كل ما تريد معرفته عن بطاقة ائتمان التيتانيوم في بنك مصر    بعد اعتقاله، شقيق لاهور شيخ جنكي يهدد ب"تدمير السليمانية"    أسفر عن مصرع وإصابة أسرة بأكملها، أول صور لمنزل سوهاج المنهار ومدير الأمن ينتقل للموقع    بسمة بوسيل تكشف عن تعاونها مع رامز جلال وطرح دويتو غنائي جديد    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 22- 8- 2025 والقنوات الناقلة    أخبار فاتتك وأنت نائم| إيقاف الرحلات الجوية إلى إيران.. جرائم قتل غامضة تهز فرنسا    قمة ألاسكا.. سلام «ضبابي»| ترامب وبوتين «مصافحة أمام الكاميرات ومعركة خلف الأبواب»    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 22 أغسطس 2025    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري الجمعة 22-8-2025 بعد ارتفاعه في 7 بنوك    «زي النهارده«في 22 أغسطس 1945.. وفاة الشيخ مصطفى المراغي    «زي النهارده» في 22 أغسطس 1948.. استشهاد البطل أحمد عبدالعزيز    معجزة جديدة ل أطباء مصر.. طفلة جزائرية تقف على قدميها مجددًا بعد علاج 5 أشهر (فيديو)    أسعار الأسماك والخضروات والدواجن اليوم 22 أغسطس    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الجمعة 22 أغسطس 2025    كيف يتصدى مركز الطوارئ بالوكالة الذرية لأخطر التهديدات النووية والإشعاعية؟    درجة الحرارة تصل 42 .. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    إصابة 8 أشخاص.. الاستماع لأقوال المصابين في حادث طريق الكريمات    الجيزة: قطع المياه 6 ساعات اليوم الجمعة حتى غد السبت عن هذه المناطق    شراكة حضارية جديدة بين مصر والصين في مجال التراث الثقافي «المغمور بالمياه»    «مخضوض وواخد على خاطره».. رضا عبدالعال يقيم شيكو بانزا    لو بطلت قهوة.. 4 تغييرات تحدث لجسمك    الإيجار القديم.. محمود فوزي: تسوية أوضاع الفئات الأولى بالرعاية قبل تحرير العلاقة الإيجارية    انفجار مقاتلة أمريكية فى مطار ماليزيا    عاصي الحلاني ينتقد فكرة ظهور المعجبات على المسرح.. ماذا قال؟    علي الحجار ينسج حكايات الشجن.. وهاني حسن يرقص للحياة على أنغام السيمفوني في محكي القلعة    نجم الزمالك السابق يهاجم كولر بسبب عمر الساعي    مقتل شاب في الأقصر إثر مشاجرة بسبب المخدرات    انخفاض جديد في عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة محليا وعالميا    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    محمد رمضان يستفز جمهوره في مصر ب فيديو جديد: «غيرانين وأنا عاذرهم»    وائل الفشني يكشف موقفا محرجا تعرض له: «أنبوبة بوتاجاز أنقذتني من بلطجي»    إذاعة القرآن الكريم| هاجر سعد الدين أول سيدة بمتحف الأصوات الخالدة    هل يمكن تحديد ساعة استجابة دعاء يوم الجمعة ؟ دار الإفتاء توضح    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    حرق الكنائس.. جريمة طائفية ودعوة للتدخل الأجنبي    بيان «المحامين» يكشف الحقيقة في اجتماعات المحامين العرب بتونس    نجوى فؤاد: أطالب بمعاش يكفي احتياجاتي وعلاجي    نجاح أول حالة غسيل كلوي طوارئ للأطفال بمستشفى دسوق العام    مصر والسعودية علاقات ممتدة وآمال معقودة    تصدر المصري والقطبين "يوم فوق ويوم تحت"، ترتيب الدوري المصري بعد الجولة الثالثة    آدم كايد يعرب عن سعادته