقيق إصابات مباشرة بهما    بعد قطع العلاقات الدبلوماسية.. رئيس كولومبيا يدعو «الجنائية الدولية» لإصدار مذكرة توقيف بحق نتنياهو    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم السبت    لعدم الانضباط .. إحالة طاقم النوبتجية بمركز طب الأسرة ب«الروافع» في سوهاج للتحقيق    وزير الصحة: التعاون مع معهد «جوستاف روسي» الفرنسي لإحداث ثورة في تشخيص وعلاج السرطان    وسائل إعلام فلسطينية: إطلاق وابل من القنابل الضوئية في أجواء منطقتي خربة العدس وحي النصر شمالي رفح    اليوم.. محاكمة المتهم بإنهاء حياة 3 مصريين بقطر    اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحاضر في ندوة بجامعة سوهاج    حادثة عصام صاصا على الدائري: تفاصيل الحادث والتطورات القانونية وظهوره الأخير في حفل بدبي    مصرع سيدة سقطت من شرفة منزلها أثناء نشر الغسيل لجرجا سوهاج    غدا.. "الشيوخ" يناقش خطط التوسع بمراكز التنمية الشبابية ودور السياسات المالية لتحقيق التنمية الاقتصادية    تفاصيل إحالة 10 أطباء ورئيسة تمريض للتحقيق العاجل في أسيوط (صور)    بعد تعاونهما في «البدايات».. هل عاد تامر حسني إلى بسمة بوسيل؟    تعليق صادم من جاياردو بعد خماسية الاتفاق    موعد مباراة توتنهام أمام بيرنلي في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    شاروخان يصور فيلمه الجديد في مصر (تفاصيل)    المفتي يحسم الجدل حول حكم الشرع بإيداع الأموال في البنوك    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام نوتينجهام فورست    عمال الجيزة: أنشأنا فندقًا بالاتحاد لتعظيم استثمارات الأصول | خاص    إبراهيم سعيد ل محمد الشناوي:" مش عيب أنك تكون على دكة الاحتياطي"    التعليم العالي تعلن فتح برامج المبادرة المصرية اليابانية للتعليم EJEP    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    كرم جبر: أمريكا دولة متخبطة ولم تذرف دمعة واحدة للمذابح التي يقوم بها نتنياهو    " من دون تأخير".. فرنسا تدعو إسرائيل إلى وقف عمليتها العسكرية في رفح    حريق ب «جراج» في أبو النمرس والحماية المدنية تمنع كارثة (صور)    موازنة النواب عن جدل الحساب الختامي: المستحقات الحكومية عند الأفراد والجهات 570 مليار جنيه    الهلال ضد الحزم.. أكثر 5 أندية تتويجا بلقب الدوري السعودي    السياحة عن قطع الكهرباء عن المعابد الأثرية ضمن خطة تخفيف الأحمال: منتهى السخافة    عمرو دياب يحيى حفلا غنائيا فى بيروت 15 يونيو    برج الثور.. حظك اليوم السبت 11 مايو: استعد    الزراعة: زيادة الطاقة الاستيعابية للصوامع لأكثر من 5 ملايين طن    أبناء السيدة خديجة.. من هم أولاد أم المؤمنين وكم عددهم؟    ثنائي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية: التاريخ يذكر البطل.. وجاهزون لإسعاد الجماهير    خبير دستوري: اتحاد القبائل من حقه إنشاء فروع في كل ربوع الدولة    الشعبة تكشف تفاصيل تراجع أسعار الدواجن والبيض مؤخرًا    المواطنون في مصر يبحثون عن عطلة عيد الأضحى 2024.. هي فعلًا 9 أيام؟    مصرع شاب غرقًا في بحيرة وادي الريان بالفيوم    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    النائب شمس الدين: تجربة واعظات مصر تاريخية وتدرس عالميًّا وإقليميًّا    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    نتائج اليوم الثاني من بطولة «CIB» العالمية للإسكواش المقامة بنادي بالم هيلز    القانون يحمى الحجاج.. بوابة مصرية لشئون الحج تختص بتنظيم شئونه.. كود تعريفى لكل حاج لحمايته.. وبعثه رسمية لتقييم أداء الجهات المنظمة ورفع توصياتها للرئيس.. وغرفه عمليات بالداخل والخارج للأحداث الطارئة    5 علامات تدل على إصابتك بتكيسات المبيض    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان .. والمبدعين علاقات حذرة وخوف من السيطرة الإخوانية
نشر في مصر الجديدة يوم 09 - 01 - 2012

يارقب الجميع ما سوف يحدثه الإخوان المسلمين من تغيير فى الحركة الفنية فى مصر وبالأخص الفنية التى يخاف جميع المبدعين من أن تقيد من قبل الإخوان حيث أكد المنتج محمد العدل، اليوم، أن عدداً كبيراً من المثقفين والمبدعين ومجموعة كبيرة من المؤسسات الفنية والثقافية قرروا تشكيل جبهة المبدعين المصريين للدفاع عن حرية التعبير وحق المعرفة.
