فى الوقت الذى دعت فيه الأممالمتحدة إلى إجراء استفتاء على تقرير مصير إقليم «جامو وكشمير» لإنهاء عقود من الصراع بين الهندوباكستان المتنازعتين على الإقليم، صعّدت «نيودلهى» الأزمة بإعلانها إلغاء وضع الحكم الذاتى للإقليم، ما يعنى فرض سيطرتها عليه، وردّت باكستان بطرد السفير الهندى لديها ووقف العلاقات التجارية، والتحذير من إبادة جماعية لسكان الإقليم المسلمين. ويتنازع البلدان على الإقليم، منذ أكثر من سبعين عاماً، حيث تسيطر الهند على نحو 43 بالمائة من الإقليم، فى حين تستحوذ غريمتها على 38 بالمائة. وتحت عنوان «رئيس وزراء الهند يغامر فى ملف كشمير»، نشرت وكالة الأنباء الفرنسية، تحليلاً حول قرار الحكومة الهندية، برئاسة «ناريندا مودى» بإلغاء الحكم الذاتى للقسم الهندى من كشمير، مؤكدة أنه يمكن أن يؤجج التمرد فى كشمير ويصعّد التوتر مع باكستان. وتابعت: «يشكل إلغاء الوضع الدستورى الخاص لجامو وكشمير فى شمال الهند، ذات الغالبية المسلمة، الترجمة الأكثر تعبيراً عن البرنامج القومى الهندوسى لرئيس الحكومة الهندى منذ إعادة انتخابه فى مايو». وقالت «فرانس برس» إن الانتشار الأمنى الكثيف والتعتيم الكامل، الذى فُرض على القسم الهندى من كشمير هذا الأسبوع، والذى بلغ حجماً لا سابق له فى هذه المنطقة المعتادة على العمليات العسكرية وحظر التجول، يؤكد المخاطرة، التى تقوم بها الهند. الحكومة الهندية ترسل حشوداً عسكرية لمنع ثورة فى الإقليم ونشرت السلطات الهندية عشرات الآلاف من عناصر القوات شبه العسكرية كتعزيزات منذ بداية الشهر فى كشمير، بالإضافة إلى نحو نصف مليون من عناصر الأمن التابعين لها فى الإقليم. وبعد تصاعده فى تسعينات القرن الماضى ثم تراجعه، يشهد التمرد فى كشمير ضد الهند ارتفاعاً منذ 2016. ويخشى سكان كشمير أن يؤدى حصر الأهالى الذين تعادى غالبيتهم سياسة الهند، إلى تأجيج مشاعر الاستياء. ولا تتوقف دعوات الأممالمتحدة لإجراء تحقيقات دولية حول انتهاكات حقوق الإنسان فى كشمير، وتصف تقارير المنظمة الدولية حول الأوضاع فى الإقليم ذى الأغلبية المسلمة بأنها «معاناة لا توصف لملايين البشر». وقال أول تقرير لمفوض الأممالمتحدة السامى لحقوق الإنسان حول الإقليم، الذى صدر العام الماضى إن «استخدام القوة المفرطة من قبل القوات الهندية أسفر عن مقتل أو تدمير حياة العديد من الأشخاص». وأضاف: «أدى هذا الإفلات التام تقريباً من العقاب، إلى عرقلة التحقيقات فى حالات الاختفاء القسرى أو الطوعى»، مشيراً إلى وجود مقابر جماعية فى الولاية وجرائم الاغتصاب الجماعى للنساء فى الإقليم من قبل جنوب القوات شبه العسكرية، التى تسيطر عليه. ويحيى الكشميريون والباكستانيون فى شهر فبراير من كل عام ذكرى يوم «جامو وكشمير الأسود»، وهو يوم الاحتلال الهندى للإقليم عام 1947، ويشمل الاحتفال عرض الانتهاكات الحقوقية التى يتعرض لها سكان الإقليم، كما تشارك منظمة «التعاون الإسلامى» فى إحياء هذا اليوم وتؤكد دعمها الثابت للشعب الكشميرى فى كفاحه العادل من أجل تقرير مصيره. ومنذ 1989 قُتل أكثر من 100 ألف كشميرى، وتعرضت أكثر من 10 آلاف امرأة للاغتصاب، فى الشطر الخاضع للهند، بحسب جهات حقوقية، مع استمرار أعمال مقاومة مسلحة من قبل جماعات إسلامية ووطنية. وشهد الصراع بين الهندوباكستان اشتباكات عسكرية كثيرة، أشدها خطورة حربا 1965 و1971، إلى جانب الحرب