«ولادة متعثرة» والطبيب ينقذ الأم فى اللحظة الأخيرة، وعلى طريقة الأفلام العربية القديمة يخرج الطبيب من غرفة العمليات حاملاً الجنين ويقول جملته الشهيرة: «ضحينا بالأم عشان الجنين يعيش». هذا هو حال الانتخابات فى مصر التى أقيمت فى اثنين من أكبر قلاع الرياضة الأهلى والزمالك، فبعد أشهر من الشد والجذب انتهت المهمة الانتخابية، وفاز محمود طاهر برئاسة الأهلى، وحسم مرتضى منصور مقعد رئيس الزمالك بعد منافسته مع كمال درويش. الانتخابات أقيمت على جثة الوزير السابق طاهر أبوزيد الذى قاتل من أجل إقامتها رغم الحرب الشعواء ضده من خالد زين، رئيس اللجنة الأولمبية المصرية، الذى تحول -بقدرة قادر- عقب رحيل الوزير إلى حمَل وديع، والحريص على مصلحة مصر ووافق على إقامة انتخابات الأندية دون تغير فى المواقف سوى التحول الشخصى. لا أرغب فى الحديث عن تفاصيل تلك الأزمة التى قُتلت بحثاً، ولكن السؤال الأهم حالياً هو: ألم يحِن الوقت للمسئولين عن الرياضة المصرية أن يهتموا بما يسمى «الرياضة»؟ الجميع اهتم باللوائح وتركوا الملاعب، وعلينا أن نحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه من شتات الرياضة، ويصبح ما صرح به الوزير خالد عبدالعزيز قبل أيام بضرورة الاهتمام بالجانب الرياضى وإغلاق صفحة الانتخابات ومشاكل اللوائح حقيقة وليس وهماً جديداً ومجرد كلام. فى الزمالك مرتضى منصور أصبح أمام مهمة ثقيلة، وعليه لمّ شتات الفرقاء والعمل على توحيد الصف للنهوض ب«القلعة البيضاء» من جديد، الزمالك هو البيت الكبير الذى طالما تظهر له الأزمات كما وصفها لى أحد أعضاء مجلس الإدارة السابقين بأنها «تظهر من تحت الأرض». حملات التشكيك فى مرتضى منصور وقدرته على إدارة الزمالك انطلقت كالعادة بعد انتهاء الانتخابات، ولكن كلنا أمل فى نجاحه فى إعادة الزمالك إلى مكانته الاجتماعية والرياضية، وأن ينتهى عصر الصراعات فى الزمالك، وأن ينفّذ وعوده الانتخابية بتطبيق العدالة والمساواة فى «القلعة البيضاء»، والأهم أن يترك لصاحب كل تخصص الحرية فى العمل بمجاله. وبخصوص فريق الكرة من وجهة نظرى فإنه كان يسير بطريقة إيجابية وفعالة تحت قيادة أيمن يونس المشرف على فريق الكرة الذى رحل مع المجلس المعين، لكنه وبشهادة أعدائه قبل أصدقائه كان حريصاً على العلاقات الطيبة والروح المثالية داخل النادى وتكريم رموزه الذى تجلى مع حسن شحاتة بعد حصوله على لقب شخصية العام. أتمنى من «منصور» أن يحافظ على تلك المنظومة التى بدأت تعرف طريقها نحو الاحتراف والعمل وفقاً للكفاءة وبنظام الثواب والعقاب الذى أعاد الانضباط نسبياً. وأكثر ما أسعدنى فى انتخابات الزمالك المنافسة على مقعد تحت السن الذى أثبت أن هناك أملاً بحصول الشباب على فرصتهم بعدما أثبت أحمد مرتضى من خلال عمله فى المجلس السابق أنهم يملكون القدرة على التغيير، وأثق أنه مع مصطفى سيف العمار وشريف منير حسن فنحن قادرون جميعاً على المساهمة بقوة فى تقدم النادى الأبيض بشرط أن يجدوا الدعم من مجلس الإدارة ويتم التعامل مع أفكارهم بخبرة. ونفس الأمر فى الأهلى بات يتحمل رئيسه محمود طاهر عبئاً ثقيلاً بعدما منحته الجمعية العمومية الثقة كاملة باختياره مع أفراد قائمته بالكامل، وعلى عكس الزمالك الذى يحتاج ثورة تطهير، فإن الأهلى منظومة ناجحة على الأقل رياضياً من خلال البطولات التى وصل عددها على مستوى فريق الكرة الأول إلى 23 بطولة خلال 12 عاماً يحتاج إلى ثورة تطوير. لكن النادى يعانى من الأزمة المالية التى تمر بها الأندية المصرية، وعليهم إيجاد حلول للمستوى الاجتماعى الذى يحتاج إلى تطوير فى فرع النادى بالجزيرة فضلاً عن الفرع الجديد فى أكتوبر. عموميتا الأهلى والزمالك اختارتا «طاهر» و«منصور»، وعلينا الانتظار لنرى ما سيقدمه كلاهما مقابل الثقة الكبيرة التى حصلا عليها.