وقال العدل انه «اثر صعود التيار الاسلامي في الانتخابات الاخيرة، وتصريحات بعض قيادات هذا التيار المسيئة لكبار المثقفين المصريين والفن المصري، خصوصاً الهجوم على الاديب المصري الحاصل على جائزة نوبل للآداب عام 1988 نجيب محفوظ دفعت عدداً من المثقفين والفنانين إلى تنظيم لقاءات متعددة»، مشيراً إلى أنهم «اتفقوا خلال لقاءاتهم على الدعوة إلى تشكيل جبهة المبدعين المصريين التي ستعقد اول مؤتمر لها في نقابة الصحافيين المصريين السبت المقبل لإعلان مواقفها تحت عنوان (الدفاع عن حرية التعبير وحق المعرفة)».
وأكد العدل أن «المثقفين والفنانين لا يخشون صعود التيار الاسلامي وسيطرته على البرلمان، لكننا نؤكد على حرية التعبير، فالثقافة المصرية لها امتدادها العريق في كل مجالاتها الابداعية شعراً ورواية ومسرحاً وفناً تشكيلياً وسينما وكل المجالات الابداعية المختلفة».
ومن بين المشاركين في الدعوة من المؤسسات والكيانات، غرفة صناعة السينما واتحاد الكتاب ونقابة المهن السينمائية والموسيقية ونقابة المهن الفنية ونقابة الفنانين التشكيليين والجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما ونادي القلم المصري..
الى جانب جمعية الكاتبات المصريات واتليه القاهرة واتليه الاسكندرية ونقابة الآثاريين واتحاد الغرف السياحية ونقابة المرشدين السياحيين والعديد من الائتلافات الثقافية والشبابية التي ظهرت خلال ثورة «25 يناير».
ومن الشخصيات العامة سيشارك في المؤتمر: رئيس لجنة ملاحقة الاموال المنهوبة من مصر حسام عيسى والروائي علاء الاسواني والكاتب جمال فهمي والعديد من الشخصيات، كما وجهت الدعوة أيضاً إلى حسنين هيكل واحمد زويل وثروت عكاشة وغيرهم من كبار الشخصيات العامة اضافة الى وزراء سابقين.
وخلال اللقاء، الذي سيديره محمد العدل، سيلقي المخرج داود عبد السيد كلمة عن السينمائيين، والنجم: محمود حميدة عن الفنانين والشاعر الشعبي سيد حجاب عن الشعراء والروائي بهاء طاهر عن الادب، إضافة إلى الفنان محمد عبله عن الفنانين التشكيليين والكاتبة سكينة فؤاد عن الاعلاميين والمخرج المسرحي عصام السيد عن المسرح.
واوضح العدل أن «الهدف من كل ذلك ايضاً الخروج بتوصيات حول الثقافة المصرية والتأكيد على أن هذه الجبهة ستعمل على دعم اي كيان قد يتعرض لأي قمع، الى جانب التأكيد على ان يمثل المثقفون والفنانون بقوة في لجنة صياغة الدستور لأنهم اكثر من يقدّر اوضاع البلاد ويعمل للحفاظ على حرية مواطنيها».
