نفس حيرة كل يوم .. أركب أي ميكروباص؟ من سنة تقريبًا ما كانتش المشكلة دي موجودة لأني وباقي زمايلي في الشركة كنا بنركب ميكروباص واحد بس لأن –ببساطة– ما كانش فيه غيره بيقف قدام شركتنا يودينا (الموقف)، وكنا بنستحمل كل عيوب الميكروباص ده من حالة سيئة وريحة وكراسي تكسّر عضمك، بس أحنا كنا بنحب السواق -عِشره بقا - رغم كل ده وكان أي حد يقدر يقعد جنبه ويتكلم معاه وكانت طيبته علامة مميزة فيه .. ده غير أنه من أقدم السواقين في (الموقف). ظهرت المشكلة لما ظهرالميكروباص الجديد... ميكروباص جديد جدًا وسواق جديد علينا بس مش جديد قوي يعني واللي عرفناه إن السواق القديم بيحترم وبيقدّرالسواق الجديد... وكأي حاجة جديدة جذَب الميكروباص الجديد ناس كتيرمن زمايلنا من الشركة.. وليه لأ ؟ الميكروباص حالته كويسة جدًا والسواق الجديد عارف تفاصيل الطريق كويس جدًا، ده غير أنه عارف الحتت اللي فيها قُطّاع الطرق وبيعرف ساعات يفلت منهم، ناهيك طبعًا عن الشاشة اللي مركبها واللي بتشغل حاجات من النوع اللي ياكل عقل الراكب. وأصبح الحال يا سادة مختلف عن الأول.. الناس اللي في الشركة انقسموا ما بين ناس أصرّت تركب مع السواق القديم بدعوة أنه (سواق من قلب الموقف) وأنهم واثقين فيه أكترمن السواق الجديد، وناس تانية فضلت معاه علشان هما من النوع اللي بيحب يقعد جنب السواق لأنهم متأكدين إنهم مش هيعرفوا يقعدوا جنب السواق الجديد لأنه ما بيقعّدش أي حد جنبه، فالأضمن ليهم أنهم ياخدوا مكان جنب السواق القديم وأهوعصفور بالأيد أفضل حتى لو كان عصفورضعيف.. أما الفريق التاني ففَضَّل أنه يركب مع السواق الجديد لأسباب كتيرة منها (الإبهار اللي جوا العربية والاطمئنان اللي حاسين بيه معاه أكترمن الأول – على حد قولهم مع أنه عمل بيهم أكتر من حادثة – وأنه "الأجدر" بالركوب معاه في الفترة الحالية)، وبرغم أنه بياخد منهم الأجرة مضاعفة .. بس ده على قلبهم أحلى من العسل. وهو ده الواقع اللي بلاقيه كل يوم لمّا أخلّص شغل في الشركة .. يا أركب الميكروباص القديم بكل عيوبه اللي عارفها أنا وغيري من اللي أعتادوا الركوب فيه، يا إما يتقال عليّا أني رافض الركوب لمجرد إني معرفتش أحجز مكان جنب السواق .. يا أركب الميكروباص الجديد لمجرد إنه جديد وبديل وأستمتع بالشعورالزائف بالإطمئنان والآمان وأسيب اللي بيتعرض على الشاشة اللي جواه يسيطرعلى عقلي، يا أما يتقال عليا أني مش عايز أدّي السواق الجديد فرصته علشان يثبت أنه أحسن سواق يودينا في داهية قصدي (الموقف). ووسط التفكير اليومي في المشكلة والإختيارات المتاحة كان الميكروباص الجديد إتملا على الآخر خلاص والسواق الجديد قرر يطلع بالركاب، وبَصّ للي واقفين زيّ حالاتي وقال وهو بيرمي سيجارته من الشباك: " أبقوا خدوها مَشّي لحد (الموقف) .. المشي رياضة ده غير إنه توفير للمصاريف".... أما بقى الميكروباص القديم فسواقه قرر يطلع بيه وخلاص برغم إنه ناقص له ركاب. أما أنا واللي زيّي من الناس اللي لا عاجبها الميكروباص ده ولا ده ففضلنا واقفين!!.. فضلنا واقفين مع أننا عارفين إن ما فيش ميكروباص تالت جاي وإننا ممكن ناخدها مَشي لحد (الموقف)، ولكن قبل ما نتحرك لاحظنا حاجة... كمية بنزين كبيرة جدًا موجودة مكان كل ميكروباص.. الظاهركده إن المكيروباصين كان بيسربوا بنزين وما أخدوش بالهم.. بصينا لبعض وضحكنا لما عرفنا إن ولا ميكروباص منهم هيوصل للموقف. وفضلنا ماشيين على الطريق للموقف بنسلّي بعض بأغاني كنا بنغنيها كل يوم في طريقنا.. فضلنا نغنّي ساعات وأحنا ماشيين لغاية ما لمحنا من بعيد شكل ميكروباصين واقفين حفظنا شكلهم من كتر ما شوفناهم .. بس المرة دي هنعديهم.. وهنكمّل طريقنا لحد (الموقف) من غيرهم لأن لا ده هيوصل ولا ده هيوصل.. يبقا نحاول نوصل إحنا من غيرهم.