من 1/4 قرن، ونحن نقدم أفكاراً وحلولاً.. ريقنا نشف.. أحياناً كنا نحبط، ولكننا لم نيأس، وكان النظام المخلوع يرفع شعار: «خليهم يتسلوا» يقولوا اللى همه عايزينه، وإحنا نعمل اللى فى دماغنا.. عدا وزيرين ثلاثة.. الفريق شفيق عندما كان وزيراً للطيران.. كتبت فى 2007 ب«المصرى اليوم» أنتقد بقسوة وعنف مستوى الخدمة والضيافة على متن «مصر للطيران»، باعتبارى «مسافر دائم».. فى اليوم التالى.. تليفون.. أنا الفريق شفيق.. أهلاً وسهلاً.. حضرتك كاتب مقال بتشتمنى؟.. أيوه ولهذا حضرتك اتصلت بى الآن، قال: ممكن أشوفك؟ ذهبت بعد يومين لأجده على رأس قيادات مصر للطيران.. كل واحد معاه جهازه وبياناته للرد على أسئلتى وانتقاداتى.. س1: حضراتكم أغلى سعر تذكرة للقاهرة - باريس على الأقل بمائتى جنيه، عن «آيرفرانس» أو «الباكستانية».. لماذا؟ س2: الوجبة عندكم سيئة للغاية.. خبز طالع من الثلاجة مكرمش - السمك زفر - السلاطة أى كلام، والحلو مابيتاكلش.. تعالى قارن مع «آيرفرانس»: العيش كأنه طالع من الفرن، وكل شوية مضيفة شكلها يفتح النفس.. تمر على الركاب وبيدها سلة مليئة بالخبز الأسمر لمن يرغب.. عندكم الجبنة مثلثات «لافاش كيرى» لا أحد يقدمها على أى خطوط حتى الخطوط الإثيوبية.. أما المضيفات فلن أتحدث عن الشكل والمظهر والملبس، ولكن البعض يتعامل مع الراكب طبقاً لحيثيته، شخصية معروفة أو يعرف حد فى أطقم الضيافة، أو المكتب بالمطار يتم نقله للدرجة الأولى.. س3: الجرائد: يعنى إيه الراكب مش من حقه غير صحيفة واحدة، وكان وقتها صحف الحكومة بس «جريدة روزاليوسف.. الأهرام.. الأخبار» أما جريدة «الأهالى أو المصرى اليوم» كام نسخة تخلص بعد 10 ركاب.. لماذا؟ س4: ولماذا لا تعطون «المسافر» وجبة خاصة محترمة + صحف حكومية ومعارضة ومجلات «المجلات يحتفظ بها طاقم الطائرة من المضيفات لقراءتها فى بيوتهن»، وذلك لمن يرغب فى سداد «خمسين جنيهاً» زيادة على التذكرة فيحصل على الخدمة الجيدة؟ الوزير أمام الحاضرين: أنا معاك 100٪.. أمهلنا أسبوعاً وسترى بنفسك تحقيق كل هذا، لأنها انتقادات فى محلها، واقتراحات تستحق الدراسة، وبعد أسبوع مكالمة ثانية: إحنا غيرنا «مورد التغذية» بعد كده مش هتلاقى سمك زفر تانى.. والجرايد عادت عند باب الطائرة، زى الشركات المنافسة، و.. و.. وفعلاً.. وقتها، تم التغيير، وكان المهندس حسين مسعود الذى أصبح وزيراً بعدها هو المشرف بنفسه على هذا التغيير. الوزير الثانى: المهندس رشيد وزير التجارة والصناعة.. ألو.. صباح الخير.. أنت كاتب «اقتراح» كويس النهارده: عن «الأسواق» من المنتج للمستهلك.. ممكن أشوفك نتكلم شوية فى الموضوع.. نفس الطريقة.. الوزير معاه الأستاذ سيد أبوالقمصان واثنان آخران من كبار المسئولين عن التجارة الداخلية: احكِ لنا تفاصيل «الفكرة»؟ هذه «الفكرة» اخترعها «ديجول» فى فرنسا، وانتقلت إلى كل دول العالم.. حتى أمريكا.. تجد فى كل ولاية سوقاً اسمها «سوق البراغيت» جمع «برغوت».. (marche aux puces)، وبالإنجليزى (flea market) كل يوم أحد تجد فيه كل «الأنتيكات» القديمة من ساعات الجيب فى العشرينات، أباجورات سينيه، وكل ما تتخيله من الزمن الجميل.. ناس قاعدة تبيع مباشرة ما عندهم.. وتجار أيضاً.. والأهم ما يخص الطبقة الفقيرة والمتوسطة من أسواق المواد الغذائية، والملابس، والنباتات والورود.. وغيرها من المنتج مباشرة إلى المستهلك دون وساطات.. شوارع فى كل حى «عندنا خرابات