هذا المقالة هى رصد لواقع تعيشه الولاياتالمتحدةالأمريكية وهى الدولة العظمى التى بدأت نهضتها مع بداية توطينها للتكنولوجيا النووية فى بلادها ، فهى توضح للقارئ أن التخوف من المشروعات النووية غير وارد فى حسبان الولاياتالمتحدة ، وأن ثقافة الخوف ما هى إلا أكذوبة وشائعات هدفها ابعادنا عن امتلاك التكنولوجيا النووية . بدأت الخبرة الأمريكية فى المشروعات النووية لتوليد الكهرباء عام 1955 مع تشغيل أول مفاعل نووى " BORAX – III" قدرة 2 ميجا وات لإنارة أول مدينة "Arco" بالكهرباء في ولاية إيداهو ، وتعتبر الولاياتالمتحدة اليوم أكبر منتج للطاقة النووية في العالم ، فهى تنتج ما يمثل أكثر من 30٪ من توليد الكهرباء من الطاقة النووية على مستوى العالم . فى عام 2013 كان إجمالى الطاقة الكهربائية المولدة فى أمريكا هو 4300 مليار كيلو وات ساعة وكان متوسط نصيب الفرد من الطاقة الكهربائية هو 13536 كيلو وات ساعة فى حين أن متوسط نصيب الفرد من الطاقة الكهربائية المولدة فى مصر هو 1768 كيلو وات ساعة، بمعني أن نصيب الفرد في أمريكا من الطاقة الكهربائية أكثر من سبعة أضعاف نصيب الفرد في مصر. وتعتمد سياستها فى انتاج الكهرباء على تنوع مصادر الطاقة حتى يمكن تحقيق التوازن بين تكلفة إنتاج الكهرباء والاتاحية والآثار البيئية ، وتشارك المحطات النووية وعددها 100 محطة نووية منها 65 محطة من نوع الماء الخفيف المضغوط PWR و 35 محطة من نوع الماء الخفيف المغلى BWR بنسبة 19 % فى توليد الكهرباء ، كما تشارك محطات الفحم بنسبة 38% وتشارك محطات الغاز بنسبة 30% وتشارك محطات الطاقة المائية بنسبة 7% وتشارك محطات طاقة الرياح بنسبة 3% وتشارك محطات البترول ومحطات الطاقة الشمسية بنسبة 3%. والطاقة النووية تلعب دورا هام وحيوى فى أقتصاد الولاياتالمتحدة لأنها الخيار الوحيد المتاح لتغذية الحمل الأساسى ، فهى تستطيع توليد كميات كبيرة من الكهرباء ذات تكلفة معقولة وموثوقية عالية وبالاضافة الى كونها طاقة نظيفة ، وتعتبر الطاقة النووية جزء أساسي من أمن الطاقة في أمريكا وهى المحرك الاقتصادي القوى الذي يوفر 100.000 وظيفة ذات رواتب عالية تزيد تزيد بمقدار 36 % عن متوسط الرواتب الأخرى بالأضافة الى انها توفر من 40 الى 50 مليار دولار سنويا من مبيعات الكهرباء والإيرادات ، ومن خلال هذه الإيرادات تقوم شركات المحطات النووية بشراء أكثر من 14 مليار دولار سنويا من المواد والوقود والخدمات من الموردين فى الولاياتالمتحدة ، كما أن هناك حوالي 25000 فرصة عمل جديدة في مجال المحطات النووية حيث أن 39 % من القوى العاملة فى المجال النووى ستكون مؤهلة للتقاعد بحلول عام 2016. احتياج أمريكا من الطاقة الكهربائية الاضافية بحلول عام 2040 يقدر بحوالى 28% من قيمة الطاقة الكهربائية المولدة حاليا ، وهذا يحتاج بناء المئات من محطات توليد الكهرباء الجديدة لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء واستبدال البنية التحتية المتقادمة. حاليا تتركز خطط الولاياتالمتحدة على ثلاث محاور وهى : المحور الأول وهو زيادة عمر المحطات النووية الشغالة حاليا ، فالاستعدادات قائمة في هيئة الرقابة النووية الأمريكية NRC لإصدار تراخيص تمديد تشغيل للمحطات النووية لأكثر من 60 سنة حيث أن فترة التشغيل 40 سنة الأصلية كانت مرتبطة مع حسابات استهلاك رأس المال ولم ترتبط بحسابات تصميم المحطة النووية ، وقامت حتى الآن بتجديد تراخيص تشغيل عدد 72 محطة نووية من أصل 100 محطة شغالة ، وجارى الآن العمل فى مراجعة تجديد تراخيص باقى المحطات وعددهم 18 محطة ، وكان