أثارت تعديلات مرسوم قانون التصالح مع المستثمرين المتهمين فى جرائم إهدار وسرقة المال العام موجة من الانتقادات داخل مجتمع الأعمال الذى أعرب عن رفضه لتعديلات مرسوم القانون. وكانت لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب قد وافقت على تعديل المرسوم بقانون رقم 4 لسنة 2012، الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بشأن التصالح مع المستثمرين المتهمين فى جرائم إهدار وسرقة المال العام، ويشترط التعديل أن يردوا كل الأموال أو المنقولات أو الأراضى والعقارات محل الجريمة، أو ما يعادل قيمتها السوقية وقت تقديم طلب التصالح، لا وقت ارتكابها. وأكد المستثمرون أن التعديلات البرلمانية على مرسوم القانون تسىء لسمعة مناخ الاستثمار فى مصر بسبب تراجع الدولة عن عقودها الرسمية مع المستثمرين. وقال الدكتور محرم هلال نائب رئيس الاتحاد العام لجمعيات المستثمرين: إنه يجب على مجلس الشعب وضع ضوابط بشأن القانون وتشكيل لجنة دراسة ملفات المستثمرين قبل الموافقة على تسوية مديونياتهم. وأضاف هلال أن مجلس الشعب يجب ألا يُحمل المستثمرين خطأ المسئولين السابقين، مشيراً إلى أنه تجب مساءلة المسئولين عن تخصيص الأراضى بسعر «بخس» وليس المستثمرين، لأن عقود هذه الأراضى أبرمتها الدولة ممثلة فى الحكومات السابقة ويجب عدم التراجع عنها. وطالب حكومة الجنزورى بإعادة النظر فى القرار الذى ينقل صورة سلبية عن مناخ الاستثمار فى مصر –على حد قوله– وليس من المنطقى اتخاذ هذه القرارات فى الوقت الذى تدعو فيه الحكومة لجذب الاستثمارات الخارجية. وأعرب رئيس الاتحاد العام لجمعيات المستثمرين عن تخوفه من لجوء المستثمرين المتضررين من هذا القرار إلى التحكيم الدولى، الذى لم يكن فى صالح الحكومة المصرية فى معظم القضايا التى رُفعت مسبقاً. وأكد المهندس حسين صبور، رئيس جمعية رجال الأعمال، أن إصدار قوانين لإعادة محاسبة المستثمرين أمر مرفوض ولا يمكن حدوثه فى دولة تحترم اتفاقاتها مع المستثمرين. وأضاف أن المستثمرين ورجال الأعمال سيلجأون إلى التحكيم الدولى، ولن تكون النتائج فى صالح مصر، وإذا كان هناك خطأ فى تسعير الأراضى فالمسئولية تقع على الحكومات، ودعا إلى تشكيل لجنة من مجلس الوزراء لحل هذا الملف. وقال وليد الكفراوى رئيس مجلس إدارة شركة أفق للاستثمار العقارى: إن تعديلات قانون التصالح تعد إحدى حلقات التخبط فى سياسات الدولة الاقتصادية ومن شأنها مضاعفة مشاكل الشركات العقارية التى تعانى حالياً من توقف عمليات البيع والشراء وضعف السيولة. وأشار إلى أنه لو تم تطبيق التعديل المقرر من مجلس الشعب بضرورة دفع الشركات المخالفة القيمة السعرية للمتر فى الفترة الحالية وليس قيمته وقت توقيع العقود سيدفع بمفاوضات الحكومة والشركة نحو تسوية عقود المستثمرين إلى الفشل. وتعد شركة أفق إحدى الشركات التى حصلت على أراض بطريق القاهرةالإسكندرية الصحراوى لاستخدامها فى أغراض زراعية وتم إنشاء مشروع عمرانى عليها. وعلى مستوى القطاع المصرفى وإمكانية تمويل «فروق الأسعار» ضمن اتفاق المصالحة، أعرب عدد من العاملين بالقطاع المصرفى عن ترحيب البنوك بتمويل فروق الأسعار التى قد تنتج عن إعادة تقييم الأراضى بالأسعار الحالية. وقال محمد مشالى، مدير الائتمان بالبنك المصرى لتنمية الصادرات، إنه لا يوجد ما يمنع البنوك من تمويل المستثمرين لدفع فارق سعر شراء الأراضى فى حالة إعادة تقييمها، وتحديداً فى ملف التصالح معهم الذى يجرى النظر فيه حالياً. من جانبه، قال أحمد أبوالدهب، مدير الائتمان بأحد البنوك العاملة فى السوق المحلية، إن هؤلاء المستثمرين عليهم أن يقوموا بدفع فرق السعر كما تحدده بنود التصالح مع الحكومة من مواردهم الذاتية، خاصة أنها شركات ضخمة ولديها من السيولة ما يكفى لسداد الأموال المطلوبة، إلا أنه يجب على البنوك دراسة كل حالة من تلك الشركات على حدة، خاصة إذا كانت تلك الشركات قد حصلت على قروض مسبقة منها، وبالتالى فإنه إذا توافر لدى العميل دراسات جدوى تؤكد وجود تدفقات نقدية كبيرة تمكنه من سداد أى قروض جديدة، فإن البنوك لن تمانع فى تمويله حفاظاً على موقف العميل فى السوق ودعم قدراته على الاستمرار، وبالتالى سداد ما عليه من التزامات. ومن أبرز الشركات التى حصلت على أراض بأسعار أقل من قيمتها الحقيقية شركة المملكة للتنمية الزراعية المملوكة للأمير السعودى الوليد بن طلال التى أبرمت عقداً جديداً مع هيئة التنمية الزراعية خلال العام الماضى بمقتضاه تنازلت الشركة عن 75 ألف فدان وحصلت على 25 ألف فدان من أصل 100 ألف، وشركة داماك العقارية التى لجأت إلى مركز التحكيم الدولى إثر حكم بسحب أرض مساحتها 30 مليون متر مربع بخليج جمشة بمحافظة البحر الأحمر، والشركة المصرية الكويتية التى عرضت دفع 20 مليار جنيه مقابل التصالح وتغيير نشاط 26 ألف فدان من زراعى إلى عمرانى فى الوقت الذى حددت فيه قيمة الأرض بنحو 55 ملياراً، وشركة الديار القطرية التى صدر حكم ببطلان تخصيص 29 مليون متر مربع حصلت عليها الشركة بمنطقة شرم العرب بالبحر الأحمر، ومجموعة الفطيم التى تبحث حالياً تسوية عقدها بشأن 629 فداناً فى القاهرةالجديدة، وطلبت الحكومة منها سداد 4 مليارات جنيه فروق أسعار للأرض، وهددت الشركة بالتحكيم الدولى.