ملك الأوقاف - المحافظة.. إلخ» فى هذه الشوارع أو الخرابات تقوم «البلدية» بإعداد «شماسى كبيرة» تحمى البائع والمشترى والبضائع من حرارة الشمس. وتجهيز مخارج كهربائية.. «فيش كهرباء» لثلاجات عرض الأسماك واللحوم.. أى مكان فى أوروبا.. حتى بالقرى، وكل الأحياء.. تجد «سويقة» صباحية وأخرى مسائية.. المنتج بسيارته نصف النقل يصل فى الخامسة صباحاً.. وبالمكان المخصص له، يدفع رسومه الشهرية للبلدية.. مقابل النظافة والكهرباء.. يعرض بضاعته «طماطم - بطاطس - خس - ألبان - جبن - عسل نحل.. إلخ من فواكه» من إنتاج مزرعته، للمستهلك مباشرة.. بعيداً عن السماسرة والقومسيونجية، والوسطاء.. «عندنا كيلو الخوخ السوبر فى المزرعة ب2٫5 جنيه» تشتريه حضرتك من تاجر الشارع ب10 جنيهات، وفى المعادى ب20 جنيهاً.. طيب إذا توافرت هذه «السويقات» بشكل حضارى ومنظم، ممكن لأى شاب غاوى تجارة أو عاطل مؤقتاً، أن يؤجر سيارة نصف نقل أو يشتريها بالقسط.. يشترى من المزرعة ب2٫5 الكيلو + جنيه تكلفة الجمع والتعبئة والنقل = 3٫5 جنيه، والمشترى يشتريه بخمسة أو خمسة ونص.. يحقق صافى ربح فى الطن الواحد، فى اليوم الواحد أكثر من ألف جنيه.. والمستهلك وفر فى كل كيلو 5 جنيهات.. صعبة دى؟ وفى قطاع الملابس.. تجد هناك سويقة الملابس الجديدة وليست المستعملة.. من المصنع مباشرة إلى المستهلك.. البنطلون فى المصنع مثلاً: بعشرين جنيه والمستهلك يشتريه من السويقة بثلاثين.. نفس البنطال X الفاترينات بستين وسبعين.. لماذا؟ الخلاصة أن هناك مسئولين يهتمون بالأفكار والمقترحات والمبادرات.. يستدعون أصحابها، يناقشونهم، ويحاورهم المختصون فى كل وزارة أو محافظة.. وهناك «أبوودن من طين وأخرى من عجين».. مكبر دماغه!! الجديد: أننى قرأت بالأمس أن «وزير النقل» قرر عمل «مزايدة علنية» لبيع «الخردة» فى السكة الحديد.. فاكرين حضراتكم أننا أول من نبه، وطالب ببيع الخردة ليس فى السكك الحديدية فقط، ولكن أيضاً فى كل الهيئات والمصانع والشركات الحكومية.. قلنا إن على أرض مصر «خردة» قدّرها خبراء صينيون، وأتراك بما قيمته 6 مليارات دولار.. قطارات وعربات وأوناش، قضبان قديمة.. سيارات معدات، ماكينات كهنة.. «عهدة» على كل مصلحة أو هيئة، والمسئول يخشى التصرف فيها.. فهى «عهدة» (الهرم عهدة يتسلمه الخفير مساءً، ويوقع على ساركى ويسلمه لزميله صباحاً على ساركى) أحسن حد يسرقه بالليل!! وزير النقل الجديد جرىء.. يمكن الريس جمّد قلبه، قاله ماتخافش، توكل على الله وبيع «الخردة» والحمد لله هيبقى أول مسئول فى مصر بعد 60 سنة يبيع «العهدة»!! صباح الخير سيادة الرئيس: شجع باقى المسئولين، فى المحافظات فى كل الهيئات يبيعوا «الخردة»، بلاش بمليارات الدولارات.. خليها بمليارات الجنيهات.. أهى «نوايا» تسند الزير.. فلوس نصلح بيها المزلقانات ونحمى أرواح الناس، لكن الأهم: اسأل وزير النقل: ما هى المساحة التى تمتلكها هيئة السكك الحديدية، من أيام الإنجليز.. وللعلم هى 100 مليون متر مربع.. اسأله هل هى «مستغلة» فى أى شىء.. أسواق شعبية مفتوحة، مولات تجارية على أعمدة معدنية متنقلة، طيب عليها إعلانات تدر دخلاً؟ طيب كام متر البلطجية وضعوا أيديهم عليها؟ والأهم: ما هو المانع من بيع 50 مليون متر، وبكام المتر.. لعلمك يا ريس تقدر تجمع 1/2 تريليون، تعمل بيهم أنظف وأأمن وأعظم سكة حديد فى العالم. أكرر: مصر أغنى بلد فى العالم، وأفقر شعب فى الدنيا.. تفتكروا ليه؟