في عام 2011 استقبلت مدينة لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا الأمريكية الشيخ الشاب خليفة بن حمد بن خليفة آل ثاني، الشقيق الأصغر لحاكم دولة قطر، وذلك للدراسة من أجل الحصول على شهادة جامعية كجزء من تقاليد عائلته الحاكمة في ارتياد الجامعات الأجنبية. الشيخ خليفة المعروف بولعه بالسيارات الرياضية الفارهة وحياة البذخ هو عضو غامض في عائلة تعتبر من أغنى العوائل الملكية في العالم؛ فهو ابن أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني من زوجته الشيخة موزة بنت ناصر المسند المعروفة بتقديم تبرعات سخية لعدد من الجامعات الأمريكية؛ مما منحه منزلة مميزة داخل وخارج الجامعة. كان من الممكن أن تبقى حياة الشيخ خليفة الصاخبة أثناء فترة دراسته طي الكتمان، إلا أن صحيفة لوس أنجلوس تايمز نشرت في تقرير لها ادعاءات خطيرة تدل على أن شهادتي البكالوريوس والماجستير اللتين حصل عليهما الشيخ المدلل من جامعة جنوب كاليفورنيا لم تأتيا نتيجة اجتهاده في الدراسة بل بطرق احتيالية ورشاوى ووسائل غير مشروعة.
كيف اشترى شقيق أمير قطر شهاداته الجامعية من أمريكا دون أن يطأ أرض الجامعة وأفاد تقرير الصحيفة بأن إحدى الشخصيات الثرية رتبت لقاء خاصا بين رئيس الجامعة والشيخة موزة قبل التحاق ابنها بالجامعة التي خصته بمعاملة تفضيلية سمحت له بالغياب عن المحاضرات تحت ذريعة الأمن الشخصي، حتى أنه حصل على شهادة الماجستير دون أن يضع قدما في حرم الجامعة، مضيفا أن شقيق الأمير أمضى كامل فترة دراسته العليا في رحلات سياحية بين الدول الأوروبية. ومنذ اللحظة الأولى التي نزل فيها آل ثاني من الطائرة، وجد نفسه محاطا بحاشية كاملة تنتظر أوامره وتنفذ كل رغباته ونزواته دون استثناء، بحسب التايمز التي أكدت أن حاشيته تضمنت سائقين، رجال أمن، مرشدين، مدربي رياضة وممرضين، وطباخين بالإضافة إلى مرشد أكاديمي. وفقا لشهادات عدد من الكادر التدريسي الذين أكدوا أيضا أن طالب الدراسات العليا والذي عمل كمساعد لمحاضر بالجامعة، جوفينال كورتيس سهل حصول الشيخ على تسهيلات كبيرة للحصول على شهادته العليا وهو يعمل حاليا بروفيسور في كلية أوكسيدنتال في لوس أنجلوس. مقامر لاس فيجاس فور وصول الشيخ خليفة إلى لوس آنجلوس، سارع للانضمام إلى الحاشية الخاصة له رجل يدعى جوزيف جوريه ليلعب دور المدبر والمربي، فمن هو جوريه؟ وفقا لتقرير الصحيفة، جوزيف جوريه البالغ من العمر ستين عاما حصل على عدد من الألقاب الرسمية في البعثة القطرية لدى الأممالمتحدة في نيويورك من ضمنها مدير العلاقات العامة ومنسق السفر. وفي عام 2018 وجهت له ولاية نيويورك تهمة القيام بتقديم رشوة إلى أحد المشرفين في مطار جون كندي لتتمكن قطر من إبقاء طائرتها الدبلوماسية في المطار خلال الليل أثناء انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو أمر يخالف قوانين هذا المطار الدولي. وطرحت الصحيفة تساؤلا: "كيف يمكن أن تدفع الحكومة فواتير بذخ ومقامرة شقيق الحاكم القطري في مدينة القمار لاس فيجاس خاصة وأن القمار محرم دينيا وممنوع في الدولة القطرية الإسلامية؟ كيف سيبرر جوريه نفقات آل ثاني وورفاقه؟". تقرير لوس أنجلوس تايمز كشف بالتفاصيل الطريقة التي احتال بها جوريه على الدوحة لتبرير حياة البذخ الفاحش التي يعيشها خليفة عن طريق عقد اتفاق مع شركة بفرلي هيلز لتأجير السيارات الفارهة يتم بموجبه تزوير الفواتير. مثلا، إجازة في لاس فيجاس تستبدل بأجازة في ديزني لاند، مضيفا أن الطرق الاحتيالية التي استخدمتها الشركة أثارت حفيظة بعض الموظفين. ففي دعوى قضائية رفعت ضد الشركة، وصف مسؤول مالي تنفيذي سابق طريقة التعامل مع ملف قطر بغير القانوني، مضيفا أن قلقة تصاعد خلال فترة الثماني سنوات التي أمضاها مع هذه الشركة نتيجة ازدياد عمليات تزوير الوصولات ورفع أسعار النفقات. وبعد مغادرة الشيخ خليفة آل ثاني الولاياتالمتحدة ليعود إلى الدوحة جف تدفق الأموال مما أدى إلى غلق شركة بفرلي هلز لتأجير السيارات. هذا وفي مكالمة هاتفية قصيرة، رفض جوزيف جوريه الإجابة على تساؤلات التايمز بحسب الصحيفة التي ذكرت أن قطر وبتعليمات من والدة الأمير، الشيخة موزة، تبرعت لعدد من الجامعات الأمريكية بأكثر من مليار دولار مما يجعل الدوحة أكبر ممول أجنبي للتعليم العالي في الولاياتالمتحدة. يذكر أن وزارة التعليم الأمريكية أعلنت عن فتح تحقيق بشأن الأموال الطائلة التي قدمتها دولة قطر للجامعات الأمريكية؛ فيما وجهت وزارة العدل التهم إلى مجموعة من الشخصيات للعبهم دورا في فضيحة الرشاوى القطرية لمسؤولين في الفيفا لاستضافة دورة كأس العالم لكرة القدم عام 2022. وتستمر قطر بمواجهة اتهامات جدية حول القيام بعمليات إجرامية دولية داخل وخارج الولاياتالمتحدة، وكانت آخرها شكوى قانونية قدمت إلى المحكمة الاتحادية بداية الشهر الجاري، تكشف النقاب عن أدلة دامغة تثبت ضلوع النظام القطري بنشاط إلكتروني إجرامي منظم يهدف إلى إسكات الأصوات الأمريكية البارزة المنتقدة لحكم آل ثاني. هذا و أدعت الشكوى التي قدمها الرأسمالي الاستثماري والرئيس السابق للجنة المالية في الحزب الجمهوري، اليوت برويدي، أن قطر وظفت قراصنة أخصائيين مدربين تدريبا عاليا من قبل المجتمع المخابراتي الأمريكي لاختراق ومراقبة وإسكات كل الأصوات الناقدة للسياسة القطرية، مؤكدا على أن الدوحة اخترقت حساباته الإلكترونية وسربت معلوماته الخاصة لوسائل الإعلام بهدف النيل منه. قضية برويدي ركزت بالأساس على شركة جلوبال ريسك أسيسمنت برئاسة ظابط السي آي إيه الأسبق كيفن تشاكر الذي تعاقدت معه قطر من خلال علي الذوادي المسؤول عن ملف كأس العالم لاختراق البريد الإلكتروني وإرهاب الأمريكيين والشخصيات العامة الذين يجرؤون على انتقاد قطر. ومن ضمن الأسماء المتهمة بالتواطؤ مع قطر في عملياتها غير القانونية بالولاياتالمتحدة أنتوني جارسيا الضابط السابق والذي يتخصص في القرصنة الإلكترونية بمساعدة كورتني شالكر الذي ساعده في تدمير الأدلة بعد قضية إليوت برويدي ضدهم.