سلطاننا الطيب المحبوب أساء اختيار أحد حجابه وأحد المقربين المحسوبين على حاشيته فلا ضير إذن، واحد سيئ من كثيرين جيدين، هفوة من أمجاد كثيرة صنعها السلطان، استهلاك بسيط من رصيد للسلطان لا ينضب فى قلوب شعبه، جمايل السلطان فوق رأس الشعب لو ظللنا أعمارنا نشكره ما أعطيناه حقه. نحن معك يا مولانا السلطان ولكن فلتسمح لنا بالبوح والشكوى، والشكوى لا تجوز إلا للضعفاء ونحن منهم، لأننا ببساطة نكتب والخوف يتسرب إلينا، نحن المظلومين فى كل العصور، ظلمنا فحملنا حقائبنا وتهنا فى دروب الاغتراب وبعثرنا سنين عمرنا على أرصفة الغربة، فلما عدنا لنغرس مع شعبنا العظيم ثمرة 25 يناير استرجعنا أملنا المفقود، ولما اخضرت وأينعت وأثمرت تلك الشجرة عدنا نعمر ما خربه مبارك ورجاله وكلابه. ولأن يا مولانا السلطان ليس فى العمر متسع لعشرين عاماً أخرى لحمل حقائبنا إلى متاهة اغتراب جديد نصرخ فى بلاطك وفى حضرتك، مستندين على وعودك بأنه لن يظلم فى حضرتك أحد مرة أخرى. يا مولانا السلطان لو أوغروا صدرك علينا فلا تصدقهم فنحن معك، نريد فقط أن نقول لك إن تخطئ فى اختيار أحد حجابك، وأحد حاشيتك المقربين والمرضى عنهم فمعك ألف عذر، لكن الأمر بالنسبة لنا نحن المطحونين على مقصلة مبارك ونظامه جد خطير، الأمر بالنسبة لنا مخيف، فهو عودة لتلك الوجوه الكئيبة لنظام كرهناه وثرنا عليه وأسقطناه، وروينا شجرة ثورتنا فى المرتين يناير ويونيو بالدماء حتى أثمرت، تلك الوجوه يا مولانا السلطان لطالما قهرتنا وعذبتنا فاعذر غضبنا كما نعذر خطأ اختيارك. حاجبك السيئ واحد من تلك الوجوه التى تواطأت على ثورتنا باعتبارها مؤامرة، ولعلك سمعت هذه الكلمة فى بلاطك فى صيغة سؤال ولم ترد غيبة تلك الثورة اليتيمة بكلمة، ولم تحفظ للشهداء حقهم، ولا للأرامل بعض حزنهن، هذا الحاجب تآمر على الثوار باعتبارهم مأجورين يوجدون فى الميدان مقابل وجبة كنتاكى، وأن الميدان ملىء بالشاذين والعاهرات. هذا الحاجب يا مولانا ما كان يجرؤ أن يسير فى الشارع بعد 25 يناير ولا حتى الآن، فقد اختفى عن الأنظار، خجلاً، ثم عاد ليركب ثورتنا الثانية، متوهماً أننا بلا ذاكرة، مستغلاً كرهنا للإخوان ولنظامهم. هذا الحاجب وقف على بابك لا ليمرر إليك من تحب، بل من يحب، فاحذر ممن يمررهم إليك، هذا الحاجب وقف على بابك ليصفى حساباته مع أعدائه ومع أعداء أسياده السابقين من مبارك الأب إلى جمال وصولاً إلى أنس الفقى، كيف يا مولانا لم يأت فى بالك أنك باختيارك لهذا الوجه القبيح أنك ستجرح كثيرين من ثوار يناير؟! كيف تسمح للترس الإعلامى الأكبر فى ماكينة التوريث أن يكون الوسيط بينك وبين شعبك؟ كيف لم تعترض على وجود أحد كلاب جمال فى بلاطك؟ لك أن تتصور يا مولانا أن سكرتير ابن مرسى حاجب من حجابك؟ فلم لم تقدر مشاعرنا ونحن نرى فى بلاطك خدام مبارك وكلابه؟ يا مولانا بين يديك ثورتان بكامل طموحهما وآمالهما وثوارهما وانكساراتهما وخيباتهما فاحذر أن تضيعا، لأنه وببساطة سيكون الغضب غضبين والثورة ثورتين. ثرنا فى 30 يونيو لأن الإخوان سرقوا ثورة يناير فما بالك لو سُرقت يناير ومعها 30 يونيو؟ ثرنا فى 30 يونيو بحضور شعبى لم يشهده التاريخ الحديث لاسترجاع ثورة فما بالك لو ثرنا لاسترجاع ثورتين؟ يا مولانا أحببناك لأننا وجدنا فيك القوى الأمين، وقدرناك لأنك حققت وعدك ووقفت بجوار شعبك وخلصتنا من الإخوان، وقدرناك أكثر لأنك لم تجرح مشاعر الثوار بمحاولة إرجاع أى من وجوه الإخوان وعملاء نظامه، فلماذا تصر دائماً على جرح مشاعرنا جميعاً بفتح نوافذ قصرك وقلبك لدخول وجوه ورجال مبارك؟