سعر سبيكة الذهب اليوم الخميس 12-6-2025 بعد الهبوط الجديد    إعلام عبري عن «ويتكوف»: صواريخ إيران تهدد وجود أمريكا وإسرائيل    خالد سرحان يعلق على بيان ورارة الخارجية بشأن دخول الوفود الأجنبية قطاع غزة: اسمها الدولة المصرية    رابط نتيجة الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني في محافظة الشرقية 2025 بالاسم ورقم الجلوس    طقس اليوم: شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 36    أعلى مستوى لها.. ارتفاع أسعار النفط وسط مخاوف من التوتر بين أمريكا وإيران    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 12 يونيو 2025    أسعار الفراخ اليوم الخميس 12-6-2025 بعد التراجع الجديد.. وبورصة الدواجن الرئيسية اليوم    ب"حظاظة غزة" الشهيرة، ريبيرو مدرب الأهلي يدعم القضية الفلسطينية (صور)    كمال الدين رضا يكتب: بطولة المليار دولار    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 12 يوينو 2025    سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه الخميس 12-6-2025 بعد هبوطه في 9 بنوك    بعد تبرعه بنصف مليون جنيه، نجيب ساويرس يواسي نجل شهيد الشهامة خالد عبد العال (فيديو)    مصرع فني تكييف أثناء عمله في قنا    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم..مدحت نافع: 3 أسباب تؤكد إيجابية قرار تخصيص أرض البحر الأحمر لخفض الدين العام .. الشيخ أحمد الصباغ تعليقًا على متصلة: «أنا عاوز أصوت على الهواء»    جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة.. مواجهتان في كأس عاصمة مصر    الكنيست الإسرائيلي يصوت على حل نفسه.. ونتنياهو يضغط على الحريديم    السيطرة على حريق شب داخل عقار سكني بمصر القديمة    أثار البلبلة بمنشور غامض، أول قرار من الزمالك ضد أحمد حمدي    النجمة المكسيكية لين ماي دمرت حياتها بسبب أختيار خاطئ    3 شهداء في قصف الاحتلال خيمة في مواصي خان يونس    العرب في عصر المعرفة.. مصر (3)    منطقة المنوفية الأزهرية تعلن أسماء أوائل الشهادة الإعدادية للعام الدراسي 2024/2025    منطقة المنوفية الأزهرية تعلن أسماء أوائل الشهادة الابتدائية للعام الدراسي 2024/2025    ننشر أسماء أوائل الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالفيوم    حسن الرداد يرد على سخرية سفره لتشجيع الأهلي في كأس العالم للأندية (فيديو)    مسلم يعلن تعرض زوجته لوعكة صحية ونقلها إلى المستشفى    "عندها 15 سنة".. قرار جديد من النيابة بشأن عروس متلازمة داون بالشرقية    الآن حان دوركم لتدافعوا عن أمريكا حتى أقاصي الأرض، ترامب يقرع طبول الحرب بفيديو للجيش الأمريكي    كاميرا وتسلل ذكي و8 ثوان للحارس، تعديلات تحدث ثورة تحكيمية بمونديال الأندية 2025    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    فيرمينو يتلقى عرضا من الدوري القطري    ترامب: لن نتهاون مع الفوضى وسنُعيد قوة الولايات المتحدة سريعًا    «الفشة» ليس لها أي أضرار أو تأثيرات سلبية على صحة الدماغ أو القلب    نقيب المحامين يدعو مجلس النقابة العامة و النقباء الفرعيين لاجتماع السبت    خلافات أسرية.. وفاة شخص وإصابة شقيقه في مشاجرة مع صهره بالفيوم    محافظ الدقهلية في زيارة مفاجئة لجمصة: رفع مستوى الخدمات استعدادًا للصيف    نائب محافظ دمياط تتابع معدلات تنفيذ مشروعات "حياة كريمة"    خاص| الدبيكي: لجنة قطاع العلوم الصحية تبدأ أولى خطواتها لإصلاح تطوير التعليم الصحي في مصر    صور| أسماء أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية في قنا    بعد تعافيه من عملية القلب، صبري عبد المنعم يوجه رسالة لجمهوره    international fashion awards" يُكرم منة فضالي بلقب "ملهمة الموضة fashion muse"    آكسيوس: نتنياهو يطلب وساطة أمريكا للتوصل إلى اتفاق مع