بفوز الزمالك على مودرن سبورت    ياسر ريان يشيد بأداء المصري: هو المنافس الحقيقي للأهلي على لقب الدوري    المندوه يكشف آخر تطورات أزمة سحب أرض أكتوبر ويكشف حقيقة المول    التعادل الثالث.. سموحة وزد يتقاسمان النقاط بأمر تقنية الفيديو    ترامب: سأشارك في دوريات مع الجيش والشرطة بواشنطن    أونروا تحذر: عمليات الاحتلال في غزة تنذر ب"تسونامي إنساني" غير مسبوق    تعليم الجيزة تواصل أعمال الصيانة والتجديد استعدادا للعام الدراسي الجديد    قبل انطلاق النسخة الثالثة.. صفقات أندية دوري المحترفين موسم 2025-2026    تنفيذ حكم الإعدام في مغتصب سيدة الإسماعيلية داخل المقابر    تنفيذ حكم الإعدام بحق قاتل زوجين في «مجزرة سرابيوم» بالإسماعيلية    غرق طالب طب بروسيا خلال إجازته الصيفية في مطروح    إعلام فلسطيني: استشهاد طفل بقصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط غزة    مش هتشتريه تاني.. طريقة عمل السردين المخلل في البيت    مصرع شابين غرقا بنهر النيل فى دار السلام بسوهاج    اليوم.. فصل التيار الكهربائى عن عدد من مناطق وأحياء مدينة كفر الشيخ    خالد الجندي: الدفاع عن الوطن وحماية مصالحه من تعاليم الإسلام    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الوطن» تفتح ملف زواج القاصرات: مطلقات وأمهات فى سن ال«13»
قانون غائب.. وفقيرات يدفعن طفولتهن ثمناً ل«الستر»
نشر في الوطن يوم 20 - 06 - 2014

بدلاً من أن يحملن العرائس والدمى، كما الفتيات والصغار فى أعمارهن.. حملن مهام الزواج وآلام الحمل، ومشقة الأمومة.. فتيات صغيرات أنجبن أطفالاً، وأصبحن أمهات، ومطلقات، دون عقود تثبت زواجهن أو طلاقهن، أو حتى «بطاقة هوية»، تنظر إلى وجه الواحدة منهن، ووجه رضيعها، فتجد ملامح البراءة والطفولة راسخة على وجهيهما، إلا أن الهم وقسوة العيش تعتلى وجه «الطفلة الأم».
حالات كثيرة فى القرى والمناطق الريفية، تقع الصغيرات فيها ضحية للعادات، يزوجها أهلها هرباً من الفقر، أو رغبة فى «سترها»، ولأن القوانين لا تسمح بزواج القصرات، تحت سن ال18 عاماً، فقد تفنن معدومو الضمير، من المأذونين، وغيرهم، فى أساليب وألاعيب الزواج غير الموثق، إما عن طريق العقود العرفية، أو بإغفال تسليم نسخة من عقد الزواج إلى السجل المدنى حتى لا يُكتشف تزوير تاريخ ميلاد «الضحية»، ومع أول مشكلة تواجهها الفتاة داخل أسرتها الجديدة، التى كانت حلماً وأصبحت كابوساً، تصبح مطلقة، دون وثيقة تثبت زواجها، لتواجه وأولادها رحلة من ضياع الهوية، والإهمال والحرمان من جميع الحقوق، فأطفالها فى سجلات الدولة لا وجود لهم.
«الوطن» ترصد فى السطور التالية حكايات الأسى، لصغيرات، لم يكن فى مخيلتهن، وآباؤهن يقودونهن إلى حفل الزفاف، أنهن مقبلات على «كابوس»، وأن الفستان الأبيض، ودق الطبول ووقع المزمار، ودعوات الأهل «بالرفاء والبنين»، ما هى إلا شهادة وفاة لطفولتهن، وأحلامهن الوردية.
عندما تنطق الكلمات، بالكاد تفهمها، بسبب انهيارها فى البكاء بين جملة وأخرى، حتى الآن لا تصدق ما وصل إليه حالها، وأطفالها الثلاثة، كانت «ه. ز» كأى فتاة، تحلم ببيت بسيط وأسرة صغيرة، وترسم أحلام مستقبلها كفنان يغمس ريشته فى ألوانه الزاهية لرسم لوحة جميلة صممها فى خياله وهمّ بتنفيذها، إلا أن الواقع لطمها بما يفوق احتمالها.