عندما سألوا عمار الشريعي عن إحساسه بالفن القادم بعد سيطرة الإخوان المسلمين والسلفيين على أغلب مقاعد مجلس الشعب (الغرفة الأولى من البرلمان المصري) مع تراجع حاد لكل الأحزاب التي ترفع شعار الليبرالية مثل تحالف الكتلة المصرية والوفد والتجمع، قال عمار في عبارة موجزة: «أنا بدأت أقرأ الفاتحة على روح الفن في مصر».. في الحقيقة لم تكن كل الآراء تشاطر عمار هذا الإحساس.. عدد من الفنانين قالوا أهلا ومرحبا بالإخوان، سوف يطهروننا من الأغاني الخليعة ومن أفلام العري والإسفاف، ونحن معهم سوف نشد على أياديهم ونشاركهم في الحرب على البذاءة! في ظل هذه الأجواء التي تباينت فيها الآراء ما بين مؤيد ومعارض، بدأت جماعة الإخوان تلاحق المسؤولين وكبار النجوم بالزيارات، وأطلقوا عليها تعبير «زيارات تطمينية»، بدأت بالنقابات الفنية في مصر، وعدد من النجوم، بل إن وزير الثقافة الجديد الدكتور شاكر عبد الحميد أعلن أنه التقى بهم ولا بأس من التعاون المشترك وأن أفكارهم وجدت لديه صدى طيبا.
وبعدها بدأت التصريحات التي يعلنها عدد من النجوم تأخذ منحى مغايرا لما تعوّدت عليه الأغلبية منهم، البعض يقول أهلا ومرحبا، والبعض يؤكد أنه سوف يشارك في الأعمال الدرامية التي يستعد الإخوان لإنتاجها.. أرجو ملاحظة أن أغلب النجوم يبحثون عن الذي يحمي مصالحهم، الأمر لا يعنيهم كثيرا في الدفاع عن توجه فكري أو قناعة سياسية لديهم، بدليل أن مسلسل «الجماعة» على سبيل المثال، الذي تم تقديمه من خلال النظام المصري السابق في رمضان عام 2010 قبل انتخابات البرلمان قبل الأخيرة، كان معروفا أن المقصود بإنتاجه في ذلك التوقيت هو ضرب تنظيم الإخوان الذي كان يحظى بقوة دعائية في الشارع، حيث إن النظام المصري كان يطلق عليهم تعبير «المحظورة»، ورغم ذلك تكتشف مثلا أن من بين المشاركين في بطولة مسلسل «الجماعة» عبد العزيز مخيون المعروف بميوله الإخوانية، بل والمعارضة بوجه عام للنظام المصري السابق! الذي يحرك بوصلة أغلب الفنانين في مصر ليس الدفاع عن قيمة أو هدف، ولا يعنيهم إلا المكاسب التي يحققونها. وبالتأكيد أنا لا أتحدث عن كل الفنانين، ولكن كل الأحداث التي عاشتها مصر أظهرت أن قانون المصلحة هو الذي يحكم، والمصالح تتصالح في نهاية الأمر، وأن مبدأ «أبّجني تجدني» المنتشر في الوسط الفني هو الذي تخضع الأغلبية له.. تعامُل الفنانين مع شركات الإنتاج التي لها توجّه إخواني أراه أحد المؤشرات القادمة في الدراما سواء في الأفلام أو المسلسلات، والحقيقة أن شركات الإنتاج التابعة للإخوان ليست وليدة هذه الأيام وليست متعلقة بثورة 25 يناير ولا باستحواذ الإخوان والسلفيين على قرابة 80% من مقاعد البرلمان، دائما هناك أفكار ومشروعات لشركات لها توجه إخواني لعل أشهرها مسلسل وفيلم عن حياة حسن البنا مؤسس الجماعة، وذلك ردا على مسلسل «الجماعة» الذي عرضه التلفزيون المصري وعدد من الفضائيات قبل نحو عام ونصف، واعتبرته الجماعة وقتها أكثر عمل فني تم توجيهه ضدهم، رغم أن الذي حدث على أرض الواقع هو أن الناس تعاطفت مع حسن البنا وبدأ الشباب يقرأ عن تفاصيل حياة الجماعة.
