تلك الأرض التى نُقش اسمها بحروف من نور فى شتى أرجاء المعمورة، فأضاءت صفحات التاريخ عزاً وبطولة؛ حيث قهرت الغزاة وصنعت الأمجاد، إنها «دمياط» صانعة الكرامة.. تلك المحافظة التى اجتمعت فيها مصر بجميع أشكالها وأطيافها ما بين عامل وصياد وفلاح وصانع، سطرت دمياط تاريخها بأسطول بحرى ترك بصمته فى أكبر موانئ العالم، وبورش أخرجت للعالم أرقى الأثاث وأجوده، وبفأس شقت الأرض وحصدت خيراتها لينعم الجميع برغد العيش. لكن المحافظة مهددة الآن؛ فلم تعد قلعة صناعة الأثاث كسابق عهدها بعدما أغلقت نحو 40% من الورش، وبعد أن هجر صانعو الأثاث ورشهم وسكنوا المستشفيات، بينما آثر آخرون الرحيل والبحث عن فرصة عمل خارج حدود الوطن، أملاً فى سداد ديونهم وضمان مستقبل أفضل لأولادهم؛ فصناعة السفن ومراكب الصيد التى خرجت من رحمها صناعة الأثاث لم تكن هى الأخرى بالأفضل بعدما توقف صوت اللحام والدق فى كثير من المراكب التى أوشكت على إعلان موعد رحلتها الأولى بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء. «الوطن» كانت حاضرة فوق سطح المراكب، وفى قلب الورش وسط العمال، وفى رحاب الأرض بجوار الفلاحين وعلى شاطئ النهر والبحر تستمع للصيادين لترصد وتنقل واقع محافظة يبحث أبناؤها عن طوق للنجاة يعيد إليهم الأمل والحياة.