تزوجت «ه. ز»، التى تقطن فى قرية كفر حجازى، التى تقع على أطراف محافظة الجيزة، فى الثالثة عشرة من عمرها، وقبل أن تضع ابنتها الثالثة ذهبت لمنزل أبيها حتى تتلقى رعاية أكثر أثناء فترة ولادتها، وعندما عادت لبيت زوجها، وجدت شقتها خالية من أثاثها، لم تجد أية أوراق تثبت زواجها، قالت: «رجعت بيتى لقيته طفش وسبنى، دورنا وسألنا عليه، زى ما يكون فص ملح وداب، باع كل العفش وساب البيت على البلاط، وخد كل الورق، ما فيش حاجة تثبت إنه اتجوزنى»، حاول والدها قبل وفاته جاهداً أن يثبت نسب أحفاده لأبيهم: «الصحة ماكنتش عاوزة تسجل ولادى علشان مش معايا ورق يثبت، ناس عملوا خير مع أبويا وساعدوه يسجلهم فى الصحة بإكراميات، مافيش قدامنا طريقة غير كده، لو ماكنش سجلهم يبقوا ولاد حرام وأنا كنت ماشية بالغلط».
تصمت عدة ثوانٍ، ثم تستأنف حديثها بتكرار جملتها أكثر من مرة، وببكاء شديد وصوت مبحوح: «رمانى ورمى ولاده على الناس». فى شقة متواضعة تكاد تخلو من الأثاث، تجد كرسيين متهالكين فى حجرة، ومرتبة وصندوقاً خشبياً تضع فيه ملابسها، وملابس أولادها فى حجرة أخرى، لا تتوافر حتى أبسط الاحتياجات الضرورية، أغلب حجرات المنزل لا توجد فيها إضاءة، كانت هذه هى محتويات شقتها، تابعت بنبرة صوت يغلب عليها الانكسار، وهى تشير للصالة الخاوية: «الشقة دى حد من أهالى البلد سكنى فيها، وقالى لمى ولادك فيها، وأبويا كان بيساعدنى وبيصرف على ولادى، لكن بعد وفاته نزلت أشتغل خدامة فى البيوت علشان أصرف على نفسى وولادى، وولاد الحلال بيساعدونى كمان».
تلعب ابنتها على كتفها، تداعب أمها بالرغم من بكائها، لا تعلم لدموعها سبباً، ولا تعرف أن والدتها، عندما يكبران معاً لن تكون لديها إجابة شافية عندما تسألها: «فين بابا؟»، تصمت عن الحديث محاولة إمساك ابنتها خشية سقوطها.
ثم تتابع: «كان دايماً فيه مشاكل بينى وبين جوزى، على طول زهقان من المسئولية، لكن أنا مقدرش أزهق من المسئولية، لازم أكمل مشوار ولادى وأعلمهم».
تبكى الطفلة، فتعطى لأخيها الكبير «إبراهيم» جنيهاً ليشترى لها الحلوى، تستأنف حديثها: «لما كملت السن القانونى كل ما أقوله اكتب عليا رسمى يضربنى، ويقولى أجيب فلوس منين علشان أكتب رسمى».
فى قرية الرهاوى، التابعة لمحافظة الجيزة، ينتشر زواج القاصرات بنسبة 60% بين بناتها، حيث يتدنى مستوى التعليم والمعيشة، ولا تتوافر أبسط الخدمات اللازمة للحياة.
تعيش «ف. أ» فى القرية بعد عقد قرانها على أحد أقاربها، عمرها 13 سنة و4 شهور، فحالة أسرتها البسيطة ثقافياً ومادياً، جعلت والدها يفكر فى أن الزواج بالنسبة لها «سترة»، وأفضل لها وأمان ومستقبل أكثر من التعليم، وصل عمرها الآن إلى 17 سنة، وهى أم لكن لا تحمل أى لقب سواء متزوجة أو مطلقة، فقد انفصلت عن زوجها بطلب من والده، لاتهامها بسرقتهم، فضلاً عن إهانتها والاعتداء عليها بالضرب، قالت: «كل شوية يقولولى انتى حرامية، ويضربونى ويهينونى، سبت البيت ورجعت لأهلى، بعد ما أخدوا بنتى منى، مش بشوفها غير كل شهرين».