وقد أكد المحللين أن المسلسل حقق نتائج عكسية وقتها للنظام.. بالتأكيد كان هناك تعنت وتعتيم على كل من ينتمي إلى الجماعة وعلى أفكارها، إلا أن ما يجري الآن هو نوع من التعويض عن كل تلك السنوات، إلا أنهم مع الثورة بدأت الشرعية تُمنح لهم وتغيرت الصفة التي يحملونها من «المحظورة» إلى «المحظوظة»! الإخوان يسعون الآن إلى تقديم رسائل تطمينية للفنانين، حتى الأعمال الفنية والنجوم الذين كان معروفا أن لديهم تحفظا على ما يقدمونه، بل إن بعضهم كان يطالب بجلد المخرجة إيناس الدغيدي مائة جلدة بسبب أفلامها الجريئة التي اعتبروها تستحق كحد أدنى هذا العقاب.. سبق لنائب تحت قبة البرلمان السابق ينتمي إلى الإخوان أن طالب بمنع نانسي وهيفاء وإليسا من الغناء في مصر، بل طالب المسؤولين بترحيلهم من مطار القاهرة وعدم السماح لهم بدخول البلاد، وضم إليهم أيضا روبي المصرية.. هذا الجناح الذي يرفع شعار التحريم في الفن يقول الآن إنه يسعى لتقديم الاطمئنان إلى قلوب الفنانين الخائفين من سطوتهم!! الجناح الفني الذي كنا نراه قبل ثورة يناير متشددا في كل ما يتعلق بالفن، صار الآن أكثر رحابة في التعامل مع الفن.. هل هي استراتيجية مرتبطة بسياسة خطوة بخطوة، أي أنهم لن يستطيعوا في لحظة واحدة تغيير ملامح الفن؟
الحقيقة هي أن المؤشر في درجة الإيمان بحرية الفن شهدت انفراجة ولا شك تدعو لقدر من الارتياح، هذا من الممكن أن تراه نظريا في تلك الاتصالات التي تمت مع عدد من الفنانين، إلا أن الأمر ليس بهذه البساطة ولا تزال مساحات من الخلافات بين نظرة جماعة الإخوان للفن وبين عدد من المبدعين.
مثلا المسؤول عن الدراما في جناح الإخوان محمد النجار بدأ يعلن أنه ينتقد عددا من أفلام عادل أمام مثل «التجربة الدنماركية»، وكذلك أفلام المخرج خالد يوسف، بل امتد الأمر إلى نجيب محفوظ بعد أن هاجمه بضراوة السلفي عبد المنعم الشحات، وجدنا أن المسؤول عن الدراما في الإخوان لا يقل عنه ضراوة في مهاجمة أدب نجيب محفوظ، فهو يعتبر أن نجاحه في السينما وزيادة مبيعات كتبه تعود إلى أنه يقدم الفجور في أعماله الأدبية، وقارنه بكل من الأديبين عبد المنعم الصاوي وعبد الحليم عبد الله، مشيرا إلى أن إحجام السينما عن الحفاوة بإبداعهما الروائي بالقياس إلى نجيب محفوظ يعود في جانب كبير منه إلى طبيعة أدب نجيب المليء بالمشهيات التجارية، بينما أعمالهما الأدبية كانت خالية من تلك المشهيات.
وكم تظلم هذه الآراء نجيب محفوظ وفي نفس الوقت تشير إلى أن توجه الإخوان إلى الفن سيظل محاطا بنظرة أخلاقية تصل إلى حدود التزمت، خصوصا في ما يتعلق بالسينما.ويجب أن نضيف إلى تلك المعادلة أننا في مصر مثلا عرفنا قبل 14 عاما مصطلحا يقترب كثيرا مما يدعو إليه التيار الإسلامي وهو «السينما النظيفة»، الذي ارتبط زمنيا مع بزوغ نجومية محمد هنيدي في فيلم «إسماعيلية رايح جاي». كان المضحكون الجدد كما أطلق عليهم وقتها، وأعني بهم الجيل الذي عرفناه بعد هنيدي مثل هاني رمزي وأحمد آدم ومحمد سعد وأحمد حلمي، يقدمون أعمالا فنية لا تجد فيها أي حضور للمرأة كأنثى، لا توجد حتى تلك القبلات التي تعودنا عليها في نهاية الفيلم بين البطل والبطلة وهما في طريقهما إلى المأذون.. لقد كانت هذه اللقطة هي أشهر نهاية يلجأ إليها السينمائيون حيث يتم تصوير البطل والبطلة وهم في الحنطور في طريقهما للزفاف وتوتة توتة فرغت الحدوتة.. حتى تلك اللقطة كانت في السنوات الأخيرة تحمل خروجا على طبيعة ما أطلق عليه «السينما النظيفة»، ولهذا صارت ممنوعة، وليس فقط نجوم الكوميديا هم الذين طبقوا هذه المعايير على أفلامهم، ولكن أيضا الفتيان الأوائل في السينما لديهم نفس التحفظ في التعامل مع تلك المحاذير مثل كريم عبد العزيز.
