مرة أخرى: لماذا يكره كل النشطاء وغالبية الإعلاميين وزارة الداخلية؟. هم فى الحقيقة لا يكرهونها إلى حد الرغبة فى زوالها.. وإلا فقدوا مورد رزقهم ومبرر وجودهم. لكنهم يريدونها داخلية «ناعمة وطرية وكلها حنية»، تتعامل مع القتلة والإرهابيين وأعداء الدولة بحياء بنت بنوت، وبأخلاق «إذا ضربك إرهابى على خدك فأعطه قفاك»، فوظيفة الإرهابى أن يقتل، ووظيفة الضابط أو الجندى أن يموت.. وكله طبعاً بالقانون!. مرة أخرى: من الذى جرأهم وقوّى شوكتهم على وزارة الداخلية؟.. ليست شجاعة مباغتة، ولا وطنية كامنة، ولا هو حياد أو موضوعية، بل مؤامرة 25 يناير. كل الخونة والمرتزقة وتجار الثورات وأصحاب المواقف المائعة والمخنثين سياسياً وخرتية وسط البلد وبلطجية العشوائيات وغيرهم من كلاب السكك.. أصبح لهم وزن وصوت وثمن بعد مؤامرة 25 يناير. كل النشطاء والحقوقيين الذين فتحوا بيوتاً ومحلات بقالة من فلوس التمويل الأجنبى، وتعلموا ركوب السيارات الفخمة والسهر فى فنادق خمس نجوم والتقلب فى أحضان بنات الليل.. أصبحوا مطالبين بتسديد هذه الفاتورة بعد مؤامرة 25 يناير. كل الإعلاميين الذين نافقوا نظام مبارك ولحسوا أحذية رجال «داخليته» ورجال أعماله وأعضاء لجنة سياساته، ولحم أكتافهم من فتات موائد هذا النظام.. أصبحوا بعد مؤامرة 25 يناير دعاة مصالحة وحقوق إنسان، واستيقظ حسهم المهنى فجأة ليقفزوا على إرهاب الإخوان المنظم واليومى ويتفرغوا للتنديد ب«عشوائية» الداخلية واستخدامها المفرط للقوة. هناك صحف -قومية وخاصة- ومحطات فضائية يملكها رجال أعمال ينتمون إلى نظام مبارك.. تمتلئ بهذا النوع من الإعلاميين، وهم من البجاحة والتفاهة والشراهة والقدرة على التلون بحيث يستطيع أى مواطن عادى -وليس متخصصاً- أن يحددهم بالاسم، وأن يتلو عليك صفحات من ملفاتهم المشينة، وأن يضرب كفك بكفه وهو مذهول، وقد يلوشك فى السكة ويتهمهم فيك: «خربتوا البلد»!. وعلى كثرة هؤلاء وسعة انتشارهم أتوقف أمام حالة غريبة، أثارت وما زالت تثير جدلاً واستياءً، وتحيطها شكوك من كل ناحية، هى حالة «عمرو الليثى». أكل عمرو الليثى على كل الموائد، ولم يجلس فى بيتهم يوماً واحداً بلا عمل، لا فى عصر مبارك، الذى شهد بداية نجوميته الزائفة، ولا أيام إدارة المجلس العسكرى بعد مؤامرة 25 يناير، ولا فى ظل حكم جماعة الإخوان الإرهابية التى كان واحداً من طاقم مستشارى رئيسها الخائن، ولا بعد ثورة 30 يونيو التى طهرت البلد من آثار الإخوان، ولا يؤخذ عليها سوى أنها تركت فلولهم من النشطاء والإعلاميين يرتعون فى الأرض والفضاء كفئران السفن!. لا أظن أن لدى عمرو الليثى من الموهبة أو الحرفية ما يؤهله ليكون رجل كل هذه المراحل على اختلاف شروطها ومقتضياتها، ولا أعرف -وهذا هو المهم- من الذى يسنده ويفرضه على أصحاب المحطات الفضائية: هل شخص نافذ، أم جهاز أمنى أو سيادى، أم أن لديه قدرات خارقة لا تظهر إلا فى غرف مغلقة؟. آخر كوارث عمرو الليثى هى استضافة كائن حقوقى بغيض وقبيح وقليل أدب - مساء الاثنين الماضى على فضائية «الحياة» - يدعى «جمال عيد»، يرأس منظمة حقوقية يمولها، ويمول صاحبها طبعاً، يهودى يدعى «جورج سوروس». هذا الكائن البذىء سبق أن وصف نساء مصر اللاتى يؤيدن السيسى بأنهن «يتحرقن شوقاً لكشف العذرية»، مع أن المؤكد أن له فى هؤلاء المتحرقات أقارب وأصدقاء. هذا الكائن يأكل ويشرب ويتنفس ويتقيأ كراهية للجيش، وللداخلية بصورة أخص. هذا الكائن بوجهه المصبوغ بالغل والسواد، يبدو فى عدائه للداخلية كمن مر فى طفولته بتجربة انتهاك براءة من قِبل ضابط أو مجند يشبه باسم سمرة فى «عمارة يعقوبيان»!. ومع ذلك فالعتب ليس على هذا البذىء، المحاط بكل أنواع الشبهات.. بل على مَن استضافه فى برنامجه، وعلى صاحب الفضائية الذى تعاقد مع المذيع الذى استضافه. العتاب ليس على هذا المخلوق البشع، بل على الدكتور سيد البدوى الذى شوه «الحياة» بهذا «الليثى» وجعلها منصة للتطاول على أجهزة الأمن وهى تخوض واحدة من أشرس معاركها. أخشى أن أقول إن هجوم الإعلاميين على الداخلية لن يتوقف إلا إذا اغتال الإرهابيون أحدهم، فحتى «خالد داود» الذى قطع الإخوان شرايين معصمه لم يرتدع ولم يتوقف عن النحنحة والتغنى بأكذوبة المصالحة.