يتهرب زوجها من المسئولية، فهى ليست متزوجة أو مطلقة، ولا يساعدها فى أية نفقات، وهى فى نفس الوقت لا تملك شهادة، أو حرفة تساعدها على توفير قوت يومها، تضيف والدموع تغطى وجهها: «أنا دلوقت لا متجوزة ولا مطلقة، لأنى لسه مبلغتش السن القانونى للجواز علشان أطلق، وجوزى قالى هسيبك زى البيت الوقف، لا متجوزة ولا مطلقة».
تركها زوجها وتزوج من أخرى، وعلى الرغم من معاناتها من سوء معاملة زوجها وأهله، إلا أنها لا تزال ترغب فى العودة إليه، إذا ما طلبها: «يا ريت أرجع تانى لجوزى، نفسى أربى بنتى وأعيش مستقرة، أصل ماليش حد يصرف عليا».
تُوفى والدها بعد معاناة مع مرض خطير، جعله يزوجها فى سن مبكرة حتى يضمن لها حياة مستقرة من بعده: «نفسى أبويا يكون عايش علشان يشوف بهدلتى، وعلى الأقل كان هيبقى ليا ضهر يحمينى ويجيب لى حقى»، لا تزال تنتظر إتمام سنها القانونية، لكنها فى نفس الوقت لا تدرى ما مصيرها، وهل سيوثق والد ابنتها زواجهما ويطلقها لتعيش حياة طبيعية، وتتزوج من آخر، أم لا؟
عندما سألناها عن اختيارها لو عادت بها الأيام، هل كانت ستختار الزواج أم التعليم، أجابت بابتسامة تغمر وجهها الطفولى: «أنا اتعلمت سنة واحدة وماحبتش أكمل، كان نفسى أكوّن أسرة ويبقى عندى بيت وعيال، ده كل اللى فى دماغى، بصراحة كنت بغير من أى بنت تتجوز وأنا لسه، أنا نفسى أرجع لجوزى حتى لو متجوز واحدة تانية، المهم أعيش وبنتى تتسجل رسمى فى الصحة».
حالات عديدة تزوجت فيها القاصرات عرفياً، وما إن أنجبن حتى تبرأ منهن الأزواج. إحدى الحالات رفضت الحديث معنا تماماً، بحجة أنها من أسرة مرموقة ومعروفة، وعلى الرغم من ذلك رفع ابنها دعوى قضائية، لإثبات نسبه إلى والده، فالقضية التى تحمل رقم 129 لسنة 2012، جاء فيها أنه بموجب عقد زواج عرفى مؤرخ فى عام 1987، تزوج «أ.س» من والدة «ر.ع» صاحب الدعوى، وكان العقد مع الأب، خشية أن تعلم زوجته الأولى. وتعرفت والدة رافع الدعوى عليه، وتزوجته بعد أن أشهرت إسلامها، حيث كانت مسيحية الديانة.
وطبقاً للدعوى، ففى عام 1992 اكتشفت والدة «ر.ع»، حملها فيه وصارحت زوجها بذلك، إلا أنه عارض الحمل وطلب منها إجهاض نفسها، لكنها صممت على الاحتفاظ بحملها، حيث قرر لها الأطباء أن كثرة الإجهاض ستحرمها من الإنجاب مرة أخرى».
وأضاف صاحب الدعوى: «والدتى لجأت لصديقتها وحكت لها ما حدث، فعرضت عليها أن تتزوج من «ع.أ»، كى يسترها حيث لا سند لها فى هذه الحياة، بعد أن قاطعها أهلها وتبرأوا منها لإسلامها وترك المسيحية، وتم نسب الطفل له بالفعل».
عندما تزوجت، كشف لها زوجها الجديد عن نيته، وطلب منها أن يأخذ مقابل هذا الزواج، وهو الشقة التى تسكن فيها، فعلمت أن هدفه من الزواج الاستيلاء على مسكنها الذى تقطن فيه، بحسب الدعوى، فرفضت الأم الابتزاز، فقام زوجها الثانى بتحرير محضر إدارى ضدها، أقر فيه أنه لم يدخل بها واكتشف أنها حامل، فقامت الأم على أثر المحضر برفع دعوى تطليق من زوجها الثانى، ووضعت وليدها، وسجل والد الأم حفيده باسم الزوج الثانى.
