استوقفتني مؤخرا، تصريحات المهندس محمد حسنين رضوان، رئيس شركة ''تاون جاز"، في مداخلته الهاتفية في برنامج الحياة اليوم، والتي قال فيها أن زيادة أسعار الغاز تأتي في مرحلة خفض الدعم الحكومي عن "الغاز الطبيعي"، وأن أسعار الغاز لم تزيد منذ "33 عامًا" عن سعر ال10 قروش، بل ويؤكد أيضًا تساؤل المواطنين "ليه أسعار الغاز متدنية لهذا الحد؟". وأنه مسرور جدًا بهذا القرار، بل يؤكد أن أغلبية الشعب المصري الذي يحب وطنه؛ سيفرح بهذا القرار خصوصًا أنه لم يتخذ في ال30 عامًا الماضية (قاصدًا فترة الرئيس مبارك الرئاسية). وهذا ما أصابني بالدهشة، فهل هذا دليل إدانة ضد مبارك؟، أم دليل براءة جديد ينصف به مدير شركة "تاون جاز" الرئيس مبارك بدون أن يشعر؟، فكيف لرئيس ونظام فاسد مثلما يدعي البعض يستطيع أن يتحمل عبء دعم "الغاز والمواد البترولية" طوال 30 عامًا من فترة حكمة دون كلل أو ملل؟، ودون تلويح للمواطنين برفع الدعم؟ بل وبعد رحيل الرئيس والنظام الفاسد يتم رفع الدعم عن الغاز الطبيعي، وزيادة أسعار البنزين، وأسعار الكهرباء؟. هذا السؤال استفزني بشدة لمعرفة إجابته، فهل نحن حقًا كان يحكمنا نظام فاسد ناهب أموال الشعب، فإن كنا كذلك، فكيف لنظام فاسد يستطيع الحفاظ على دعم المواد البترولية لكل هذه المدة، وإن كان النظام الفاسد نجح في ذلك إذًا فماذا يسمى النظام الثوري الجديد الذي جاء ليرفع الأسعار، ويلغي الدعم عن المواد البترولية؟. أتعبني التفكير في حل هذه المعضلة السياسية والتاريخية، إلى أن ألهمني الله بأن أبحث في مخصصات الدعم داخل الموازنة العامة لآخر عام من حكم الرئيس مبارك، وهي عام 2010/2011، وتحديدًا من كتاب دليل المواطن المصري للموازنة العامة، واكتشفت الآتي: أن نظام الرئيس مبارك، كان يخصص من ميزانية الدولة في عام2010/2011، 215 مليار جنيه من إجمالي المصروفات العامة لبرامج الإنفاق، تذهب للدعم الاجتماعي، ودعم السلع والطاقة (الكهربائية - الغاز- البترول)، ولمساندة الفئات الأولى بالرعاية، ومحدودين الدخل مقسمة كالتالي: 1 الصحة العامة: زيادة مخصصات الدعم لقطاع الصحة إلى 20.9 مليار جنيه، بزيادة قدرها 24% عن العام المالي 2009/2010. 2 خدمات التعليم: زيادة مخصصات الدعم إلى48.7 مليار جنيه، بزيادة قدرها 5.9% عن العام المالي 2009/2010. 3 خدمات الشباب والثقافة والشئون الدينية: زيادة المخصصات في هذا القسم إلى 14.1 مليار جنيه، بزيادة قدرها 7.6% عن العام المالي 2009/2010. 4 خدمات الإسكان والمرافق العامة: تم زيادة مخصصاتها إلى 18 مليار جنيه. وأخيرًا خصص نظام الرئيس مبارك 117 مليار جنيه من إجمالي 215 مليار جنيه، قيمة مخصصات الدعم لقطاع الطاقة، والبترول، والسلع التموينية؛ ما يعني أن المواطن المصري في عهد الرئيس مبارك، كان يحصل على 215 مليار جنيه من الدولة في عام 2010/2011، في صورة مخصصات دعم يحصل عليها في قطاع الصحة، والتعليم، والطاقة، والكهرباء، والغاز، والتي تعتبر أعلى نسبة مخصصات دعم طوال تاريخ مصر، وطوال فترة حكم الرئيس مبارك، وذلك هو سبب نجاح الرئيس مبارك ونظامه في الحفاظ على دعم الغاز الطبيعي للشعب المصري طوال 30 عامًا من فترة حكمة. وهو ما فشلت فيه الحكومات التي جاءت بعد رحيل الرئيس مبارك؛ ما دفعها لرفع الدعم عن المواد البترولية؛ لعدم قدرة الحكومة على تغطية تكاليف دعم المواد البترولية لما تمر به البلاد من اضطرابات سياسية، أدت إلى إهداء الاحتياطي النقدي الذي تركه الرئيس مبارك، وصرف وديعة حرب الكويت، ومن المقرر أن ترفع الحكومة أيضًا الدعم عن الكهرباء، والبترول، واستيراد الغاز من الخارج بعدما كنا نصدره للدول المجاورة؛ لذلك في الدعم أيضًا.. مبارك يكسب.