التى اندلعت فى العام 1948، ما أسفر عن مقتل نحو 70 ألف شخص من الطرفين. سفير باكستان فى القاهرة ل"الوطن": الحرب انتحار للطرفين.. وقرار الهند تعدٍّ على الشرعية الدولية وعلى حق الإقليم فى تقرير مصيره وقال السفير مشتاق على شاه، سفير باكستان فى القاهرة ل«الوطن» إن القانون الدولى ينظر لإقليم كشمير على أنه منطقة متنازع عليها، وفقاً للأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، والعالم كله يعترف بهذا الوضع، وهو ليس قراراً داخلياً للهند، وليس من حقها تعديل وضعية الإقليم فى دستورها، كما حدث قبل أيام، فهذا الإقليم ليس جزءاً من الهند، وقرارها الأخير يعنى الاستيلاء عليه، وبالتالى لا بد أن يتحمل المجتمع الدولى مسئوليته كاملة تجاه ذلك. وأوضح السفير الباكستانى أن هناك حالة رفض شعبى كبيرة فى كشمير، للقرار الهندى، ما جعل السلطات الهندية ترسل قوات كبيرة للإقليم لمنع ثورة شعبية، وفرضت إقامة جبرية على الناس وحظر تجول، وألقت القبض على عدد كبير من قيادات الإقليم المسلمين، ونشرت عشرات الآلاف من القوات، لأنها تعلم أن الشعب الكشميرى يرفض القرار وتتوقع أن يكون له رد فعل قوى ضده. وأضاف السفير أن بلاده تتحرك عبر جميع المنابر الدولية، وتريد أن ترفع صوتها ليصل للجميع، مشيراً إلى أن وزير الخارجية الباكستانى شاه محمود قريشى، دعا الأممالمتحدة إلى عدم الصمت حيال ما يحدث فى جامو وكشمير، وأرسل خطابات للجمعية العامة للأمم المتحدة، وللأمين العام، ولمجلس الأمن، يطالبهم بمنع الهند من المضى قدماً فى قرارها. "إسلام أباد" تلجأ إلى الأممالمتحدة واعتبر سفير إسلام أباد لدى مصر، أن القرار يمثل استمراراً لسياسة حزب رئيس الوزراء الهندى المتشدد، وهو الحزب الذى قتل «غاندى» فى الماضى، مؤكداً أنه ليس بإمكان رئيس الوزراء المتشدد تغيير وضعية نزاع دولى وإقليم متنازع عليه، يجب أن يحصل على حقه فى الحرية وتقرير مصيره. وأشار إلى أن هذا السلوك من جانب الحكومة الهندية يحفز الصراعات فى المنطقة، ويؤدى إلى عدم الاستقرار فى جنوب آسيا. تقارير أممية: الهنود يرتكبون اعتداءات وحشية ضد أهالى الإقليم والجرائم تشمل تعذيب وقتل السجناء واغتصاب النساء ووجهت باكستان خطابات للأمم المتحدة تشير إلى انتهاكات الهند لحقوق الإنسان ضد الشعب فى ولاية «جامو وكشمير»، التى تتمثل فى القتل داخل السجون والتعذيب واغتصاب النساء. وأكد خطاب وزير الخارجية الباكستانى إلى الأممالمتحدة، أن هذه الانتهاكات «الجسيمة» و«الممنهجة» يدعمها القانون الهندى، وتستمر بحصانة واضحة من قوات الأمن فى المنطقة. وطالب القريشى الأممالمتحدة برفع صوتها ضد عنف السلطات الهندية والموثقة لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان. وبدورها، قالت الولاياتالمتحدة إنها تدعم الحوار المباشر بين الهندوباكستان، بشأن إقليم كشمير المتنازع عليه، ودعت إلى الهدوء وضبط النفس مع تصاعد النزاع. من جانبها، أعربت الهند عن أسفها على قرار باكستان بطرد السفير الهندى، وتخفيض العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وقال بيان لوزارة الخارجية الهندية إن التطورات الأخيرة المتعلقة بالمادة 370 هى شأن داخلى خاص بالهند. وإن دستور الهند كان وسيظل دائماً أمراً سيادياً، معتبرة أن السعى للتدخل فى هذا الاختصاص من خلال بث رؤية مثيرة للقلق عن المنطقة لن ينجح أبداً.