وذكرت الدعوى، أن الأب الحقيقى للابن اتصل بالأم، وأبدى أسفه وندمه عما بدر منه، ووعدها بقيد ابنه باسمه ومحو اسم زوجها الثانى، الذى نسب طفله إليه، مستغلاً سلطاته، لكن مرت الأيام ولم ينفذ وعده، وعندما طالبته الأم بالالتزام بوعده، هددها بالحبس وتحميلها مسئولية جنائية.
وأضاف صاحب الدعوى، أن الأم عاشت مع والد طفلها، واكتفت بأن يربيه، فيما كان يحمل اسم الزوج الثانى، أملاً فى اعترافه بنسب ابنه، وتصحيح الوضع، وعندما كبر الابن طالب أباه بتصحيح الخطأ، إلا أنه رفض، فاضطر الابن لرفع الدعوى القضائية ضد أبيه لإثبات نسبه إليه.
وعن حالات زواج القاصرات، قال أحمد نجاح، مأذون شرعى، إن قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008، الذى يمنع زواج البنات أقل من 18 عاماً باعتبارهن أطفالاً، ساعد على انتشار ظاهرة زواج القاصرات فى الريف، مضيفاً: «99% من المأذونين، يستغلون ظاهرة زواج القاصرات، خصوصاً فى الريف، حيث تتراوح نسبة زواج القاصرات من 30 إلى 40% من حالات الزواج، وتزداد كثيراً فى القرى والمدن المجاورة لمحافظة الجيزة، مثل: البدرشين، والصف، وأطفيح، وفى محافظات الشرقية، والفيوم، وبنى سويف».
حكى «نجاح» ما يحدث من قبل المأذونين وطريقتهم فى تسجيل الزواج العرفى، قائلاً: «هناك 3 طرق يجرى من خلالها الزواج العرفى، الأولى بين المأذون ورئيس القلم الشرعى، من خلال عقد زواج رسمى عبارة عن أصل و3 نسخ، نسخة للزوج ونسخة للزوجة، ونسخة للسجل المدنى، والنسخة الأصلية فى دفتر المأذون، ويسلم المأذون فى حالة زواج القاصرات كل النسخ ما عدا النسخة الخاصة بالسجل المدنى، حيث يقتسم رئيس القلم الشرعى، مع المأذون المال الذى حصل عليه، مقابل تغيير عمر الزوجة، ووضع ختم النسر على العقد، فيصبح رسمياً، وتتراوح تكلفة عقد الزواج العرفى، بين 1500 إلى 2500 جنيه، بينما الرسمى من 3 إلى 5 آلاف».
وأشار «نجاح»، إلى أن المأذون لا يستطيع تسليم نسخة الأحوال المدنية، لأنه غير تاريخ ميلاد الزوجة، و«الأحوال المدنية ستراجع بيانات الزوجة عبر شبكة الحاسب، ما يحمله مسئولية التزوير ومخالفة القوانين، لذلك فإن العلاقة تقف عند حد رئيس القلم، بتربيطات بينه والمأذون، وبمجرد ختم العقد بالنسر يصبح رسمياً مائة فى المائة».
أما الطريقة الثانية، فهى عقد التصادق، فكل مأذون لديه 3 دفاتر، دفتر عقود زواج، وآخر للطلاق، وثالث لعقود التصادق، حيث يكتب المأذون عقداً عرفياً، وعندما تتم الفتاة 18 سنة، يحرر عقد تصادق، وفيه خانة مكتوب فيها: «يقر الزوجان قيام علاقة زوجية من تاريخ العقد العرفى، ويصبح رسمياً، بعد تمزيق العقد القديم».
وأوضح «نجاح»، أن الطريقة الثالثة، هى تحرير عقد عرفى، عند محام، وعند إتمام الزوجة السن القانونية يجرى إثبات العلاقة الزوجية فى المحكمة الشرعية، برفع دعوى فى المحكمة بصحة توقيع، أو دعوى إثبات علاقة زوجية، وهناك بعض المحاكم تقبل توثيقه وأخرى ترفض.