سوريا    واشنطن بوست: احتمال انعقاد جولة تفاوض بين واشنطن وطهران مستبعد بشكل متزايد    ملف يلا كورة.. طبيب الأهلي يُطمئن ريبييرو.. عودة ميسي إلى ميامي.. وظهور غير معتاد لأحمد شوبير    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    مرتجي: تمنيت ضم زيزو منذ 3 سنوات.. وهذا ما قاله لي عن جماهير الأهلي    «الري»: الإجراءات الأحادية لإقامة السدود تُهدد الاستقرار    "هيكون نار".. تركي آل الشيخ يشوق متابعيه لفيلم الفيل الأزرق 3    الطب البيطري: نجاح عملية ولادة قيصرية لقطة بالغربية -صور    استشاري يحذر من قلة النوم وتأثيره على الصحة العامة    المخرج محمد حمدي ل«البوابة نيوز»: نجوم السوشيال ليسوا بدلاء للممثلين.. والموهبة هي الفيصل    هل لديك نظر حاد؟.. اعثر على حبات جوز الهند الثلاثة في 12 ثانية    وزارة السياحة: تنسيق محكم وخدمات متميزة لضيوف الرحمن    محافظ المنوفية: لا تهاون فى مواجهة مخالفات البناء والتعامل بحسم مع أى تعديات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمال السخرة ل«الوطن»: «الرزق» مغموس ب«الدم»
مئات «الصبيان والبنات» يتنقلون فى رحلة خطيرة يومياً على الطريق الصحراوى مقابل «15 جنيه يومية».. وعشرات من حكايات الألم والمعاناة
نشر في الوطن يوم 25 - 03 - 2014

على صوت أذان الفجر، يستيقظ عطية عبدالفضيل الرجل الأربعينى، ينتفض من مضجعه، ويوقظ ابنه الصغير «محمد» كى يصليا الفجر ويستعدا للخروج فى مهمتهم اليومية على سيارة العمالة التى تنتظرهم فى قريتهم الصغيرة التابعة لمركز أبوالمطامير بمحافظة البحيرة، يخرج «عبدالفضيل» من منزله مع ابنه الذى لم يبلغ الرابعة عشرة كى يسلمه لأحد المقاولين الذين يعملون فى مجال حصاد الفاكهة، «محمد» لم يلتحق بالمدارس لسوء الوضع المادى للأسرة المكوّنة من خمسة أفراد، يتوجّه «عبدالفضيل» إلى السيارة المرابطة أمام مدخل القرية حتى يستقل سيارة أخرى مع أحد المقاولين للعمل فى مزرعة طماطم بالفأس.. يتذكر الرجل، الذى خط الشيب فى رأسه، الحادث الذى طال 17 من أبناء إحدى القرى المجاورة لهم الذين حضر تشييع جنازتهم، منهم من كان يجاوره فى العمل بالمزارع، فقد حياته بسبب استقلاله وسيلة مواصلات غير ملائمة يستقلها هو يومياً فى رحلة عمله. يقول «عبدالفضيل»: «إحنا كل يوم معرضين للموت فى العربيات المكشوفة اللى بنركبها، إحنا عارفين أن العامل مننا لو مات مالوش دية، ومحدش هينصفه نهائى، لأنه عامل زى حدف الطوب كل شوية فى حتة، والعيال اللى ماتوا فى حادثة الصحراوى أعرفهم كويس، ومنهم واحد كان بيطلع معانا شغل، وشاب محترم، الله يرحمه، ويرحمنا لو كان مصيرنا زيه».
يصمت الرجل قليلاً حينما يلفحه تيار هواء السيارة التى بدأت فى التحرك صوب الطريق الصحراوى بالكيلو 71، ويستكمل «عبدالفضيل»: «إحنا لا ورانا أرض ولا فلوس وماحيلتناش إلا الصحة الحمد لله، أنا عندى 4 أولاد، منهم اتنين فى التعليم، واتنين طلعتهم من التعليم عشان يساعدونى فى العيشة، أنا كمان مش متعلم، وأبويا طلعنى من التعليم عشان مفيش فلوس ولا دخل، وكان لازم أشتغل عشان أجيب مصروف للبيت، والله غصب عنى إنى أطلعهم من المدرسة، المدارس مابتعلمش، ولو كان مخه بليد هيحتاج دروس ومفيش معايا فلوس للدروس، أنا باجيب القرش بالكوتة». ويضيف: «أنا ابنى بيشتغل فى اليوم ب15 جنيه أحسن من إنه يقعد فى البيت، الناس اللى بتقول حقوق الإنسان وحقوق الطفل، مش لما الكبار ياخدوا حقوقهم الأول ويعيشوا، العيال الصغيرة يبقوا يقولوا حقوق الطفل».
السيارة التى لا يتعدى صندوقها المترين تضم حوالى 15 عاملاً، كل فرد يحمل فأسه التى جلبها معه من منزله، ويحمل فى يده كيساً به قليل من الأغذية، عبارة عن رغيف من الخبز وبعض من ثمار الطماطم، يتخطى العاملون ظروفهم المادية والاجتماعية بالضحك وإلقاء النكات لتهوين مسافة السفر وكآبة المنظر.