السينما النظيفة لم تكن تقع في إطار أفلام ينتجها الإخوان، ولكن كانت تقدم من أجل إرضاء ذوق جمهور صار أكثر ميلا إلى التزمت في تقبله للعمل الفني، فهو كان يتسامح في الماضي مثلا مع مشاهد بها مايوه أو قبلة للنجمات بحجم شادية وهند رستم وفاتن وماجدة، إلا أنه صار لا يتقبل ذلك من نجمات هذا الجيل وصار معروفا أن أغلب النجمات يعلنّ في أحاديثهن أنهن ضد ارتداء المايوه والقبلات والمشاهد الساخنة، وهكذا مثلا تغيرت بوصلة الإنتاج والأفلام التي كانت تلعب بطولتها نادية الجندي ونبيلة عبيد حتى النصف الثاني من التسعينات وتعتمد في جزء من تسويقها على تلك المشاهد، والغريب أن الموزع السينمائي محمد حسن رمزي نائب رئيس غرفة صناعة السينما المصرية الذي حقق الملايين من خلال تلك الأفلام التي لعبت بطولتها نادية ونبيلة، صار الآن هو أكثر المنتجين حرصا على توزيع الأفلام النظيفة، ويشارك أيضا في إنتاجها، وهو بالمناسبة لا يزال يقف في مرحلة متوسطة وعلى مسافة واحدة بين كل الأطياف، بينما يؤيد التيار الإسلامي ويؤكد أنه لن يكتفي فقط بتوزيع أفلامهم، ولكنه سينتج لهم أيضا أفلاما، وانضم في نفس الوقت إلى جبهة جديدة من الفنانين ترفع شعار الدفاع عن حرية المبدعين، من بين أعضائها المخرج داود عبد السيد والمنتج محمد العدل والفنانتان ليلى علوي وإسعاد يونس، وهذه اللجنة هدفها الأساسي هو التصدي لمحاولات الإخوان في فرض نظرتهم وقواعدهم وضوابطهم على السينما..
الأمر سيظل على هذا النحو، الصورة لا تزال غير واضحة المعالم، التيار الإسلامي من خلال جناحه الفني يقول إن هناك معايير سبعة للعمل الفني، لا يفصح مباشرة عن تلك المعايير، ولكن من الممكن أن تدرك أنها تراعي الأبعاد الأخلاقية في التعبير، وهم يرددون دائما قناعات الشيخين محمد متولي الشعراوي ومحمد الغزالي التي يلخصونها في تلك المقولة الشهيرة «حلاله حلال وحرامه حرام»، وهو تعبير فضفاض حيث يشبهون الفن بإطار أو وعاء يظل الفيصل هو: ما الذي تضعه في الوعاء؟ هل هو حلال أم حرام؟ هذا هو الفيصل. ويرفض الإخوان أي محاولة لفصل الفن عن تلك الرؤية الدينية التي تخضع كل شيء متعلق بالإبداع لقواعد مطلقة لا تحتمل أن ينظر إليها بقدر من الاختلاف.. التحريم بطبعه قطعي، وحتى الآن لم يعلن مثلا الإخوان أو الجناح السياسي في الإخوان وهم حزب الحرية والعدالة عن موقفهم من فن الباليه، هل يوافقون على أن تستمر عروضه في الأوبرا؟ إنهم حتى الآن يقولون إنهم لن يدلوا برأي قطعي، هم مثلا لا يجدون غضاضة في الرقص الشعبي الذي تقدمه فرق مثل «رضا للفنون الشعبية»، ولكنهم لم يمنحوا مثل تلك الموافقة للباليه أو لفرق الرقص التعبيري.