وأشار «نجاح» إلى أن الأب غالباً ما يكتب ورقة، بمؤخر الصداق على الزوج، أو وصل أمانة، حتى يضمن لابنته حقوقها، إلا أن 90% من نسبة زواج القاصرات، تبوء بالفشل لعدم خبرة الفتيات فى الحياة، كما أنه عند إنجاب الأطفال لا تكون هناك أية حقوق تضمن لهم الحق فى الرعاية الصحية، لأنهم غير مسجلين رسمياً، لافتاً إلى أن إحدى الحالات طلقت قبل أن تتم السن القانونية، فلم تكن بذلك متزوجة أو مطلقة رسمياً، وعندما تزوجت مرة أخرى، كتب المأذون «بكر»، على الرغم من أنها «ثيب»، وكان الزوج على علم بذلك، وبعد زواجهما حدثت مشاكل بينهما، رفع الزوج قضية على زوجته وأبيها، واتهمها بغشه، وأنه تزوج ابنته على أساس أنها بكر، وكان معه مستند رسمى بذلك، هو وثيقة الزواج.
وعن سبل مواجهة تلك المشكلة، شدد «نجاح» على ضرورة وضع قوانين رادعة للمأذونين، للحد من ظاهرة الزواج العرفى، وزواج القاصرات، متابعاً: «كان هناك مأذون ألقى القبض عليه بقسم إمبابة، بعدما زوج 750 قاصراً عرفياً، وكانت العقوبة الموقعة عليه، هى تغريمه 500 جنيه».
وبخلاف مأساة الأمهات القاصرات، توجد مشاكل أشد قسوة تواجه أبناء «القاصرات» اللاتى تزوجن عرفياً، حيث لا يحصلن على حقوقهم فى الرعاية الصحية، لعدم تسجيلهم فى دفاتر الوحدة الصحية، لأن ذلك يتطلب وثيقة زواج رسمية، قالت إحدى الرائدات الريفيات، مسئولة بالوحدة الصحية لقرية «الرهاوى»، إن نسبة أطفال الزواج العرفى تصل إلى 60% فى القرية، وأنه لا رقم قيد لهم فى دفتر المواليد، كما لا توجد لهم بطاقة تسجل فيها التطعيمات التى حصلوا عليها.
أضافت المسئولة بالوحدة الصحية: «أتعامل معهم كأم، فعلى الرغم من أن هؤلاء الأطفال غير مقيدين فى الدفتر، وأهاليهم مسؤولين عنهم، فإننى لا أستطيع منعهم من الحصول على التطعيمات اللازمة، ونخصص دفتراً لهم، كما نخصص «كراسة» لكل طفل كبديل للبطاقة، لتسجيل التطعيمات».
من جانبها، شددت السفيرة إيناس مكاوى، مدير إدارة المرأة والأسرة العربية فى الجامعة العربية، على ضرورة تغليظ العقوبات القانونية، للحد من هذه الظاهرة، لوالد الفتاة الذى يقدم على تزويج ابنته، وهى تحت السن القانونية، أو لمن قبل الزواج منها، مضيفة: «عقوبة السجن سنتان أو الغرامة 300 جنيه، ضعيفة وغير كافية، خصوصاً أن مصر موقعة على اتفاقيات حددت سن الزواج ب18سنة، ومنها اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، وهى تمثل مرجعية لنا يجب الالتزام بها».
وأشارت «مكاوى»، إلى أن الدستور، نص على حقوق الأطفال ويجب أن يأتى القانون ليحمى تلك الحقوق، ويجرم زواج الفتيات أقل من 18 سنة ويضع عقوبات رادعة لذلك.
وأضافت: «كل زواج القاصرات وما ينتج عنه، هم أطفال شوارع، لذا لا بد من القضاء على تلك الظاهرة، لأنهم يمثلون قنابل موقوتة فى مجتمعنا، كما يمثلون بؤراً إرهابية»، لافتة إلى أن معظم العشوائيات والقرى الفقيرة، بها أمهات دون أزواج وأطفال محرومون من الرعاية الصحية، وحقوقهم الأخرى، ما يحولهم إلى أطفال شوارع، مطالبة بضرورة وضع خطة متكاملة من قبل الدولة للقضاء على تلك الظاهرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.