"تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت، يؤدي رئيس المحكمة الدستورية العليا اليمين أمام الجمعية العمومية للمحكمة، إجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية ولحين انتخاب رئيس جديد"، كلمات استمع لها المصريون خلال ذلك اليوم المهيب الذي شهد عزل الرئيس محمد مرسي والذي وافق الثالث من يوليو عام 2013، في حضور عدد من الشخصيات العامة والسياسية التي تصدرت المشهد السياسي ،آنذاك، ولقوا حفاوة كبيرة من جموع المصريين، قبل أن يأتي عام تتقلب فيه المواقف، فتختفي وجوه وتسود أخرى، وتتحول اليد الواحدة إلى أيادي ربما انشق بعضها على الآخر. "الفريق أول عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع، القائد العام للقوات المسلحة"، الرجل الذي اعتبره المصريون منقذهم بمجرد الاستماع إلى صوته يلقي بيان العزل ويعلن خارطة المستقبل ويؤكد أن القوات المسلحة استجابت للشعب المصري، بعد أن استشعرت أن الشعب المصري الذي يدعوها لنصرته، لا يدعوها لسلطة أو حكم، وإنما يدعوها للخدمة العامة والحماية الضرورية لمطالب ثورته. يطل على الشعب من جديد، ظهر الأربعاء 24 يوليو 2013، ليطلب منهم النزول بالملايين في ميدان التحرير لتفويضه لمواجهة الإرهاب، ثم تلوح في الأفق مطالب من من المواطنين والشخصيات العامة بترشحه للرئاسة فيكون رده: "شرف حماية إرادة الناس وحريتها في إنها تختار ما تشاء وتعيش كما تشاء أعز وأشرف عندي أنا أقسم بالله من حكم مصر"، إلا أن الموقف يتحول تمامًا عند نزول ملايين المواطنين، عصر 25 يناير 2014، يطالبونه بالترشح للرئاسة، فيستجيب ويعلن، في 12 مارس، ترشحه لرئاسة جمهورية مصر العربية، ويفوز بعد انتخابات نافسه فيها مرشح واحد، بمنصب رئيس الجمهورية، ليتم تنصيبه قبل 28 يوم من تاريخ إعلانه لبيان عزل سابقه. أما الدكتور محمد البرادعي، رئيس حزب الدستور آنذاك، ومفوض جبهة الإنقاذ الوطني للحديث باسم المعارضة، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ألقى في 3 يوليو عام 2014 كلمة لاحقة لبيان "السيسي"، أكد فيه أن خارطة الطريق التي تم التوافق عليها هي "تصحيح لمسار ثورة يناير العظيمة واستجابة لرغبة جماهير شعب مصر العظيم"، وتم تعيينه، بعد أسبوع، نائبًا لرئيس الجمهورية بعد أن كان مرشحًا لرئاسة الوزراء، ثم يأتي قرار بفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، في 14 أغسطس، ليبتعد البرادعي عن المشهد إثر تقدمه باستقالته، لتلحق به اتهامات عديدة بالخيانة والعمالة والأخونة والعمل ضد نجاح ثورة 30 يونيو، وينتهي الأمر بمغادرة البرادعي للبلاد وسفره للنمسا والاكتفاء بالتدوين عبر حسابه على "تويتر"، قبل أن يختفي تمامًا مع حلول الانتخابات الرئاسية مع تساؤلات عديدة عن غيابه. "تمرد"، الحملة التي أوصلت المصريين ليوم الثالث من يوليو، حضر ممثلوها يدا واحدة إلى مشهد عزل مرسي، وألقى محمود بدر، مؤسسها، كلمة حث فيها المصريين على البقاء والصمود في الميادين حفاظًا على مكتسبات الثورة ودماء الشهداء، وسرعان ما تنكسر الوحدة بقدوم الانتخابات الرئاسية التي انقسم فيها مؤسسو الحملة حول تأييد صباحي والسيسي، وخرجت تصريحات من كل فريق يتهم الآخر بعدم تحمل المسؤولية وعدم الانتماء للحملة، لينقضي مشهد "تمرد باتهامات حسن شاهين لصديقه محمود بدر بالخروج عن أهداف ثورة 30 يونيو، واتهام الأخير لشاهين بأنه لم يكن متواجدًا أصلا يوم عزل مرسي. الكاتبة والروائية سكينة فؤاد هي من مثلت المرأة يوم بيان عزل مرسي، وتقلدت بعد ذلك، منصب مستشار رئيس الجمهورية لشؤون المرأة قبل أن تقدم استقالتها عقب انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي، في حين بقى كل من شيخ الأزهر أحمد الطيب والبابا تواضروس الثاني قامتين شامختين في أماكنهما، يحلان كالنسمة التي تخفف من حدة أجواء حارة.