هم لا شك لديهم أجندة فنية سوف ينتجون أعمالا في هذا الإطار تعبر عن قناعاتهم الفكرية، يقدمون من خلالها الفن الذي يعتقدون أنه هو المطلوب، وفي هذا لا يوجد من يملك حق الاعتراض، فسوف تنشأ شركات إنتاج لديها فكر تريد له الذيوع والانتشار وفكر آخر ترفضه، كما أنهم سوف ينتقون الفنان الذي يتعاملون معه، فهو بالطبع الذي يقتنع بأفكارهم.. كل ذلك من حقهم، وهو لا يخيف أحدا، ولكن على شرط أن لا يستغل الإخوان مع السلفيين حصولهم على الأغلبية في البرلمان ويبدأوا في فرض قوانين خاصة تكبل روح الفنان والإبداع.. تلك هي النقطة الفارقة في علاقة الإخوان بالفن، وفي هذه الحالة أنا أعتقد أنه لو لجأ التيار الديني إلى وضع هذه القوانين مستغلين الأغلبية البرلمانية، فسوف تعلو الأصوات المعارضة وتبدأ معارك بين من يملك أغلبية برلمانية وبين مبدعين يبحثون عن الحرية! أعتقد أن الإخوان كحزب سياسي (الحرية والعدالة) وأيضا كتوجه فني ودرامي من خلال التنظيمات التابعة مباشرة لمكتب المرشد العام، لن تتعجل بإصدار قوانين لتكبيل الفن، ولكن هذا لا يمنع أنهم سوف يسعون إلى فرض رؤيتهم للفن، وبعد أن يملكوا الخط الدرامي والفني البديل، من الممكن أن يسارعوا بإصدار قوانين تمنع كل عمل فني يرونه من وجهة نظرهم يقع في إطار التحريم، وبعدها سوف ينتهي شهر العسل المزعوم بين الفنانين والإخوان!!
لا أتذكر عدد المرات التى أقسمت فيها ألا أهتم بمبادرات العمل الجمعى بين المثقفين والمبدعين، فلا أشترك فى توجيه أو تلبية الدعوة إليها، ولا أشغل نفسى بما يجرى بشأنها من مشاورات، ولا أستمع إلى ما يدور حولها من مناقشات، ولا آخذ شيئاً مما ينشر عنها مأخذ الجد، يدفعنى للكتابة، أو حتى مجرد القراءة عنه.
أما السبب فلأننى أنفقت أوقاتاً طويلة منذ منتصف سبعينيات القرن الماضى، أحاول أن أثير حماس جماعة المثقفين للعمل المشترك من أجل صد الغارة على الثقافة، التى انطلقت فى عهد الرئيس الراحل «أنور السادات»، ونظرت إلى المثقفين باعتبارهم أفنديات لا يعرفون شيئاً عن أخلاق القرية، وكتاب سخائم وعرائض ورزالات. ومع أنهم على صعيد الأفراد والجماعات الصغيرة، قاموا بالفعل بأدوار مهمة فى مقاومة هذه الغارة، إلا أن كل المحاولات التى جرت لتطوير هذا العمل ليكون أوسع نطاقاً وأكثر احتشاداً، وأوفر تنظيماً، سرعان ما اصطدمت بعيب شائع بين جماعة المثقفين المصريين والعرب، بل بين العرب عموماً، مثقفين وغير مثقفين، وهو العزوف أو العجز عن العمل الجمعى المشترك والمنظم، مع أن هذا النوع من العمل، هو سمة المجتمعات المدنية الصناعية المتقدمة وهو الأكثر تأثيراً ودواماً، بينما العمل الفردى أو على شكل جماعات صغيرة متناثرة، هو سمة الجماعات الريفية الزراعية المتخلفة، وهو الأقل تأثيراً والأكثر ارتجالاً والأقصر عمراً.
ولأننى أعجز كثيراً عن الالتزام بهذا القسم فإننى لم أستطع إلا أن أحنث به، بعد أن تجمعت خلال الأسبوعين الأخيرين، ملامح ثلاث مبادرات على الأقل تدعو المثقفين إلى العمل المشترك من أجل الدفاع عن حرية الإبداع الأدبى والفنى فى مواجهة احتمالات المستقبل.. يتبنى المبادرة الأولى المخرج السينمائى «داوود عبدالسيد» والمنتج «محمد العدل» والفنانتان «ليلى علوى وإسعاد يونس»، وترفع شعار التصدى لفرض النظرة الواحدة المتزمتة على الإبداع السينمائى.