أول ترخيص لتمديد فترة التشغيل لأكثر من 40 سنة قد صدر للمحطة النووية "كلفرت كليفس" (Calvert Cliffs 1&2 وهي تضم محطتين نوويتين قدرة المحطة الواحدة 850 ميجا وات) وكان ذلك في شهر مارس 2000 ، واعتبارا من نهاية 2013 فهناك عدد 20 مفاعل تكون قد دخلت فترة التمديد للتشغيل ما بين 40 الى 60 سنة. المحور الثانى وهو انشاء محطات نووية جديدة ، وجارى العمل حاليا فى انشاء عدد 4 محطات نووية جديدة ، فهناك خطة تتضمن انشاء العشرات من المحطات النووية لتوفير طاقة كهربائية رخيصة ونظيفة لتلبية متطلبات خطط التنمية ، وكذا فان تشغيل المحطة النووية يوفر من 400 - 700 وظيفة دائمة ، كما أنه يمثل استثمار يتراوح ما بين 6 الى 8 مليار دولار (اعتمادا على حجم المحطة) شاملا الفوائد أثناء التنفيذ ، وتزداد العمالة اثناء التشيد حتى تصل إلى 3500 عامل ، وبناء محطة نووية يتطلب الى ما يقرب من 400000 متر مكعب من الخرسانة و 66000 طن من الحديد و 71 كيلومتر من المواسير و 483 كيلومتر من الأسلاك الكهربائية و130000 من المكونات الكهربائية. منذ عام 2005 ومع بناء محطات جديدة فقد وفرت الشركات الأمريكية ما يزيد على 15000 وظيفة جديدة فى الصناعة والخدمات الفنية وفى مجالات الخدمات الهندسية وتصنيع المكونات بما في ذلك الطلمبات والضواغط وأوعية الضغط والصمامات والأنابيب والمبادلات الحرارية والعوازل وفاصل الرطوبة. المحور الثالث هو الاستفادة من التوسع في استخدام الطاقة النووية الحالية في جميع أنحاء العالم ، فبفضل هذه التوسعات فإن الولاياتالمتحدة أصبح لديها فرصة فريدة لتجديد قطاع التصنيع النووى من خلال الاستثمار فى مجالات تعتبر اعلى مستويات التطور فى الصناعة والعمليات لتصنيع معدات ومكونات عالية الدقة وعالية الجودة للتكنولوجيا النووية ، فالطلب على هذه السلع والمكونات و الخدمات يوفر فرصة التصدير ، والشركات الأمريكية قد حجزت بالفعل طلبيات لتصدير بمليارات الدولارات من المعدات والخدمات ، بما في ذلك مولدات وطلمبات تبريد المفاعل وأنظمة القياس والتحكم ، فالمشاريع النووية الأربعة (AP1000) والتى تقوم شركة وستنجهاوس الأمريكية بتنفيذها حاليا في الصين وفرت أكثر من 15000 وظيفة في أمريكا. ومتوسط المرتبات السنوى لهذه الوظائف من هذه الصادرات وصل الى 84000 دولار وتشمل هذه الوظائف التصميم والأعمال الهندسية والتصنيع وتكنولوجيا المعلومات والنقل ، وعلى الرغم من أن المشروع النووى الأماراتى الذى يتم انشاءه حاليا من قبل كوريا الجنوبية ليس من المفاعلات الأمريكية ، إلا أن بنك التصدير والاستيراد الأمريكى قد وافق على قرض قيمته 2 مليار دولار لدعم صادرات الولاياتالمتحدة من السلع والخدمات لهذا المشروع ، والأمارات تعاقدت مع شركات أمريكية متعددة لتوفير خدمات فى إدارة البرامج والنظم الرقابية والتصميم والأعمال الهندسية والبيئة وأعمال الإشراف والتدريب ومنح التراخيص . وشركة وستنجهاوس أمدت المشروع بطلمبات تبريد المفاعل ومكونات المفاعل وعناصر التحكم والخدمات الهندسية والتدريب ، كما أن هناك شركات أمريكية أخرى تقدم أعمال هندسية إضافية وإدارة البناء ومراقبة الجودة وإدارة المواد والخدمات الرقابية ، ووفقا لتقديرات وزارة التجارة الأمريكية فأن كل 1 مليار دولار من صادرات الشركات الأمريكية تمثل من 5000 إلى 10000 وظيفة في الولاياتالمتحدة. الحمد لله الصورة أمامنا واضحة ومصر مازالت بخير فهي بلد الأمن والآمان وأبنائها قادرون على التعامل مع التكنولوجيا النووية وتوطينها في مصر وأبناء مصر قادرون علي تحقيق الأمنية الغالية في نهضتها.