يتحدث أمير غازى، العامل الثلاثينى الذى لم يلتحق بالتعليم لضيق ظروف أسرته المادية، وعمل فى مجال عمالة اليومية وعمالة الحصاد والزراعة منذ سن التاسعة، يقول «غازى»: «من وأنا عندى تسع سنين وأنا باخرج كل يوم الصبح الساعة ستة بعد صلاة الفجر عشان أشتغل فى المزارع والشركات اللى على الصحراوى، عشان أوفر قرشين لأهلى». يضيف الشاب القمحى الذى لفحت وجهه حرارة الشمس ويدارى ما تبقى من وجهه بشال أبيض اللون: «كل يوم باشوف على الطريق مهازل، كنت راكب عربية الشغل المكشوفة زى اللى أنا راكب فيها وطالع شغل، اتقلبت العربية وعملت حادثة والحمد لله جات سليمة وماحصليش حاجة، وطلعت تانى يوم على عربية تانية عشان لقمة العيش، أصل لو ماطلعتش أنا مش هلاقى آكل عيش ولا هاعرف أصرف على عيالى».
ترتفع سرعة السيارة حتى تصل إلى سرعة 140 كيلومتراً فى الساعة، يصمت العمال قليلاً لصعوبة التحدث بسبب تيار الهواء الشديد أعلى السيارة المكشوفة، بعد مرور أحد كمائن «الكارتة» التى يليها الطريق الصحراوى، يتجه سائق السيارة إلى إحدى المزارع بمنطقة النوبارية على نفس الطريق الذى تعرضت عليه سيارة العمال للحادث. نزل العمال إلى المزرعة لتقليم وإزالة الحشائش من أسفل شجر الطماطم الصغيرة. يقول عبدالفتاح صلاح وهو محنى الظهر ويمسك فى يده الفأس كى يمارس عمله تحت إشراف صاحب الأرض: «أنا يوميتى 50 جنيه، ودى أعلى يومية فى عمال اليومية فى الزراعة هنا، لأنها صعبة وشغل بالفاس طول اليوم، أنا بافضل حانى ضهرى من الساعة 8 الصبح لغاية الساعة 4 قبل المغرب».
يوكد أشرف سعد، مدير المزرعة التى يعمل فيها العمال بمنطقة النوبارية، أن أكثر فئة مظلومة فى شغل الصحرا كله العامل لأنه مهدور حقه مع المقاول الذى يستولى على نصف الأجر الذى يعطيه له صاحب المزرعة أو الشركة، لكنى لا أتعامل مع مثل هذه النماذج من المقاولين وأحضر العمالة بنفسى من بلدى بالنوبارية. يختلف المشهد كثيراً عن إحدى المزارع المجاورة فى منطقة بنجر السكر، التى تستجلب عمالة فى أعمار مختلفة، على مدخل هذه المزارع يوجد أعداد غفيرة تعمل فى حقولها، بين أعمار ال12 سنة حتى 16 عاماً، وتتعامل مع عدد من المقاولين يجلبون أطفالاً متسربين ومنقطعين عن التعليم، يومية العامل الطفل لا تتخطى العشرين جنيهاً، يقول حسام شرف الدين، طفل لا يتجاوز الثانية عشرة عاماً من قرية تابعة لمدينة أبوالمطامير، يعمل فى جمع الفاكهة فى إحدى المزارع: «أنا مادخلتش المدرسة، وشغال فى اليوم ب20 جنيه، باطلع من الدار الصبح الساعة ستة، عشان أشتغل وأدى لأمى الفلوس عشان تصرف علينا، عشان أنا أبويا ميت ومعايا إخواتى صغيرين».
يصمت الطفل قليلاً ويعود متحدثاً: أنا باحب الشغل، باجيب فلوس وأحس إنى راجل وأقدر أصرف على البيت».
يختبئ من حر الشمس الشديد، ينحنى بجسده النحيل الطفل ماجد صقر، لقطف حبات الفراولة من إحدى المزارع الخاصة، يبتسم فى خفة مع أحد زملائه العمال وهو يقول: أنا مابحبش المدرسة وباطلع أشتغل عشان أجيب فلوس لأبويا، أصل إحنا عيال كتير إخوات، وأبويا مامعاهوش فلوس يصرف علينا».
يقول المهندس يحيى عبدالغفار، مالك إحدى المزارع بالنوبارية إن شركات الاستثمار الزراعى التى تنتشر فى الظهير الصحراوى بمحافظة البحيرة بالنوبارية، أغلبها لا يشغّل الأطفال فى مواسم الحصاد، هذه الشركات لا يوجد عليها أدنى رقابة على استغلال الأطفال. يشير «عبدالغفار» إلى أن آلاف العمالة اليومية تنتقل على طرق خطرة فى وسائل مواصلات غير آدمية وتقع حوادث كثيرة لا يُعلم عنها شىء، ويموت فيها العشرات.
الأخبار المتعلقة:
رحلة الموت مع «أطفال التراحيل»
«عمالة الأطفال» الرأس ب20 جنيهاً
مدير «العمل الدولية»: عمالة الأطفال «ورقة ضغط» للغرب ضد مصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.