وتبنى المبادرة الثانية المخرج «خالد يوسف»، داعياً إلى تأسيس منبر يضم المبدعين المصريين فى كل المجالات الأدبية والفنية، ويكون حائط صد أخيراً ضد تقييد حرية الإبداع..
بينما أطلق «أتيليه القاهرة» برئاسة الفنان «محمد عبلة» المبادرة الثالثة بالدعوة لتشكيل «الجبهة المصرية للدفاع عن حرية الفكر والإبداع» تتكون من أعضاء الأتيليه. ولاشك أن المبادرات الثلاث قد انطلقت من مناخ القلق الذى يسود جماعة المثقفين والفنانين المصريين ضمن جماعات أخرى غيرها، من الزحف السريع للتيارات الداعية لإقامة دولة دينية، على السلطة، فى الوقت الذى يتسم فيه موقف بعضها مثل جماعة الإخوان المسلمين من قضايا حريات الإبداع، وغيرها من الحريات، بغموض متعمد يصعب معه الاطمئنان إلى أن الحد الأدنى من حرية الإبداع، الذى حققه المبدعون المصريون، بنضالهم وتضحياتهم فى ظل الدولة المدنية وفى أكثر عهودها استبداداً، سيظل مضموناً، بينما أكدت تصريحات بعض أقطاب التيار الأكثر تشدداً من هذه التيارات، وهم السلفيون، أن الخطر ماثل، وأن النطع والسياف ينتظران، وأن على الجميع أن يستعدوا لدخول «مدرسة ثكلتك أمك الابتدائية» فى الإبداعين الأدبى والفنى!
تلك مبادرات تستجيب بلا شك، لاحتياج موضوعى فى الواقع، لكن ذلك لا يكفى وحده لكى يضمن لها تحقيق أهدافها أو حتى مجرد البقاء لوقت ملحوظ على قيد الحياة، إذ هى تحتاج إلى عمل دؤوب ومتواصل، حتى لا تبدو ككثير من مبادرات المثقفين مجرد رد فعل انفعالى على حدث أو تصريح، يتخفف أصحابه من انفعالهم ببيان أو خطاب أو مبادرة، ثم يعود كل منهم إلى بيته ليشد اللحاف وينام. وفى هذا السياق، أطرح الأسئلة الجوهرية التالية التى أتمنى أن يشترك الجميع فى البحث عن إجابة لها.. والأسئلة هى:
■ ما الشكل التنظيمى الذى ستأخذه الجبهة المقترح إنشاؤها للدفاع عن حرية الإبداع؟.. هل ستكون جمعية ثقافية تخضع للقانون 84 لسنة 2002، الخاصة بالجمعيات الأهلية؟..
■ أليس فى الأخذ بهذا الشكل التنظيمى تكرار للعمل الذى تقوم به جمعيات عديدة تخضع لهذا القانون أو غيره من القوانين، ممن يدخل الدفاع عن حريات الإبداع ضمن أنشطتها.. ومنها على سبيل المثال منظمات حقوق الإنسان، التى تبذل نشاطاً واسعاً فى هذا المجال، وتتمتع بشبكة علاقات أهلية دولية مؤثرة فى هذا المجال.
■ ثم.. ما العلاقة بين هذه الجمعية والنقابات التى تضم المبدعين فى مجالات الأدب والفن ومنها اتحاد الكتاب ونقابات السينمائيين والممثلين والموسيقيين والفنانين التشكيليين والصحفيين وغيرها.. وهذه النقابات بحكم قوانينها هى المنوط بها الدفاع عن حق أعضائها فى حرية الإبداع، هل تنوب عنها الجمعية الجديدة فى القيام بهذا الدور، أم تقوم بأدوار أخرى لتحقيق الهدف نفسه.. وما هى؟
■ أليس من الأفضل أن تقوم المبادرات الثلاث الجديدة، على أساس تشكيل منظمة تقوم بعمل مختلف عن العمل الذى تقوم به المنظمات القائمة بالفعل، بما فى ذلك النقابات ذات الشأن، التنسيق بين هذه المنظمات بتأسيس شبكة المدافعين عن حرية الإبداع لتضم ممثلين مفوضين للنقابات المعنية والمنظمات التى تنشط فى المجال ذاته، لتخوض المعركة ضد الجراد الزاحف تحت شعار «ثكلتك خالتك».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.